أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Oct-2018

دمج الموازنات*سلامة الدرعاوي

 الدستور-خطوةٌ مُهِمة خطاها مجلس الوزراء مؤخراً في خطةِ إِعادةِ هيكلةِ المؤسسات والهيئات المُستقلة بِدَمّجِ 12 موازنة لِتلك المؤسسات ضمن قانون الموازنة العامة للدولة، وسَيبدأُ العمل بالشكل الجديد لهذهِ المُوازنات اِعتباراً من بدايةِ العامِ المُقبِل.

هذه خطوة أوليّة ضمن مشروع  حُكوميّ يَسيرُ بإِعادة النظرّ في الوجود الأساسيّ لتلك المؤسسات التي باتَت اليوم عبئاً ماليّاً كبيراً على الخَزينة.
للأسف لمّ تَنجح عملُ غالبية الهيئات والمؤسسات المُستقلة والهدف الأساسيّ الذي أنشئت من أجلها، فباستثناءِ هيئة تنظيم قطاع الاتصالات التي تُعتبرُ دُرّة الهيئات الرسميّة في الدولة نظراً لفاعليتها في تنظيم القطاع وتطويره من جهة، ورفد الخزينة بعائداتٍ ماليّة تُعادل ما توردهُ مُعظم المؤسسات مُجتمعة والبالغ عددها 58 مؤسسة لغايةِ الآن.
غالبيةُ المؤسسات والهيئات المُستقلة خالفت أهدافها بأن تَكون مُستقلة في إداراتها وقرارتها الاستثماريّة والماليّة، وباتَت عبئاً على القطاع العام، وجزءاً أساسيّاً من المُشكلة العامة في البلاد، وبدلاً من أن تَستقل في كيانها، استقلت فقط في قرارتها الإدارية بالتعيينات والإنفاق، في حين أن موازناتها العامة عانت من عجوز ماليّة كبيرة  وصل في بعض الفترات إلى ما يُقارب النصف مليار دينار، واعتمدت بذلك على الموازنة الرئيسيّة للدولة في تمويل عَجزِها، بمعنى أن تلك المؤسسات مع كل أسف استقلت بِقرارها في الاقتراض والتعيين في حين أن العجز الماليّ لها كان يُموّل من الخزينة.
عبءُ المؤسسات المُستقلة يَتضحُ للرأي العام عندما يَعلمُ ان الهيئات المُستقلة في عام 2002  والبالغ عددها 35 هيئة حَققّت وفورات ماليّة للخزينة تُناهز 126 مليون دينار، في حين ان موازناتها حققت عجزاً ماليّاً حقيقيّاً بِمقدار 500 مليون دينار ومديونيّة تَزيدُ على ملياريّ دينار، في حين أن عددها ارتفع إلى 65 مؤسسة في بعضِ السَنَوات.
المُخالفة الأخرى للهيئات المُستقلة أن بعضَ اعمالها كان يهدفُ إلى تجاوز قرارات مجلس الوزراء وسلطاته، تحت حجّة الالتفاف على البيروقراطيّة الرسميّة المُعطلة للاستثمار، والحقيقة أن بعض تلك المؤسسات كانت قدّ أُنشئت للالتفاف على القوانين  من خلال قوانين خاصة، والتي لمّ تَعد بأيّ عائد على الخزينة العامة، بالعكس كان لها تداعياتٌ سلبيّة على القرار الاستثماريّ والمصلحة العامة للدولة.
المُخالفة الأكبر لهدف إنشاء المؤسسات المُستقلة هو تجاوز اداراتها في قضية التعيينات وبمخصصات ماليّة كبيرة تفوقّ قدرات وامكانات موازنات تلك المُؤسسات  وبعقود خاصة، أدت إلى تَشوهات ماليّة كبيرة في رواتب العاملين في القطاع العام، الامر الذي كان له الاثر الكبير في تراجع إنتاجيته وانتشار مظاهر الفساد الاداريّ، لا بل ان الكثير من تعيينات الهيئات المُستقلة كانت قد تجاوزت على قانون الموازنة وفتح باب الوساطات للمتنفذين والقوى الصاعدة التي تتطلع إلى تحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصلحة الدولة.
في النهايةِ خطوة دَمّج 12 موازنة مستقلة في قانون الموازنة خطوةٌ أوليّة في إصلاح القطاع العام وازالة التشوهات الهيكليّة، لكنها لا تكفي إذا لم يعقبها إِعادة هيكلة العاملين فيها وإعادة تفعّيل عمل تلك المؤسسات وإعادة دمّجها في الدولة ضمن خطوة شاملة لتوحيدِ مَرجعيات القطاع العام وإعادة التألق لدوره التنمويّ.