أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2019

تحليل: كيف رسخت البحرين مكانتها المرموقة لجذب الاستثمارات والأعمال؟

 الدستور

في خضم التحديات السياسية والاقتصادية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، تبرز مملكة البحرين كقوة اقتصادية خليجية واعدة، ومطردة النمو، إذ تشير المعطيات المحلية، والمؤشرات الدولية، إلى سعي المملكة وبوتيرة متسارعة وملحوظة إلى تعزيز مكانتها كموطن جاذب للاستثمارات العالمية، وحاضنة لتكنولوجيا الأعمال، ولاسيما أن لديها المؤهلات اللازمة لذلك؛ بما توفره من تسهيلات تجارية وإعفاءات ضريبية نادرة، إلى جانب شبكة بنية تحتية متقدمة. ولقد دأبت المملكة على تطوير بيئة صديقة للأعمال والاستثمار، الأمر الذي رسخ مكانتها كرائد إقليمي له تاريخ حافل من الخطط الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل، وبيئة تنظيمية جاذبة لرؤوس الأموال، وحكومة تملك الرؤية المستقبلية والمتقدمة والمنفتحة، وهو ما يؤهلها لمواصلة تقدمها بثبات نحو النمو والتنويع الاقتصادي المستدام، في ظل سياسات تعد الأكثر تحرراً في المنطقة، ومجتمع آمن ومستقر ومزدهر. طفرة في إقبال المستثمرين الأجانب وتعزو الأوساط الاقتصادية في المنامة، نجاح سياسات الحكومة لتعزيز جذب الاستثمارات، إلى النجاح في تنفيذ سلسلة من المشاريع التنموية للاقتصاد الوطني خلال الأعوام الأخيرة، حتى أصبح من السهل تأسيس الشركات وتطويرها، بما في ذلك تقليص الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال للشركات الناشئة، وسهولة الإجراءات السريعة عبر الإنترنت لإنشاء الشركات، إلى جانب توفير ما يصل إلى 25٪ في تكاليف المرافق، أي أقل من متوسط ​​دول مجلس التعاون الخليجي. وأسهمت هذه العوامل جميعها، في تشكّل قناعة لدى المراقبين، أن البحرين بالفعل باتت تشهد طفرة في حجم الإقبال عليها من جانب المستثمرين الأجانب، وهو تحول إيجابي يشغل أصحاب رؤوس الأموال وكبريات الشركات والمؤسسات المالية العالمية، وعزز من تلك القناعة أن موقع البحرين الاستراتيجي جعلها عبر التاريخ، بمثابة بوابة لسوق دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار، حيث تتصل مباشرة بهذا السوق، من خلال النقل الإقليمي البحري والبري والجوي. قدرة لافتة على تجاوز التحديات فإلى أي مدى تبرهن البحرين قدرتها المثيرة للإعجاب، على استدامة نجاحها في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتجاوز تحديات مرحلة تراجع أسعار النفط؟ يجيب عن هذا التساؤل عاملان رئيسان؛ الأول؛ هو المؤشرات الاقتصادية المحلية والدولية وما تمتلكه المملكة من قدرات، إذ أظهرت النتائج الأولية لأحدث مسح للاستثمار الأجنبي للسنة المالية 2018 تحقيق زيادة في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البحرين خلال العام الماضي، بزيادة بنسبة 5.5% مقارنة بعام 2017، بقيمة بلغت 11 مليار دينار بحريني بنهاية 2018، حيث بلغ حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر حوالي 570 مليون دينار بحريني. وبحسب المسح، استحوذ قطاعا المصارف والصناعات التحويلية على معظم الاستثمارات الأجنبية، في دلالة واضحة تعكس جهود المملكة في استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وزيادة تدفقات رؤوس الأموال، فيما أفصح المسؤولون عن المسح الذي نفذته هيئة الحكومة الإلكترونية بالتعاون مع مصرف البحرين المركزي، ومجلس التنمية الاقتصادية، أنه يهدف إلى خدمة صناع القرار لوضع السياسات المناسبة لجذب واستقطاب مزيد من الاستثمارات مساهمةً في دفع العجلة التنموية التي تشهدها المملكة. من زاوية أخرى، ووفقاً لمؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة الأعمال التجارية 2019، فقد تفوقت البحرين على المتوسط الإقليمي (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وتجاوزت بهذا دولاً خليجية، وذلك في مجموع النقاط المؤثرة على 11 مجالاً حيوياً لسهولة ممارسة الأعمال التجارية، وهي بدء النشاط التجاري، واستخراج تراخيص البناء، والحصول على الكهرباء، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان، وحماية المستثمرين، والضرائب، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار، وتنظيم سوق العمل، وهو ما يمثل شهادة دولية مهمة، تبرهن مجدداً على المكانة الإقليمية الرائدة للبحرين. المنامة مركزاً إقليمياً للشركات العالمية أما العامل الثاني، ضمن مساعي تعزيز جاذبية الاستثمارات، فهي المظاهر الملموسة التي يحرزها الاقتصاد البحريني على أرض الواقع، والزخم الذي يفرض نفسه على الدوائر الاقتصادية ووسائل الإعلام العالمية، فقبل انقضاء الربع الأول من العام الحالي، وبالتزامن مع الأنباء الإيجابية لتقليص عجز الميزانية، كان لافتاً ازدحام أجندة المملكة بحشد من النشاطات والفعاليات العالمية المؤثرة، التي تنظمها وتستضيفها في أهم القطاعات المحركة للاقتصاد العالمي. وفي مطلع الشهر الحالي، أطلقت شركة Estater المتخصصة في التكنولوجيا العقارية في البحرين وهي الأولى من نوعها في المنطقة، للاستفادة من بنية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة في المملكة، وهو ما اعتبر دليلاً على الفرص المتنامية للاستثمار في القطاع العقاري في المملكة، خاصةً أنها استقبلت 12 مليون زائراً خلال العام الماضي فقط، أسهموا في انتعاش النمو السنوي للقطاع العقاري بشكل غير مباشر. وتستعد البحرين كذلك، لاستضافة النسخة الحادية عشرة من المؤتمر العالمي لريادة الأعمال، خلال الفترة من 15 - 18 أبريل الجاري، والذي يعقد لأول مرة في المملكة، ويعد واحداً من أكبر المنتديات الاقتصادية العالمية، بمشاركة نخبة واسعة من الخبراء ورواد الأعمال والمعنيين بالشأن الاقتصادي من أكثر من 170 بلداً، الأمر الذي يعزز – بكل تأكيد – بيئة ريادة الأعمال والاستثمار الأجنبي في المملكة، ويشجع على بناء اقتصاد بحريني متنوع ومستدام. وفي سياق ذي صلة، اختار المنتدى الاقتصادي العالمي، ومجلس البحرين للتنمية الاقتصادية (EDB)، أكثر 100 شركة واعدة في الشرق الأوسط لعام 2019، ضمن مبادرة تهدف إلى توفير مزيد من الفرص لهذه الشركات، على أن تتاح لها المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي، وفي هذا الإطار، أكد خالد الرميحي الرئيس التنفيذي للمجلس، أنه لا بد من تشجيع هذه الجهود، ودعمها من قبل المستثمرين وكبار رجال الأعمال وواضعي السياسات، في ظل الإمكانات غير المحدودة للثورة الصناعية الرابعة، والإنجازات القادمة التي يمكن أن يحققها النظام الاقتصادي الإقليمي. بنية تكنولوجية متقدمة ولعل ما أسهم في تصاعد هذا الزخم، ما تشهده البحرين من تطور في القطاعات التقنية والتكنولوجية والتعليمية، ومؤخراً دشنت شركة خدمات الإنترنت العملاقة "أمازون ويب سيرفيسز AWS" مكتب خدماتها السحابية، لتصبح البحرين مقراً إقليمياً لإدارة أعمالها، ويؤكد مجلس البحرين للتنمية الاقتصادية (EDB) أن وجود الشركة سيكون له تأثير بالغ الأهمية على النهوض بالتعليم التقني، وتطوير مهارات الحوسبة السحابية، فضلاً عن نمو ريادة الأعمال وقطاعات أعمال جديدة. وفي تصريحات له في هذا الإطار، يقول الرميحي إن "أمازون" سوف توفر الخدمات لكل أنواع الشركات من رواد الأعمال إلى جانب القطاع الحكومي، متعهداً بمواصلة الدعم الكامل للابتكارات وريادة الأعمال في المملكة، عبر التمويل ومختلف المبادرات، وذلك في الوقت الذي أعرب "زوبين تشاجبار" رئيس قطاع الأعمال العام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في "أمازون" عن ارتياح شركته لإطلاق خدماتها في البحرين، مشيراً إلى أنها ستعود بالفائدة على جميع المؤسسات سواء كانت صغيرة أو كبيرة وتمنحهم القدرة على رفع مختلف عوامل الكفاءة. المشروع الأضخم في تاريخ البحرين وفي واحد من أبرز مظاهر صلابة الاقتصاد البحريني على أرض الواقع، شهدت البحرين في شهر مارس الماضي، وضع حجر الأساس لأضخم المشاريع في تاريخ البحرين الحديث على الإطلاق، وهو تحديث مصفاة شركة نفط البحرين "بابكو" بحجم استثمارات يصل إلى 4.2 مليار دولار، مما يعد تتويجاً لنجاحات الاقتصاد البحريني على طريق المسيرة التنموية الشاملة رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. وكان لافتاً نجاح المشروع في استقطاب تمويل كبريات الشركات والبنوك والمؤسسات المالية المحلية والعالمية، مما يثبت الثقة العالمية في الاقتصاد البحريني، حيث تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة "تيكنيب اف ام سي" الأميركية لتزويد الخدمات الهندسية والشرائية والإنشائية للمشروع بـ4.2 مليار دولار، وبموجبها يقوم كونسورتيوم مكون من مجموعة من الشركات "تيكنيكاس ريونيداس" الإسبانية، و"سامسونج الكورية" باستكمال الأعمال لهذا المشروع الضخم في أوائل عام 2022. ومن المؤمل، أن يسهم تحديث المصفاة في رفد الميزانية العامة للدولة بالمزيد من الأرباح والموارد المالية، وتوفير الآلاف من فرص العمل ذات الأجور العالية للمواطنين، وأن ينعكس ذلك بتوفير حوالي ألفي فرصة عمل في القطاع الخاص، خاصةً أنه يستهدف رفع الطاقة الإنتاجية في المصفاة إلى 360 ألف برميل يومياً، بدلاً من 267 ألف برميل حالياً. ويعزز من القيمة الاقتصادية للمشروع، التوقعات بارتفاع عوائد النفط المستورد من البحرين سنويا إلى أكثر من 10 مليارات دولار من النفط المكرر، مع وجود خط أنابيب النفط الجديد الذي تم تدشينه مؤخراً، ويربط بينها وبين المملكة العربية السعودية بطول 112 كيلومتراً، كثمرة للتعاون المستمر بين شركتي "بابكو" و"أرامكو"، بسعة قدرها 358 ألف برميل يومياً. تسهيلات استثمارية استثنائية وثمة عنصر رئيس، لا يمكن تناول موضوع الاستثمار في مملكة البحرين دون الإسهاب فيه، وهو منطقة البحرين العالمية للاستثمار، التي تعد منذ إنشائها في عام 2015 محركاً رئيساً في تطوير اقتصاد المملكة، حيث تبلغ نسبة استثمار الشركات الدولية فيها 80%.، بأكثر من ملياري دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة، في ما ينوف عن 114 شركة ضمن قطاعات الصناعة، والخدمات متعددة الجنسيات، حيث يعمل بها أكثر من 4500 شخص، ومن أهم ما تمتاز به، تقديم خدمة استئجار الأراضي بمعدلات أسعار تعتبر الأدنى بين جميع دول الخليج العربي، إضافة إلى عقود إيجار قابلة للتجديد لمدة 25 عاماً، حيث يمكن للشركات العمل بحرية في البحرين، مع ملكية كاملة للممتلكات، بالإضافة إلى تقديم إعفاء ضريبي مضمون لمدة عشر سنوات للشركات، وإعفاء جمركي بنسبة 5٪ على المواد الخام والمعدات الآلية الصناعية وقطع الغيار المستوردة للتصنيع. ومن أهم ما يميز منطقة البحرين العالمية للاستثمار، عدم وجود أي قيود على رأس المال، حيث يمكن استرجاع 100٪ من رأس المال والأرباح والإيرادات، ليس ذلك وحسب، لكن يمكن الحصول على دعم الحكومة من خلال المنح المالية ودعم التدريب أثناء العمل فيها، ولاسيما أن المملكة أطلقت العام الماضي، مشروع رأس المال الاستثماري أو ما يطلق عليه "صندوق الصناديق" أو "الواحة"، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل دفعة نوعية للبيئة الداعمة للمشروعات، وبحسب معلومات، فإن الصندوق سيتيح رأس المال الإضافي اللازم لدعم وتمويل المشروعات الناشئة في البحرين ومنطقة الشرق الأوسط. ويعلق خالد الرميحي رئيس مجلس إدارة بنك البحرين للتنمية بقوله، "يسعدنا أن نتمكن من الاستفادة من نقاط القوة في البحرين باعتبار المملكة مركزاً مالياً إقليمياً، وتحتضن بيئة داعمة للمشروعات الناشئة، لدعم نمو موجة جديدة من الأعمال المبتكرة في جميع أنحاء المنطقة". أول مرفق لوجستي في المنطقة وعلى صعيد الخدمات اللوجستية في البحرين، من اليسير القول بأن منطقة البحرين اللوجستية التي تم إنشاؤها في عام 2008 على مساحة قدرها كيلومتر مربع، بمحاذاة ميناء خليفة بن سلمان أكبر وأحدث موانئ المملكة، تعتبر موقعاً مثالياً لأصحاب الاستثمارات والأعمال، من خلال مزايا وخدمات متكاملة تنافس المستويات العالمية، حيث السماح بملكية الأجانب بنسبة 100% ، وإمكانية الوصول إليها بوسائل نقل متعددة من البر والبحر والجو، ومساحات للأراضي تبدأ من 4 آلاف متر مربع، وخدمات التخليص الجمركي على مدار الساعة، إضافةً إلى بنية تحتية متقدمة، وشبكة طرق ونقاط دخول للمساحات المختلفة مصممة بحيث تسهل مرور سيارات الشحن، وسواها من الخدمات اللازمة للشركات. وتبدي المملكة اهتماماً خاصاً بالدعم اللوجستي لقطاع الاستثمار، ووفقاً لمعلومات شؤون الموانئ والملاحة البحرية بوزارة المواصلات والاتصالات التي تتولى تشغيل منطقة البحرين اللوجستية، فإن المنطقة تتيح العمل للشركات الإقليمية والعالمية، وفي حين أن الشركات اللوجستية هي المرشح المفضّل، ترحب منطقة البحرين اللوجستية أيضاً بقطاع التجزئة والموزعين، وتشمل الأنشطة اللوجستية النموذجية تجميع المكونات، ووضع الملصقات على المنتجات، والتغليف وإعادة التغليف والخلط والوزن والتعبئة في أكياس والتحميل على المنصات، وهو ما يمثل ميزة نوعية تتيح طيفاً واسعاً من مجالات الشركات التي يمكنها الاستفادة من هذه الخدمات. وتأسيساً على ما سبق، يمكن الجزم بأن نجاح البحرين الاستثنائي، في استمرار استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية رغم التحديات، سوف ينعكس ازدياداً متصاعداً في تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات، التي يتخذ أصحابها البحرين ملاذاً آمناً ، مستقراً وناجحاً لأعمالهم، ومن المرجح أيضاً، أن نشهد استمرار النهج البحريني الراسخ في اتخاذ مزيد من المبادرات الجريئة، على المديين القصير وطويل الأمد، لتعزيز نطاق السياسات المنفتحة والمعتمدة حالياً، في المجالات التي تشكل دعائم البيئة البحرينية الصديقة للمستثمرين، ولتظل محل ثقتهم.