أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2019

استثمار رأس المال السياسي* د.باسم الطويسي

 الغد

مع بداية عام جديد، تبدو سلطات الدولة الأردنية أكثر انسجاما وفهما للبيئة السياسية المحلية والإقليمية، وأكثر قدرة على تقاسم الادوار والمهمات وادراك حجم وحساسية الظروف الاقتصادية والسياسية ومصادر التهديد مقابل ما تنطوي عليه هذه الظروف من فرص، يقود جلالة الملك هذه الحالة ضمن سلسلة من الخطوات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية كما عكستها نتائج الزيارات الأخيرة للولايات المتحدة والعراق وما تبعهما. 
لقد بقيت العلاقات الأردنية العراقية في السنوات الخمس الأخيرة تراوح مكانها خطوة إلى الأمام، وخطوة أو خطوتان إلى الخلف مع ضعف في المبادرة الأردنية مقابل حالة السيولة العراقية والريبة والشك وعدم تشكل اعتقاد سياسي ناضج في بغداد يدير السياسة الوطنية من خلال شبكات المصالح وحقائق الجغرافيا والتاريخ، ومع إعادة تشكيل النخب السياسية وفي المقدمة الرئاسات العراقية جاءت المبادرة الأردنية نحو بغداد في وقتها سواء في الزيارة الحكومية أو في الزيارة التاريخية لجلالة الملك والتي فتحت الطريق أمام الحكومة للسير قدما في استعادة الأسواق العراقية والدفع نحو التطبيق الكفؤ للاتفاقيات التي تمت، ونحن نعلم جميعا ان هذه الخطوة باتجاه العراق لن تكتمل بدون خطوة جريئة باتجاه دمشق، علينا قراءة حركة المصالح في الإقليم وما تمليه من وقائع، علينا أن ندرك حقائق ومحددات الجغرافيا السياسية في المنطقة قبل فوات الاوان فتأمين الجنوب السوري مصلحة وطنية أردنية ذات أولوية قصوى في هذا الوقت.
يتكرر الأمر في بعض التقدم الذي حققه رئيس الوزراء وفريقه الاقتصادي في التفاهمات الأولية مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية في الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة، التي استثمرت ايضا الأبواب التي فتحتها زيارة جلالة الملك الأخيرة، وعلى الرغم من الرفض الشعبي لسياسة المزيد من الاقتراض، إلا أن الظروف الاقتصادية واحتمالات التأثيرات السلبية لقانون الضريبة الجديد دفعت نحو إجراءات أخرى للحفاظ على الاستقرار النقدي مع الانخفاض المستمر للاحتياط النقدي. وبهذا الخصوص نحن بأمس الحاجة إلى سياسة واضحة ومعلنة للاقتراض والحاجة إلى إصلاح قانون الدين العام لا بل أن نتذكر أن هناك قانونا اسمه قانون الدين العام تم تجاوزه وتشويهه. 
صحيح أن الأردن يتمتع برأس مال سياسي كبير، ولكن قليلا ما استثمر أو وظف هذا المورد بشكل مثمر، إن كل ما نردده يوميا حول قوة القيم السياسية والثقافية التي دشنتها الدولة الأردنية وقيادتها عبر عقود من العلاقات التعاونية والسلوك السياسي الرشيد وسط بيئة صراعية ومعقدة من الدرجة الأولى يحتاج ان يتم تحويله الى مصالح حقيقية ومبادرات تنعكس على نوعية حياة الناس وهذه ابسط معاني السياسة سواء المحلية الدولية والاقليمية. 
أمام الأردن فرصة ثمينة هذه الأيام لتقديم صورة مختلفة وجديدة لمعنى العروبة والعمل القومي بعدما وصل العالم العربي إلى فقر استراتيجي وتفريغ من الثروات والقدرات في حالة غير مسبوقة، هذا الدور بات مطلوبا ومرغوبا في ملفات عديدة؛ السوري والليبي واليمني وحتى الخليجي؛ هذه الصورة متجذرة في الأداء السياسي الأردني القائم على دبلوماسية تعاونية وواقعية لا تصرف في التوقعات والآمال الكبيرة وتحافظ على وضوح سياسي مرتبط بوضوح أخلاقي جعل من هذه الدولة الصغيرة قوة سياسية مؤثرة في الأحداث وفي أزمات الإقليم علاوة على القيمة المضافة للوضوح الاخلاقي واحد امثلته الكبيرة هذا العمق الإنساني الذي جعل من هذا البلد الملاذ لكثير من المهجرين واللاجئين ولكل المظلومين والمطاردين رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة. 
الثراء السياسي كما يعني القدرة على إعادة تشكيل توقعات الناس، يعني القدرة على إعادة تشكيل توقعات الإقليم في دور الرشد والعقلانية السياسية في تشكيل مصدر مهم من مصادر القوة السياسية التي احتكرت على مدى أربعة عقود لصالح مراكز الثروات المالية التقليدية.