أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-May-2017

الأمن الصحي*د. رحيل محمد غرايبة

الدستور-يعد الأمن الصحي للمواطن أحد أهم مرتكزات الأمن الشامل للمجتمعات الإنسانية عامة، ولذلك فإن كل دول العالم تعتبر مهمة العناية بصحة المواطن من أعظم أولوياتها، لأنها قضية لا تحتمل الجدال، فهي فوق طاقة المواطن وقدرته على مواجهة عوارض الزمن القادمة لا محالة، وكلنا مهددون بطوارىء الأيام التي لا تفرق بين الصغار والكبار والفقراء والأغنياء.
 
لقد استطاعت الأردن أن تحقق تقدماً ملموساً وإنجازاً ملحوظاً في القطاع الصحي على مستوى المنطقة والإقليم العربي، واستطاع الطبيب الأردني أن يحقق مكانة مرموقة على سلم  التدريج العالمي، واستطاعت المستشفيات الأردنية أن تحتل مرتبة متقدمة أيضاً على صعيد تقديم الخدمة الصحية المتميزة، وكذلك صناعة الأدوية الأردنية المتقدمة، وأصبح القطاع الصحي الأردني يمثل احدى ميزات الأردن المعاصرة، إلى جانب الازدهار التعليمي، مما يحتم على الحكومة والمؤسسات العلاجية وكل العاملين في الحقل الصحي، بل ويحتم علينا جميعاً العناية بهذا القطاع على نحو يضمن تقدمه وازدهاره وتميزه، ويحول دون تعرضه لاشكالات وعوائق تعرقل مسيرته وتحد من إنجازاته في خدمة المواطن الأردني وفي خدمة الأشقاء العرب، حيث ينبغي أن تبقى السياحة العلاجية في الأردن أحد أعمدة الاقتصاد الأردني.
 
الجانب الأول في هذا المجال هو العناية بالقطاع الصحي العام، حيث ينبغي وضع خطة زمنية لترميم الجهاز الصحي الحكومي، وتطوير المستشفيات الحكومية والعناية بها، ورفع مستوى الخدمة العامة للمواطن، والقضاء على كل أشكال الترهل الإداري، ووضع حد لكل مظاهر التسيب التي تكون على حساب المريض وصحته، حيث أن المريض يكون في أشد حالاته ضعفاً ويكون في أشد أوقاته حاجة للمساعدة والعناية التي تحترم كرامته وتحفظ كينونته الآدمية.
 
الأمن الصحي الشامل يشكل إحدى حاجات الأفراد والمجتمعات الأكثر إلحاحاً، وتصل إلى مرتبة الضرورة، ويلحظ في الوقت الذي يتم فيه تقليص دور الدولة وتضييق مساحات سلطتها في فلسفة إدارة الدولة الحديثة المتبناه في العالم الغربي الذي ينتهج سياسة السوق والانفتاح الاقتصادي الذي يتعملق فيه القطاع الخاص، لكن الدولة بقيت تحتفظ  بإدارة قطاعي التعليم والصحة بشكل مركزي، لأن هذين القطاعين لا يحتملان الاستغلال الفردي الجشع، ولا يحتملان سيطرة المنطق التجاري وفلسفة الربح على حساب تعليم المواطن وصحته.
 
نحن بحاجة إلى إعادة النظر والتقويم في مسألة سطو الأثرياء وحيتان السوق على القطاع الصحي، بحيث يبقى القطاع الصحي بعيداً عن مسلك الاحتكار والاستغلال والأثراء الفاحش، وهذا لا يتأتى إلّا من خلال إعادة بناء القطاع العام الصحي بناءً سليماً معاصراً عن طريق رفده بالكفاءات الطبية المتميزة، وتوفير الأجهزة والمستلزمات الطبية، وذلك عبر إيجاد معادلة قادرة على الاستفادة من الأطباء وأصحاب الاختصاصات المتميزة في وزارة الصحة مع السماح لهم بالعمل في القطاع الخاص في آخر النهار، بحيث أن كل طبيب يؤدي خدمة معقولة في القطاع العام وفاءً لوطنه والتزاماً بخدمة شعبه، لأننا نجد أن القطاع العام قد تم إفراغه من التخصصات النادرة والكفاءات المتميزة وتسربت إلى الخارج أو إلى القطاع الخاص بسبب تدني الرواتب والمكافات نسبة إلى القطاع الخاص.
 
القضية الأخرى تتعلق بالتأمين الصحي الشامل الذي ينبغي توفيره لكل المواطنين بطريقة تحترم الإنسان وتصون كرامته، وتحترم ضعفه بطريقة حضارية تليق بسمعة الأردن ومكانته الصحيّة على مستوى الإقليم، وهذا ممكن وليس ضرباً من المستحيل، لأن المواطن مستعد لدفع ضريبة عالية نسبياً إذا كان يقابلها خدمة محترمة تتناسب مع ما يتحمله المواطن من تكاليف وضرائب.
 
نظام الاعتماد للمستشفيات والعيادات وكل المؤسسات التي تقدم الخدمة الصحية للمواطن، أمر جيد ومستحسن من أجل التزام هذه المؤسسات بالمعايير الأساسية لتقديم الخدمة الصحية، ومن أجل حرص القائمين عليها على التطوير والتحسين المستمر، لكن ينبغي أن يتم ذلك عبر مؤسسة محايدة ونزيهة، وعبر نظام عادل يضمن عدم الاختراق من الجهات الفردية والخاصة التي تحاول السيطرة على هذا القطاع، والتي تحاول  احتكار تقديم الخدمة بطرق التفافية، ومن خلال استغلال نفوذهم في تطويع القوانين والأنظمة لمصالح شخصية وأجندات غير نزيهة، مما يحتم على الحكومة أن تكون حريصة على ضمان تطبيق مبدأ الاعتمادية المطلوبة ولكن بطريقة نزيهة بعيدة عن الشبهات.