أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2017

الأسهم تتجاهل الأزمة الكورية وتمضي في سبيلها
فايننشال تايمز -
هل البورصات تتجاهل التهديد من كوريا الشمالية؟ في الوقت الذي يُطلق فيه كيم جونج يون الصواريخ على اليابان، ويُهدد بضرب الأراضي الأمريكية، ويختبر قنابل هيدروجينية لا أرى كثيرا من المستثمرين يشعرون بالذعر أو يطلقون اللعنات. لماذا؟ النقاد يصفون ذلك بالتهاون. أنا أقول إنه عقلاني. على الرغم من الضجيج، إلا أن هذه ليست الحرب العالمية الثالثة. الأسهم تعرف ذلك.
تتعامل الأسهم مع الصراعات الثانوية منذ فترة طويلة. ولم يتسبب أي منها في فترات ركود هائل. لا الحرب الأهلية الإسبانية عام 1939، ولا اختبار القنبلة الذرية في روسيا في عام 1949، ولا حرب الأيام الستة في الشرق الأوسط عام 1967. ارتفعت الأسهم خلال حربي العراق، وصراع حزب الله مع إسرائيل في عام 2006، وحرب البلقان في التسعينيات وغيرها كثير.
وحدها الحروب العالمية هي التي كانت تبدأ الأسواق الهابطة. في عام 1938 التوترات التي تسببت في الحرب العالمية الثانية حالت دون الخروج من أزمة ائتمانية. وانخفضت الأسهم حتى عام 1942. الحرب العالمية الأولى كانت ساحقة بالمثل، لكن هذا كل شيء. الحروب مأساوية مهما كان حجمها، إلا أن الصراع الإقليمي عادةً ما يكون أثره ضئيلا للغاية على الاقتصاد العالمي على نحو لا يكفي لعرقلة التجارة على الصعيد العالمي.
الأمريكيون والبريطانيون والأوروبيون لا يقبعون في منازلهم مع الستائر مُغلقة بسبب ما يحدث في كوريا الشمالية. حتى الناس في كوريا الجنوبية واليابان يعيشون حياتهم اليومية بشكل اعتيادي. المناوشات والتهديدات لا يُمكن أن تتغلب على التجارة.
التوترات يُمكن أن تؤدي إلى التقلب، لكنها عادةً ما تنتهي بسرعة، حتى عندما يندلع صراع مُسلّح. إنها غالباً ما تكون حالة "بع الشائعات، واشتر الأخبار". وسرعان ما تُدرك السوق أنها ليست الحرب العالمية الثالثة. ثم تندفع الأسهم وهي في حالة من الارتياح.
انخفضت الأسهم الأمريكية 14 في المائة - وهو تصحيح - في الوقت الذي اندلعت فيه الحرب الكورية عام 1950، لكنها انتعشت بسرعة، وارتفعت ما يُقارب 26 في المائة خلال فترة الصراع بالكامل. كذلك انخفضت الأسهم في الفترة التي سبقت حرب الأيام الستة، لكنها ارتفعت كل يوم خلال فترة القتال. وتراجعت الأسواق قبل حرب العراق في عام 1991، لكنها ارتفعت خلال فترة القتال. وحصل الشيء نفسه أثناء غزو العراق عام 2003. انخفضت الأسهم في وقت مبكر، ثم ارتفعت 33 في المائة (بحساب الاسترليني) بدءا من 12 آذار (مارس) (قبل سبعة أيام من بدء الغزو) حتى نهاية العام.
هل الأمر مختلف هذه المرة؟ ربما - لكن الأسواق تتحرك بناء على الاحتمالات، وليس الإمكانيات. لو كانت الحرب الفاصلة في كوريا الشمالية مُحتملة، هل كانت أسهم كوريا الجنوبية سترتفع أكثر من 20 في المائة هذا العام من حيث العملة المحلية (في وقت كتابة هذا التقرير) لتتغلب على أداء البورصات العالمية عموماً؟ هل سيكون الوون (عملة كوريا الجنوبية) إيجابيا هذا العام؟ إذا اعتبرت الأسواق أن الخطر حقيقي، فإن كوريا الجنوبية ستتراجع وتتخلف عن العالم.
يقول بعضهم إن الرهانات أعلى هذه المرة لأن الرئيس ترمب يتحدث بشكل أكثر صرامة بكثير من الرؤساء السابقين - لكن هذا حديث متحيّز. ففي حين أن ترمب يتحدث بصرامة، الدبلوماسيون في أمريكيا وكوريا الشمالية يتفاوضون بهدوء، من خلال اتّباع القواعد المعمول بها.
لا شيء يحدث مع كوريا الشمالية الآن هو جديد تماماً. كان النظام يعمل على برنامجه النووي منذ عقود.
والد كيم، كيم جونج ايل، كان يُجري تجارب على إطلاق الصواريخ وأصدر تهديدات في العقد الأول من الألفية. أحياناً كان ذلك يبدو صارماً عندما تجري الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تمارين عسكرية مشتركة. وبعضها كان يبدو خدعة للحصول على معونات غذائية وغيرها من التنازلات.
إذن، ما هدف ابنه الآن؟ لا أعرف! لكن لا بد أن سكان كوريا الشمالية متعبون من العيش في فقر مُدقع. هذا يُمكن أن يكون تُربة خصبة للثورة التي يخشاها كيم. التحضير للصراع بغرض إثارة المشاعر الوطنية والحفاظ على السلطة هو حيلة قديمة، وبلا شك هي حيلة سنراها تتكرر في الأشهر والأعوام المُقبلة. لكن كلما حدث ذلك أكثر، ستهتم الأسهم بشكل أقل. فهمت السوق هذا بالفعل وسعّرت هذا الخطر وفقاً لذلك.
في الواقع، يُصبح كيم شخصية معزولة بشكل متزايد على الساحة العالمية. حتى وزير الخارجية الصيني يوبّخه في الغالب.
كوريا الشمالية دولة صغيرة. قواتها العاملة تساوي تقريباً قوات العراق المتاحة في عام 2003. إجمالي عدد سكانها البالغ 25 مليون نسمة مماثل لعدد سكان العراق في ذلك الحين. ربما يملك كيم الطاقة النووية، لكن وجود صواريخ بالستية عابرة للقارات لا يعني أن بإمكانه اختراق الدفاعات الصاروخية الأمريكية. ويتفق خبراء الاستخبارات إلى حد كبير على أنه يفتقر إلى تكنولوجيا إعادة دخول الغلاف الجوي التي من المحتمل أن تجعل أي ضربة قارية غير ممكنة.
يخشى الناس أن ترسانته أكبر مما يُعلن عنها، لكن هذا هو دائماً الخوف. مرة أخرى، لنُفكر في العراق في عام 2003 وأسلحة الدمار الشامل. من المستحيل تحديد ما يملكه الخصم، أو مكان تخزينه. هذا لم يُهلكنا (أو يهلك الأسهم) على الإطلاق.
هل هناك مشكلة حقيقية، لكننا نتجنب الحديث عنها؟ لنفكر بالأمر. سيحصل كيم على فرصة واحدة قبل أن يتم القضاء عليه تماما. كيف يُمكن أن يؤدي به ذلك إلى تحقيق أي هدف من أهدافه التي يمكن أن يتصوّرها؟
لا أريد أن أظهر بمظهر من لا يكترث. لدي عائلة من كوريا الجنوبية وأهتم أكثر من معظم الناس. الحياة هناك تجري بشكل طبيعي تماماً. لكني أيضاً أثق أن الأسواق ستفهم هذه الأمور بشكل أفضل من أي شخص. ستستفيد تماما إذا أحسنتَ الظن بالأسواق هذه المرة أيضاً.
 
*مؤسس ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة فيشر إنفيستمينت، ورئيس مجلس الإدارة ومدير شركة فيشر إنفيستمينت يوروب.