أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Mar-2020

الأمن الغذائي في أزمة كورونا*د. محمد طالب عبيدات

 الدستور

لا يمكن للإجراءات الاحترازية والعملية التي تتبعها الحكومة في مكافحة فيروس كورونا من أن تنجح وتشكّل قصة نجاح دون التركيز على مسألة الأمن الغذائي من حيث توفّر المخزون الغذائي الإستراتيجي للدولة والمواطن على السواء وذلك طوال وقت الأزمة وبشكل يومي وإستراتيجي دونما تكديس أو تهافت؛ ولذلك فالإجراءات الحكومية كانت شاملة ووافية وغطّت جانب الأمن الغذائي من حيث المخزون والمنتج الزراعي وتوزيع المواد الغذائية؛ وكان اهتمام وتوجيه جلالة الملك للحكومة في هذا الشأن على أعلى المستويات؛ فالتوجيهات الملكية في مسألة توفّر المخزون الإستراتيجية لمدة عام على الأقل كانت واضحة وخصوصاً للمواد الأساسية؛ كذلك طلبه من الحكومة دعم المزارع للاستمرار في عمله وإنتاجيته.
 
وخلية الأزمة في مركز إدارة الأزمات هي أيضاً أخذت موضوع الأمن الغذائي بعين الاعتبار دعماً للمواطن لتوفير المواد الأساسية وعدم نفاذ المخزون الإستراتيجي؛ ولذلك شكّلت لجنة وزارية خاصة  للمخزون وتوزيعه؛ وقرارات الحكومة بعد حظر التجوال لضمان التباعد الاجتماعي والعزل المنزلي بموجب قانون الدفاع؛ القرارات كانت تصب في مصلحة المواطن لتوزيع الغذاء له؛ فبدؤوا بتوزيع المواد الأساسية كالخبز والماء وبعدها سيتم توزيع الحليب والدواء والدخان وغيرها تباعاً.
 
رافق توزيع الخبز مشهدان إحداها إيجابي من حيث التزام الناس بالتباعد الاجتماعي والتصرّف بحكمة دونما تهافت وكان ذلك في مناطق كثيرة بالمحافظات والعاصمة ويسجّل في ميزان مواطنتهم؛ والأخر سلبي عند البعض حيث التهافت والتصرفات المسيئة من بعض المواطنين؛ وحجّتهم في ذلك الكثافة السكانية العالية التي لم تغطّيها آلية التوزيع الحكومي كنتيجة لعدم كفاية وسائل النقل وكميات التوزيع وعدم العدالة في التوزيع.
 
وبالرغم مما شاب آلية توزيع الخبز من أخطاء كثيرة في بعض المحافظات وحتى في العاصمة إلا أن دولة رئيس الوزراء اعترف بذلك وبادر بالقرار المهم في فتح البقالات  ومحلات الخضار في المناطق السكنية على أن يذهب إليها الناس على الأقدام وخصّ الفئات العمرية الشبابية شريطة التباعد وعدم الاكتظاظ؛ وأجزم أن هذا القرار يعزز مسألة الأمن الغذائي للأسر ويدعم المزارعين والتجّار ولا يوقف الحياة اليومية؛ لكنه يحتاج لانتباه المواطنين حتى لا نعود للمربع رقم واحد في العزل والتباعد وحظر التجوّل.
 
لذلك مطلوب انتباه المواطنين في هذه المرحلة للمواءمة بين مسألة توفير السلع الغذائية لضمان الأمن الغذائي المنزلي في كل بيت وبين الحفاظ على الوطن لمنع إعادة انتشار الفيروس من جديد وخصوصاً  أن فترة حضانة الفيروس تحتاج لوقت أكثر منذ بدء حظر التجوال؛ ومطلوب أن نُظهر سلوكياتنا الإيجابية كمواطنين دونما تهافت على السلع أو عدم مراعاة للمسافات الآمنة التي تحول دون انتقال للفيروس؛ ومطلوب الانتباه للالتزام بالدور والتباعد والسلوك الحضاري والإيثار والصبر وغيرها؛ ومطلوب التخفيف على رجال الأمن والجيش الذين نجل ونحترم لأنهم أبدعوا في دورهم الوطني الكبير.
 
أدعو لأن تساهم النُخب المثقفة ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الشباب والجامعات من خلال شباب الوطن المتطوعين من أبناء الحي لإظهار مواطنتهم للوقوف أمام البقالات لترتيب الدور وحتى مساعدة الناس لإيصال الحاجيات لمنازلهم كي لا تتكرر بعض الأخطاء التي رافقت اليوم الأول لتوزيع الخبز؛ ومن المفيد أيضاً تواجد أمني في محيط البقالات ومحلات الخضار والفواكه؛ وبدأنا والحمد لله نلحظ السلوكيات الإيجابية تطغى!
 
وأخيراً؛ الأمن الغذائي للدولة والمواطن جزء مكمّل لإجراءات الدولة في الحرب ضد فيروس كورونا؛ ولذلك فإن الإجراءات الحكومية والقرارات التي تم الإعلان عنها أمس من خلال دولة رئيس الوزراء ستخفف كثيراً عن كاهل المواطن وفي ذات الوقت مطلوب من المواطن احترام نفسه والآخرين بالالتزام بالتباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة والعزل المنزلي وعدم التهافت وإظهار السلوكيات الحضارية؛ ومطلوب أن نكون كمواطنين جزءا من الجهد الوطني الجمعي الذي تقوم به الدولة للحرب ضد فيروس كورونا لنضمن النجاح وسلامة الوطن والمواطن.