أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Jan-2019

التواصل جيد.. أما الشفافية فلا* جميل النمري

 الغد

الحكومة بالكاد تملك المال لتسديد فوائد القروض أما أصل القروض فهي تقترض لتسديدها والدين الداخلي يعاد تدويره سنويا فالسندات المستحقة تسدد بإصدار سندات جديدة وهي تقترب هذا العام من 5 مليار دينار، فيما أثار مشروع قرض من البنك الدولي (840 مليون دينار أو 1,2 مليار دولار ) ضجة كبيرة وانشغل به الرأي العام لأن الحكومة أعلنته بطريقة احتفالية كإنجاز كبير مع ان عادة الحكومات هي تمرير القروض بأقل قدر من لفت الانتباه، فاقتراض الحكومات أمر سيئ تضطر له عندما تعجز عن تمويل نفقاتها وبما يعني تحميل البلد ديونا اضافية يدفع الاقتصاد ويدفع الشعب لاحقا كلفتها الباهظة.
لكن الاقتراض ليس سيئا دائما ويلجأ له الجميع؛ أفرادا وشركات، وهو الوسيلة الرئيسية لتمويل الاستثمار والمشاريع ويقوم عليه الاقتصاد المعاصر، ويعتبر الاقتراض السهل والفوائد المتدنية مؤشرا ايجابيا للاستثمار وازدهار الاقتصاد. لكن اقتراض الحكومات لتسديد العجز والنفقات الجارية – وأسوأ من ذلك لتمويل الهدر والفساد – هو آفة دول العالم الثالث وكارثة على الاقتصاد وعلى مستوى معيشة الشعب.
القرض الجديد من البنك الدولي وهو يهدف لتسديد ديون مستحقة يعتبر انجازا ايجابيا حسب تصريحات الرئيس الرزاز بسبب شروطه الميسرة في الفوائد وآجال الدفع فيكون بمثابة اعادة جدولة للديون دون رفع الكلفة. لكن تصريحات حكومية أخرى أوضحت ان ما حصل هو اتفاق من حيث المبدأ ولم يتم بعد الاتفاق على نسب الفائدة وآجال التسديد! ونفى كناكرية وجود تناقض في التصريحات الحكومية لأن المعروف ضمنا ان شروط البنك الدولي ميسرة بالعادة، وسيتابع وفد حكومي التفاصيل والشروط لاحقا لاتمام الصفقة!
شخصيا لم يكن لي رأي سلبي من المشروع فهو يدخل في اطار جهود الحكومة وفق ما تستطيع لمعالجة الموقف المالي ونحن لم نتوقف في اي وقت عن البحث عن قروض جديدة والحصول على قرض كبير الى هذا الحد من البنك الدولي هو موقف ايجابي من البنك تجاه الأردن أمام المجتمع الدولي ويحل بعض الالتزامات المالية لهذا العام، لكن ما اتوقف عنده هو تسويق الحكومة للأمر وحتى زيارة الرئيس والوفد الوزاري للولايات المتحدة بأكبر من حجمها وانجازاتها. وقد لفت نظري المعلومات المبهمة عن نوعية اللقاءات هناك وأن الخبر عن لقاءات وزيري المالية والتخطيط لم يكن مع نظرائهما بل مع مستويات أدنى كثيرا مثلا “نائب مساعد وزير المالية”، ولا اعرف ماذا يعني ذلك إلا اذا كان على الطريقة الأردنية في الواسطة والتي تقول ان المراسل أو الموظف الصغير يمكن ان يمشي أمورك أكثر من الوزير. نأمل على كل حال أن تكون شروط القرض ميسرة بالطريقة التي تبرر التهليل المسبق للانجاز لكن بصراحة أنا لا اثق ان ذلك سيحصل وبعد هذه الاطلالة الواسعة على الاعلام والرأي العام لتسويق الانجاز ستذهب المفاوضات التفصيلية الى الغرف المغلقة بعيدا عن الاعلام وقد لا نسمع شيئا عنها.
واقع الحال ان الحكومة أظهرت وتظهر حرصا وتميزا في الاتصال الاعلامي وهي أنشأت منصات للتواصل مع الرأي العام ومنها منصة حقك تعرف لدحض الشائعات وتقديم الرواية الأخرى (الحقيقية) لكنها عجزت وتعجز عن الوضوح بشأن المساحات المعتمة التي طالما تشوق الرأي العام لوضعها تحت الضوء. في شؤون السلطة والمال لم تختلف هذه الحكومة عن أي من سابقاتها.