اليونان
شهد سوق السندات اليونانية علامة أكثر بروزاً من الناحية التاريخية.
وكانت اليونان هي الدولة التي تسببت في أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو في عام 2009، عندما أعلن رئيس الوزراء المنتخب حديثاً "جورج باباندريو" أنه اكتشف أن العجز المالي كان أعلى من المفصح عنه في السابق وأنه يخترق القواعد الرسمية لمنطقة اليورو.
ولأعوام عديدة لاحقة، فإن الفارق الائتماني لعوائد السندات اليونانية مقابل نظيرتها الألمانية سيطر على أفكار ومناقشات الساسة والمستثمرين في كافة انحاء منطقة اليورو.
ويوم الأربعاء الماضي، فإن الفارق الائتماني عاد أخيراً إلى مستوياته عندما انتخب "باباندريو" في أكتوبر/تشرين الأول عام 2009.
وبالحكم من خلال المقياس الذي تم التعامل معه لفترة طويلة على أنه الخيار النهائي لفرصة بقاء منطقة اليورو، فإن الأزمة تبدو وأنها انتهت أخيراً وبشكل نهائي.
كيف حدث ذلك؟ قبل عقد مضى كان العديد من المراقبين يفترضون أن منطقة اليورو يمكن أن تسيطر فقط على الأزمة عبر إصلاحات مؤسسية هائلة.
وستكون المؤسسات الجديدة بحاجة إلى التأكد من أن منطقة اليورو لديها سياسات مالية واحدة وكذلك سياسة نقدية واحدة.
ومن شأن النظام المصرفي المتضرر في منطقة اليورو أن يكون بحاجة إلى التعديل والإصلاح، لكن بدلاً من ذلك، اختار السياسيون تدبر أمورهم بشكل أو بآخر والابتعاد عن تلك المسألة تماماً.
وفي اليونان، كان عدم الاستقرار السياسي شديد للغاية، حيث شهدت رئاسة الوزراء، والتي انتقلت من كوستاس كارامانليس إلى باباندريو في عام 2009، تغييرات عديدة عبر "لوكاس باباديموس" و"باناجيوتيس بيكراممنوس" و"أنطونيس ساماراس" و"أليكسيس تسيبراس" وحالياً "كيرياكوس ميتسوتاكيس".
وعلى الجانب الآخر من الفوارق الائتمانية بين السندات اليونانية والألمانية، كان على هؤلاء المسؤولين جميعاً التعامل مع مستشارة واحدة في ألمانيا وهي "أنجيلا ميركل".
لكن على الرغم من المعاناة من الكساد الاقتصادي الشامل، إلا أن الإصلاح الهيكلي التام لا يزال غائباً في اليونان، ومع ذلك فإن شأنها في ذلك شأن منطقة اليورو، حيث لا تتزال تتدبر أمورها.
ويمثل رئيس الوزراء الجديد حزب الديمقراطية الجديدة، وهو الحزب الذي أورث الفوضى إلى "باباندريو" في المقام الأول مع بقاء نفس النخب في مكانها.
ويوجد ثلاثة من رؤساء وزراء اليونان منذ عام 2009 وما بعده هم أبناء رؤساء وزراء سابقين بما فيهم رئيس الحكومة الحالي.
ولا توجد أسباب محددة للتأكد من عدم تكرار الأزمة التي وقعت في عام 2009، حيث أنه لم يتم اتخاذ تدابير لإصلاح النظام، لكن الأسواق تشعر بالراحة من أن الخطر قد انتهى.
أوروبا
ولم يساعد أياً من ذلك كثيراً منطقة اليورو.
وصحيح أنه لم يعد من المعتقد أن اليورو يتعرض إلى تهديد فعلي، كما أن ديون الدول الأقل تطوراً لم تعد تتداول بفوارق ائتمانية كبيرة مقارنة بالدول المركز في أوروبا.
لكن اليورو مع ذلك سجل أدنى مستوياته في 32 شهراً أمام الدولار خلال تعاملات الأربعاء الماضي.
وانتقلت المشكلة في الوقت الحالي من الهامش إلى دول المركز، حيث ترى كل من السياسة الألمانية والفرنسية حكومات متعثرة تتعامل مع حركات التمرد الشعبوية على خلفية الضعف الجاد في قطاعاتها الصناعية.
ومن المحتمل أن الساسة قد تدبروا أمورهم في الأزمة وفقدوا المملكة المتحدة في طريقهم.
وربما أن وجود اليورو في حد ذاته ليس موضعاً للشك، لكن الثقة في منطقة اليورو واقتصادها ومؤسساتها السياسية لا تزال منخفضة للغاية.