أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Mar-2020

تباين المواقف حول الإجراءات الاقتصادية المطلوبة لمواجهة تداعيات كورونا قد يهدد وحدة الاتحاد الأوروبي

 أ ف ب: سلط انتشار فيروس كورونا الضوء على الانقسام العميق داخل الاتحاد الأوروبي بين الدول الغنية وسائر الدول الأخرى، فيما يرى محللون أن التضامن القوي بينها وحده يمكن أن يسمح بالتغلب على الكارثة الاقتصادية التي تلوح في الأفق.

وكانت الدول الأعضاء قد تعهدت بوضع خطة اقتصادية منسقة رداً على الأزمة خلال الأسبوع الماضي بعد أن فضلت كل منها في البداية اعتماد سياسات وطنية. لكنها لم تتمكن من اتخاذ أي خطوة بهذا الشأن. فيوم الثلاثاء، أعاد وزراء المالية الكرة إلى قادتهم … الذين طلبوا بعد قمةٍ عقدوها الخميس من الوزراء أنفسهم وضع تدابير جديدة خلال 15 يوماً، في غياب توافق في الآراء.
ويقول المؤرخ الاقتصادي إريك موريس، من مؤسسة «روبرت شومان»، معلقا على ذلك «أعادت القمة رسم صورة معسكرين في أوروبا: الشمال ضد الجنوب». وبعبارة أخرى، ارتسم تعارض بين البلدان التي تحقق التوازن بين مواردها المالية ونفقاتها، والتي هي بالنتيجة الأكثر قدرة على مقاومة الأزمة، والدول المتهمة بالتراخي المالي، مثل إيطاليا واسبانيا، التي يُرجح أن تتعرض لانتقادات شديدة بسبب ديونها المرتفعة والتي تدعو إلى تضامن مالي أكبر بين الدول الأعضاء.
ولقيت دعوات «الدول الأقل انضباطاً ماليا» لإنشاء «أداة للاقتراض المشترك» بين الدول التسع عشرة التي تبنت العملة الموحدة (يورولاند) اصطُلح على تسميتها «سندات كورونا»، والتي تدعمها فرنسا، رفضاً من طرف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ونظيرها الهولندي مارك روتي. فهما لا يريدان بأي حال تحميل بلديهما وزر ديون البلدان الأقل انضباطاً.
 
التضامن للتغلب على الأزمة
 
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلات صحافية نشرت في نهاية الأسبوع «لن نتغلب على هذه الأزمة بدون تضامن أوروبي قوي، على المستويين الصحي والمالي».
وتكتسب التوترات حالياً حدة أكثر من أي وقت مضى. فقد انتقد رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا موقف هولندا «المشين» التي تعتزم الطلب من المفوضية الأوروبية التحقيق في «عدم توفر هامش في ميزانيات بعض الدول الأوروبية يسمح لها بالتصدي للأزمة.
كما دعا رئيس الوزراء الإيطالي غوسيبي كونتي إلى «عدم ارتكاب أخطاء فادحة» في مواجهة الأزمة، وإلا فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد سبب وجوده».
واعتبر في مقابلة مع صحيفة «إل سول 24» نُشرت أمس الأول أن «التقاعس سيترك لأبنائنا العبء الهائل لاقتصاد مدمّر». وأضاف «هل نريد أن نكون على مستوى هذا التحدي؟ إذن لنطلق خطة كبيرة، +خطة أوروبية للتعافي وإعادة الاستثمار+ تدعم وتنعش الاقتصاد الأوروبي كله». يقول إريك موريس «في أوقات الأزمات، من الصعب إيجاد تضامن»، ويضيف ملخصاً النقاش على النحو التالي «هل ألمانيا أو هولندا أو النمسا أو فنلندا تقف في خط واحد مفاده: سنفكر عمليا في ما هو ممكن لأن علينا أن نكون فعالين على المديين المتوسط والطويل، أم أنهم يرفضون الأمر من حيث المبدأ؟».
ويضيف أن «موقف ألمانيا هو: ليس علينا الزج بكل أدواتنا في الوقت الحالي. علينا أن نبقي شيئاً في الاحتياط. وهذا أمر يمكن فهمه».
وتابع القول «لا يمكن القول أنه لم يتم القيام بأي مسعى»، مستشهداً بخطة الطوارئ التي أعلنها البنك المركزي الأوروبي وتبلغ عدة مئات من مليارات اليورو، أو تعليق قواعد الانضباط المالي في ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي.
وتقول آن لور ديلات، المستشارة العلمية والخبيرة الاقتصادية في مركز «سيبي» للدراسات «أنا لا أرى حقا كيف يمكننا أن نكون على حافة الهاوية أكثر من أمس. إذا لم نكن قادرين، في مواجهة وضع كهذا وصدمة تلقيناها من الخارج، على القيام برد منسق وإيجابي، فما نفع أوروبا، سوى أن توجد سوقا كبيرة توزع المزيد من الأرباح على الشركات».
وتأمل هذه الاقتصادية أن تقوم أصوات معارضة في هولندا وفي ألمانيا تتمكن من «إبراز خطاب بديل يقول: انتبهوا، إذا تصرفنا بهذه الطريقة، فستكون نهاية أوروبا الموحدة».
لكنها تبدي «تشاؤما كبيرا» بعد فشل قمة رؤساء التحاد الأوروبي يوم الخميس الماضي، وتوضح «طالما لم يكن لدينا مؤسسة تتجاوز الحدود الوطنية قادرة على تحقيق التوافق، فلن ينجح الأمر».
وكتب آدم توز، المؤرخ الاقتصادي، في صحيفة «الغارديان» البريطانية «هذا الوقت نحن فيه بأمسّ حاجة إلى التضامن الأوروبي. إذا لم تتوحد القارة الآن، فقد لا ينهض المشروع الأوروبي مرة أخرى».
وأعرب عن خشيته من أن تواجه إيطاليا، الدولة الأوروبية الأكثر تضرراً من جراء فيروس كورونا الجديد، والتي تعد ديونها من الأعلى في الاتحاد الأوروبي، «كساداً اقتصادياً بالإضافة إلى كارثة إنسانية» إذا لم تحصل على دعم.
 
صندوق إغاثة لمنطقة اليورو
 
ولكنه استدرك بالقول أنه قد يتم التوصل إلى حل وسط حول «آلية الاستقرار الأوروبية»، وهي صندوق إغاثة لمنطقة اليورو، التي يمكن أن يتضمن قروضاً للبلدان التي تطلبها، من أجل طمأنة الأسواق.
في هذه الأثناء أعلنت رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أمس الأول أن المفوّضية (الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي) تعتزم اقتراح حزمة تحفيز اقتصاديّة جديدة لمساعدة التكتّل على التعافي من الأضرار الاقتصاديّة التي ستنتج عن فيروس كورونا.
وقالت في بيان «لضمان التعافي، ستقترح المفوّضية تغييرات في إطار العمل الماليّ متعدّد السنوات تسمح بمعالجة تداعيات أزمة فيروس كورونا». و»إطار العمل الماليّ متعدّد السنوات» هو الميزانية طويلة الأمد للاتّحاد الأوروبي. وأضافت «سيشمل ذلك حزمة تحفيز تضمن الحفاظ على التماسك داخل الاتّحاد من خلال التضامن والمسؤولية».
في الشهر الماضي، فشل قادة الاتّحاد الأوروبي في التوصّل إلى اتّفاق حول ميزانيّة الأعوام السبعة المقبلة من 2021 إلى 2027، ولم يتمكّنوا من الاتّفاق على ميزانية كل قطاع من القطاعات.
ومنذ ذلك الحين، تواصلت المحادثات للتوصّل إلى حلّ، تزامناً مع انتشار فيروس كورونا بشكل أكبر في جميع أنحاء أوروبا، لتُشكّل الوفيّات في دول الاتّحاد ثلثي الحصيلة الإجماليّة، أي أكثر من 21 ألف وفاة من أصل 30 ألفاً في مختلف دول العالم لغاية نهاية الأسبوع الماضي.
وهذا ما دفع قادة سياسيّين أوروبيين كثرين إلى تغيير نظرتهم، في وقت تُواجه دول الاتّحاد بأكملها احتمال الانزلاق نحو الركود بحلول نهاية العام.
فقد قالت فون دير لاين «المفوّضية ستشارك في هذه المباحثات، وهي مستعدّة للمساعدة في حال تلقّت الدعم من مجموعة اليورو». وأضاف «في موازاة ذلك، تعمل المفوّضية على مقترحات تتعلّق بمرحلة التعافي من ضمن المعاهدات القائمة».
وتضغط إيطاليا واسبانيا وفرنسا، الأكثر تضرّراً من انتشار الفيروس حتّى الآن، من أجل التوصّل إلى سبيل لتقاسم العبء المالي بشكل أفضل. لكنّ هولندا وألمانيا تتخوّفان من أن تستغلّ جاراتهما الجنوبيّة ذات الإنفاق الكبير الأزمة للدفع من أجل تشارُك الديون الحكوميّة في منطقة اليورو.