أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    31-Mar-2020

لا بد للحياة أن تستمر*د. محمد حسين المومني

 الغد

يعد الأردن من أكثر الدول نجاحا في التعامل مع التحدي الجرثومي العالمي فيروس كورونا. قام بقرارات استباقية نوعية، التزم بالبروتوكولات العالمية الطبية، جنّد قدرات الدولة وقوّتها لفرض حظر يعد مفصليا للسيطرة على هذا النوع من التحديات، التزمت كافة قطاعات المجتمع وانتظمت تحت راية الدولة لمواجهة الخطر الجرثومي. كل هذا جيد وحقق مكاسب وطنية صحية مهمة، لكن أمام حقيقة أن هذا التحدي سيستمر لفترة زمنية غير معروفة، لا بد ومن الواجب التفكير بنوع آخر من التحديات التي ستظهر حكما وهي ضرورات استمرار الحياة العامة سيما الاقتصادية والتعليمية. هذا ليس بالأمر اليسير بالمطلق، وإهماله سيجعل من تكلفة عدم الإصابة واحتواء كورونا أكثر من تكلفة الإصابة به. لا بد للجنة الأوبئة وخلية الأزمة من التفكير بشكل جدي بضرورة استئناف الحياة وعودة الاقتصاد والتعليم للعمل بشكل طبيعي لأنه بغير ذلك فستكون التكلفة باهظة على الدولة والمجتمع وتفوق تكلفة احتواء فيروس كورونا.
لا ضير من الاستفادة من تجارب دول أخرى استطاعت احتواء الوباء وبذات الوقت نجحت في الاستمرار بالسماح لعجلة الحياة بالاستمرار والاقتصاد بالإنتاج. ألمانيا تقف نموذجا ناجحا بإحقاق ذلك التوازن فقد استطاعت تطبيق ما عرف بالعزل القطاعي والذي يتمثل بعزل المؤسسات والمناطق المتأثرة بالفيروس لمدة 14 يوما فقط، بعدها يفك العزل، مع مراعاة تطبيق حالة وطنية شاملة من التعقيم والتباعد الاجتماعي الذي يسمح باحتواء الوباء وحصره. بهذا استطاعت ألمانيا التعامل مع هذا الوباء بنسب معقولة وبذات الوقت لم يشل اقتصادها أو توقفت عجلة الإنتاج ما كان سيلحق آثارا مدمرة بقطاعات واسعة من المجتمع. الصين ذاتها صاحبة تجربة العزل المحكم الشديد، فكت ذلك العزل وعادت للإنتاج ضمن شروط صحية صارمة بعد أن أدركت أن العزل لا يمكن أن يستمر لحدود تصبح تكلفته الاقتصادية خطيرة.
التوقعات ضمن ما هو متاح من أبحاث علمية وإن كانت غير حاسمة تشير إلى أن الصيف سيكون مثاليا لاحتواء الوباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي يموت بسببها الفيروس، لكن الانتظار لذلك الوقت من الصيف قد يرتب خسائر اقتصادية وتعليمية هائلة تفوق آثارها خطر فيروس كورونا. لا يمكن الاستمرار بالعزل لحين الصيف، لذا لا بد من التفكير جديا بآليات ووسائل عمل تسمح بالعودة للإنتاج والتعليم، ومن يقرر ذلك هي لجنة الأوبئة وخلية الأزمة، اللتان لا بد أن تأخذا بعين الاعتبار ضرورات الحياة والإنتاج في المجتمع تماما كما تتدارسان السيطرة على انتشار الفيروس. بلد كالأردن لا يستطيع أن يجازف اقتصاديا ويتصرف وكأنه دولة ثرية، فالدولة لن تستطيع ضخ المليارات لإنعاش الاقتصاد كما أعلنت دول أخرى، لذا لا بد لنا من نموذج خلاق يبني على النجاح الذي تحقق للآن وينتج أفكارا تسمح بالمواءمة بين هدفي السيطرة على الفيروس وعودة الحياة والنشاط الاقتصادي لطبيعته قدر الإمكان.