ليس المطلوب فقط مراجعة قرار حظر يومي الجمعة والسبت، ولكن هناك قرارات عديدة من المهم مراجعتها انطلاقًا من مقتضيات اعادة الحسابات ودراسة مدى تحقيق تلك القرارات للغايات التي صدرت من أجلها. 

 

فإذا كانت الحكومة السابقة قد اجتهدت بأن الحظر الشامل ليومي الجمعة والسبت قد يساعد على تقليل أعداد الاصابات فعلى الحكومة الحالية أن تدقق فيما اذا كان الهدف قد تحقق أم لا.. وهل قلّت أعداد الاصابات بالفعل أم أنها آخذة بازدياد !!

 

وعلى الصعيد الآخر يجب دراسة الآثار السلبية ليومي الحظر الشامل على الاقتصاد الوطني.. فاذا كانت نتيجة المراجعة تبين مزيدًا من الاصابات ومزيدا من الخسائر الاقتصادية فلماذا التشبث بهذا القرار؟؟ 

 

وهنا أذكّر بتصريح وزير الصحة الجديد الدكتور نذير عبيدات حين قال «بأن لا فائدة من الحظر الشامل لاسبوعين اذا كنا سنعود بعده لحالة انفلات دون التزام بمقتضيات الوقاية الصحية».. وما ينطبق على الاسبوعين ينطبق بالضرورة على حظر اليومين من أن كلمة السر للوقاية من تزايد اعداد الاصابات تكمن بـ «الالتزام».. وهذا دور الحكومة والمواطنين وجميع المقيمين، فالحكومة لديها من الادوات ما يجعلها قادرة على فرض «الالتزام» طوعا أو كرها لمن ما زالوا يشككون بجدية أو حتى بوجود جائحة اسمها «كورونا».. فلندع لكل اعتقاداته وقناعاته ولكن لا بد من فرض القانون على الجميع وتفعيل تطبيق أوامر الدفاع في هذا الشأن.. كما قد آن الأوان على كل المواطنين ممن يتذمرون من الحظر الشامل أن يبادروا بالالتزام بمعايير الوقاية من الاصابة بهذه الجائحة، خاصة أن المطلوب لا يزيد على (كمامة + تباعد جسدي) والباقي معايير صحية ونظافة عامة من غسل للايدي ومعقمات وقفازات.. فهل من الصعب الالتزام بمثل ذلك للوقاية من أخطر من ذلك؟؟

 

ندرك أن لكل قرار ايجابيات وسلبيات، واذا كانت الايجابيات تفوق السلبيات في بداية القرار فمن الضروري التأكد من معايير (الربح والخسارة) لكل قرار بعد كل فترة.. والربح والخسارة هنا في ملفي (الصحة والاقتصاد) تحديدًا، وانعكاساتهما الاجتماعية. 

 

هناك قطاعات قليلة ربما تستفيد من حظر يومي الجمعة والسبت وفي مقدمتها: فرق التقصي الوبائي التي تنشط حركتها وتنجز اسرع واكثر من باقي ايام الاسبوع، اضافة الى فرق امانة عمان ومشروع الباص السريع، وربما بعض البلديات.. ولكن الحظر عموما يشكل حالة «شلل كامل» لكافة القطاعات الاقتصادية مما يعمق الخسائر ويقلل الايرادات ويزيد الانكماش الاقتصادي وعجز الموازنة ويساهم برفع معدلات البطالة، ويزيد في انهيار قطاعات وفي مقدمتها القطاع السياحي، الذي اعلنت الحكومة السابقة عن برنامج «سياحة داخلية» للمساهمة في تقليل الخسائر، ثم لم تلبث أن عطلته بالكامل بقرار عطلة «الجمعة والسبت» مصدر دخل السياحة الداخلية. 

 

قرار حظر «الجمعة والسبت» «شطب» السياحة الداخلية، فاقتربت نسب اشغال الفنادق في العقبة والبحر الميت والبترا وغيرها من المحافظات من «الصفر»، وأضرت بقطاعات النقل والمطاعم والمقاهي وغيرها. 

 

من أجل ذلك كله.. وبعد خوض التجربة، من المهم مراجعتها للاجابة عن سؤال: هل ساهم الحظر بتقليل عدد الاصابات الى درجة تستحق الثمن الذي يتكبده الاقتصاد الوطني؟!