أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Apr-2015

غرائبية الإنفاق والبذخ الحكومي*حسن احمد الشوبكي

الغد-تفاجأ بعض الواقفين أمام بوابة مدرسة خصصت للتصويت في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، عندما وصل الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريز بلا موكب أو ازعاج، وترجل من سيارة عادية مضى على عمرها أكثر من 10 سنوات، قادها بنفسه.
كما وصل أعضاء الحكومة الفرنسية إلى اجتماعهم الأول، ربيع العام الماضي، في قصر الإليزيه، باستخدام معظمهم دراجات هوائية، فيما سار آخرون، منهم وزير الداخلية، على الأقدام للوصول إلى الاجتماع. ويشبههم في السلوك الفريد، ما قام به مؤخرا وزراء في كندا؛ من خفض لأجورهم ورواتبهم.
أما لدينا، فقد نُشر جدول في نهاية الأسبوع الماضي، ضمن إجابة الحكومة عن سؤال أحد النواب، يكشف أن الحكومة اشترت 65 مركبة العام الماضي، بمبلغ يفوق مليوني دينار. ومعدلات الأسعار في قائمة المشتريات تشير إلى أن خيارات الحكومة ترتبط بالحد الأعلى للأسعار، وليس المتوسط أو الأدنى؛ فليس ثمة علاقة بين قرار الشراء والسعر وبين المديونية التي تخطت ثلاثين مليار دولار في بلد لا نفط فيه ولا ماء!
وفي محاولة لفهم إشكالية البذخ الحكومي والإنفاق المفتوح، يتوه المرء بين الحكمة الاقتصادية ونظريات الإنفاق والترشيد. ولديّ سؤال لغايات المقارنة: ما الذي يجعل الوزير الأردني مستحقا لسيارة بمبلغ 60 ألف دينار، بينما لا يخصص مثل هذا المبلغ لوزير فرنسي؟ ولماذا تخصص لهؤلاء الوزراء الأوروبيين الدراجات الهوائية، بينما تصرف أغلى السيارات للوزراء في بلادنا، علما أن الفرق في القدرة السياسية والكفاءة والنزاهة والمعرفة، يميل لصالح الوزير الأوروبي، لا العربي عموماً؟!
تدّعي الحكومة الأردنية أنها "تسعى إلى ضبط الإنفاق وتقليص حجم النفقات الحكومية". لكن هذا كله ليس صحيحا على أرض الواقع؛ فما تزال الحكومة الحالية، ومثلها الحكومات السابقة، تنفق بإفراط غير مفهوم، من موازنة عاجزة، في دولة تثقل كاهلها الديون. إذ يجب أن يكون للوزير سيارة ألمانية من آخر طراز وأغلى الأسعار، تقف إلى جانبها سيارة دفع رباعي باهظة. وبعيدا عن العيون، ربما تكون هناك سيارات تقوم على خدمة العائلة والسهر على راحتها. ثم يخرج علينا من يتغزل بـ"ضبط الإنفاق الحكومي" في ندوة بفندق خمس نجوم.
بالمناسبة، لم نكن كذلك. كان لنا في سيرة رجال ثقات -بنوا البلاد بنزاهة واستقامة لا بسيارات فارهة- من وزن الراحل محمد عودة القرعان، المثل والقدوة؛ إذ لم يكن يستخدم سيارته بعد انتهاء العمل، وكان لا يسمح بالاقتراب من المال العام أو التعدي عليه، وهو الذي شغل مواقع قيادية في الجمارك والأراضي والإقراض الزراعي، ورفض أن يصبح وزيرا لزهده بالمنصب والحياة بشكل عام. وقد ظل -رحمه الله- يتكيف في معيشته الخاصة من خلال قروض يكفله بها رجال كبار أيضا، منهم سليمان النابلسي وعلي مسمار وبشارة غصيب.
راقب عزيزي القارئ السيارة التي يترجل منها المسؤول -أي مسؤول- عندما يشارك في إحدى مناسبات العزاء أو جاهات الصلح، وستعرف حينها لماذا غرقنا في الديون!