أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Sep-2019

احتجاجات وتسميات*جميل النمري

 الغد-يختلف العصيان المدني عن الإضراب في أن الثاني يتعلق بالتوقف عن العمل للضغط من أجل تلبية مطالب مثل زيادة الرواتب أو تحسين شروط العمل في موقع معين في القطاع العام او الخاص وأقصى اشكاله هو الاضراب المفتوح الذي يعلن عن استمراره حتى تلبية المطالب. أما العصيان المدني فهو إعلان موجه إلى السلطات برفض تطبيق القانون وهو يضع السلطة الحاكمة أمام تحد خطير.

والعصيان المدني العام هو بمثابة الوصول إلى مفاصلة نهائية مع السلطة الحاكمة بوسائل سلمية، وفي العادة تتم الدعوة له عندما تشعر المعارضة أن أغلبية ساحقة من الشعب لم تعد تقبل السلطة الحاكمة ومستعدة لعصيانها والمشاركة في شلّ جميع المرافق العامة.
في السودان عندما عاند المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين واختار قمع التظاهرات والاعتصامات دمويا لجأ قادة الثورة إلى السلاح الأخير بالدعوة إلى العصيان المدني العام، فتراجع المجلس العسكري ولاقى المعارضة في منتصف الطريق وتم التوصل إلى الاتفاق الذي اعلن عنه بوساطة افريقية.
لكن هناك ايضا أشكالا من العصيان المدني البؤري، أي التمرد على تطبيق قانون معين في قطاع معين او منطقة محدودة لأن أصحاب الشأن يعتقدون ان القانون مجحف لدرجة يشعرون معها بشرعية التمرد عليه ورفض تطبيقه، ويستمدون ثقتهم من توافق القاعدة المعنية وأحقية الموقف وصعوبة تطبيق عقاب جماعي على شريحة كاملة من الناس قد تؤدي إلى قلاقل اجتماعية اوسع. وابرز مثالين على هذا النوع من العصيان أو التهديد به هو ما حدث في الرمثا بموضوع البحارة وتهريب الدخان، وموضوع المحامين في تطبيق قانون ضريبة الدخل والفوترة، ومن الطريف ان رفض تطبيق القانون برفض الالتزام بنظام الفوترة جاء من الفئة التي يقوم كل عملها على القانون وهو على الارجح ما كانوا ليقوموا بهذا لولا إحساسهم بأن القانون جمح بطريقة لا يمكن قبولها وتطبيقها.
الناس لا تستسهل عصيان القانون جهارا نهارا فهو أخطر تحد لسلطة الدولة ولا يمكن التساهل معه على الاطلاق. انما يشيع التحايل على القانون فرديا او على نطاق أوسع ويشيع غض الطرف من قبل الدولة على التجاوز واغماض العين لأسباب ظرفية اجتماعية واقتصادية هنا وهناك، وهو ما كان يحصل في الرمثا فبعد 7 سنوات من إغلاق الحدود الذي أنهك الرمثا وقطع رزقها تركت السلطات هامشا لحركة البضائع بما في ذلك الدخان بدون رقابة جمركية صارمة ليستعيد البحارة والرماثنة عموما بعض الازدهار. ثم استفاقت الحكومة فجأة على ضرورة تطبيق القانون إذ اعتقدت أن التهريب هو سبب نقص الإيرادات الضريبية من الدخان!! فحدثت الحركة الاجتجاجية الساخطة التي تطلب صراحة أن تتغاضى الدولة عن تطبيق القانون، وهذا نقل الموقف إلى مأزق جديد فبدل التغاضي المسكوت عنه بات على الدولة اعطاء الموافقة الصريحة على تجاوز القانون.
لعل جلالة الملك كان يشير إلى هذا وهو يطلب من الحكومة أن تدرس بعناية الأثر المتوقع لقراراتها قبل الإقدام عليها، ومثل ذلك ايضا تحويل العبء على القضاء فالأصل ان تبحث الحكومة الأمر وتتحمل مسؤوليتها وتجد الحلول للقوانين والأنظمة التي يصعب تطبيقها ويكثر خرقها وبالتالي تكثر إلى حد غير معقول القضايا التي تحول للقضاء فترهقه وترهق الناس والأعمال. 
والمثال الصارخ هو استمرار أسلوب الحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمطالبات لا تساوي جزءا يسيرا من الأموال المحجوزة، فمنذ زمن طويل والحكومة مطالبة بإيجاد آلية فعالة لا تضطر القاضي للقيام بهذا العمل.. لكن دون جدوى!!