أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-May-2019

الليرة التركية في دوامة... و«المركزي» يقامر لإنقاذها

 الشرق الاوسط- سعيد عبد الرازق

غرقت الليرة التركية في دوامة الهبوط من جديد في بداية تعاملات الأسبوع أمس (الاثنين) مع عودة مخاوف المستثمرين من الضبابية السياسية التي يتوقع أن تستمر إلى موعد انتخابات الإعادة على منصب رئيس بلدية إسطنبول في 23 يونيو (حزيران) المقبل، في الوقت الذي عبرت فيه الحكومة عن أملها في ألا تطول فترة انهيار العملة بعد فصلين من الركود، كما توجهت إلى سد عجز الميزانية عبر السحب من احتياطيات البنك المركزي.
 
وهبطت الليرة التركية إلى مستوى 6.10 ليرة مقابل الدولار، متراجعة عن إغلاقها عند 5.99 ليرة للدولار يوم الجمعة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي. ويوم الخميس، بلغت العملة التركية أدنى مستوياتها في 8 أشهر عند مستوى 6.24 ليرة للدولار.
 
وتخلت الليرة عن مكاسب طفيفة حققتها أواخر الأسبوع الماضي بعدما قامت بنوك حكومية، من بينها بنك الزراعة، أكبر البنوك التركية من حيث الأصول، ببيع مليارات الدولارات لدعم الليرة المتهاوية. وارتفعت الليرة في التعاملات ليل الخميس، ملامسة مستوى 5.96 ليرة للدولار.
 
وقال مصدران لـ«رويترز» إن بنوكاً حكومية تركية باعت نحو 4.5 مليار دولار الأسبوع الماضي، بما في ذلك عمليات بيع كثيفة مساء الجمعة، لكبح انخفاضات تسبب فيها الأسبوع الماضي قرار إعادة انتخاب رئيس بلدية إسطنبول.
 
وسبق ذلك يوم الخميس، تشديد البنك المركزي السياسة النقدية بتمويل السوق بأسعار فائدة أعلى، ووقف التعاملات على البيع لمدة أسبوع (الريبو) لأجل غير مسمى.
 
وفقدت الليرة 15 في المائة أمام الدولار منذ بداية هذا العام، فيما يرجع أحدث نزول إلى قرار إلغاء التصويت في إسطنبول الذي جرى يوم 31 مارس (آذار)، والذي أسفر عن فوز مرشح حزب المعارضة الرئيسي (الشعب الجمهوري)، بفارق ضئيل عن مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب إردوغان.
 
وحاول البنك المركزي التركي، الخميس الماضي، رفع معدلات الفائدة عبر باب خلفي، بتجميده مزادات استرداد الملكية، مما يزيد تكلفة اقتراض المال من البنك المركزي أمام جهات الإقراض التجارية.
 
إلا أن التجار الذين فوجئوا بهذا الأمر عندما خاض البنك المناورة ذاتها قبيل الانتخابات المحلية التي أجريت في 31 مارس (آذار)، كانوا مستعدين هذه المرة، ونجحوا بصورة كبيرة في تغطية احتياجاتهم التمويلية. ويفسر ذلك المكاسب الطفيفة التي حصلت عليها الليرة، الخميس. وبحلول الساعات الأولى بعد الظهيرة، ارتفعت العملة بمقدار 0.8 في المائة فقط في مواجهة الدولار.
 
وتشكل المزادات اليومية لأموال الأسبوع الواحد السبيل الرئيسي أمام البنك المركزي لإمداد النظام المالي بالسيولة. ومن خلال وقفها، يخاطر صانعو السياسات بدفع تكاليف الاقتراض على المدى القصير نحو ارتفاع شديد مع تسابق البنوك على ضمان التمويل.
 
وكان هذا ما حدث خلال الشهر الماضي، عندما تفاقمت معدلات الفائدة أثناء الليل بمقدار 1.3 في المائة في لحظة ما. وبعد ذلك، وجد البنك المركزي نفسه مضطراً لاستئناف المناقصات لاستعادة النظام. وإذا لم يفعل ذلك مجدداً بحلول نهاية الأسبوع، يكاد يكون في حكم المؤكد أن المعدلات ستتحرك من جديد نحو الارتفاع الشديد، بحسب محللين.
 
ويعتبر المحللون أن الضغط على أسواق المال ليس السبيل المناسب لاستعادة الثقة في نظام مالي يئن بالفعل تحت وطأة الفوضى السياسية التي تتفاعل في البلاد. وأن الخاسر الرئيسي هو العملة، الأمر الذي سيزيد تقويض جاذبية تركيا أمام المستثمرين.
 
ويرى المحللون أنه إذا كان البنك المركزي التركي يرغب في ترك تأثير حقيقي على الليرة، فإنه بحاجة إلى رفع معدله الأساسي، وإظهار استعداده للتعامل مع التضخم الذي يضرب البلاد، وخرج عن حدود السيطرة. إلا أن هذا الأمر يبدو من غير المحتمل، على الأقل في الوقت الراهن. في الوقت ذاته، نقلت «رويترز» عن 3 مسؤولين اقتصاديين أن وزارة الخزانة والمالية التركية تعكف على مشروع قانون، سيطرح على البرلمان قريباً، لتحويل 40 مليار ليرة (6.6 مليار دولار) من الاحتياطيات القانونية للبنك المركزي إلى ميزانية الحكومة لدعمها. وقالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث علناً، إن عجز الميزانية أكبر من المتوقع.
 
وانزلق الاقتصاد التركي في حالة من الركود العام الماضي، للمرة الأولى منذ عشر سنوات، بعد أن تراجعت الليرة بشكل حاد وخسرت 30 في المائة من قيمتها. وتتعرض العملة لضغوط من جديد، وفقدت 15 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام الجاري، فيما يرجع جزئياً إلى مخاوف من استنزاف احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي والتي قد تصبح ضرورية في التصدي لأزمة أخرى.
 
واحتياطيات النقد الأجنبي منفصلة عن الاحتياطيات القانونية التي يجنبها البنك من الأرباح بموجب القانون لتُستخدم في ظروف استثنائية. وحتى نهاية 2018. بلغت هذه الاحتياطيات 27.6 مليار ليرة بحسب بيانات موازنة البنك.
 
وقال مصدر آخر مطلع إن الاحتياطيات القانونية للعام الماضي بالإضافة إلى احتياطيات العام الحالي تصل إلى رقم 40 مليار ليرة الذي ذكرته المصادر الثلاثة. وأضاف: «لدى البنك المركزي التركي نحو 40 مليار ليرة من الاحتياطيات القانونية. كان تحويل هذا المبلغ لميزانية الحكومة المركزية لعام 2019 مما يُعد ملائماً. هذه الخطوة تهدف لتحسين الميزانية وتعزيزها».
 
ومن غير الواضح بعد حجم الاحتياطيات التي قد يجري تحويلها في نهاية المطاف ولا ما إذا كان البنك المركزي سيخضع لأي متطلبات جديدة.
 
وسيكون التحويل هو الخطوة الثانية من نوعها التي تقوم بها أنقرة في الآونة الأخيرة لاستغلال أموال البنك المركزي من أجل تعزيز ميزانيتها. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي حول البنك نحو 37 مليار ليرة من أرباحه إلى الخزانة قبل الموعد المقرر بثلاثة أشهر.
 
وقال أحد المصادر: «لا أتذكر استخدام الاحتياطيات القانونية من قبل. هذه الطريقة توصلوا إليها للحيلولة دون مزيد من التدهور في الميزانية... يتطلب الأمر تشريعاً لتحويل الاحتياطيات القانونية للبنك المركزي. من المقرر إحالة التشريع الجديد للبرلمان قريباً».
 
وشهدت ميزانية تركيا عجزاً بلغ 36.2 مليار ليرة (أكثر من 6 مليارات دولار) في الربع الأول من 2019. وفقاً لبيانات وزارة الخزانة والمالية. ومن المتوقع أن يبلغ العجز 80.6 مليار ليرة (أكثر من 13 مليار دولار) بنهاية العام.
 
وقال وزير المالية التركي برات البيراق إنه يأمل في أن يتغلب الاقتصاد التركي على أزمة العملة التي نشبت العام الماضي عبر فصلين فقط من الانكماش.
 
وأشار البيراق، في مقابلة مع قناة «سي إن إن تورك» أول من أمس، إلى أداء تركيا خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008 حينما انكمش الاقتصاد 4 فصول متتالية، وقال: «آمل أن تتجاوز تركيا هذه الفترة بفصلين من الانكماش، وبأقل تأثير سلبي».
 
وانكمش الاقتصاد التركي 3 في المائة على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي 2018، بعدما تسببت أزمة العملة بخسارة الليرة نحو 30 في المائة من قيمتها. ويتوقع خبراء اقتصاديون انكماشاً لربعين آخرين على أساس سنوي.
 
وقال البيراق إن التضخم والتوظيف في تركيا سيتحسنان هذا العام، بينما ستنفذ الحكومة إصلاحات ضرورية دون تردد (يبلغ معدل التضخم حالياً 19.5 في المائة ومعدل البطالة نحو 14 في المائة).
 
وتابع أن تركيا، وبصفة خاصة من حيث التضخم والتوظيف، ستحقق مستوى أفضل، ومركزاً أكثر توازناً بنهاية 2019».
 
على صعيد آخر، أظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي ارتفاعاً ملحوظاً في احتياطيات تركيا من الذهب، حيث تقدمت 3 مراكز، لتحتل المركز 19 عالمياً، بعدما كانت تحتل المركز 22.
 
وقال المجلس في تقريره لشهر مايو (أيار) الجاري، إن احتياطيات تركيا زادت بواقع 31.5 طن لتصل إلى 293.6 طن، خلال شهر مارس (آذار) الماضي.
 
وتستثني البيانات التركية، احتياطيات الذهب التي تملكها المصارف التجارية والمحفوظة في البنك المركزي التركي بموجب آلية خيارات الاحتياطي. وتلتزم البنوك التركية، بموجب القانون التركي، بإيداع جزء من موجوداتها وودائعها لدى البنك المركزي، في خطوة احترازية تحسباً من أي مخاطر إفلاس.