أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Nov-2014

الفقراء جديرون بالاقتراض*حسن احمد الشوبكي

الغد-في بؤر الفقر التي تشهد اتساعا في رقعتها، في قرى وادي عربة، كما في عجلون والمفرق، وأيضا في عمان والزرقاء وغيرها، ثمة حقيقة مُرة يصعب إنكارها؛ وهي أن المعونة النقدية الشهرية لا تصنع واقعا بأن تغير في أحوال الفقراء. بل على العكس؛ هي قد تجعل نسبة كبيرة منهم أكثر كسلا، لنعود ونطرح من جديد مقولة: "امنحني صنارة صيد، أفضل من أن توفر لي سمكة".
إذ تشير دراسات البنك الدولي إلى أن فقراء الأردن يتلقون 12 % فقط من مجموع الدعم المخصص لأسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية والمياه والكهرباء. والمعنى هنا أن نحو 900 ألف فقير معدم بيننا لا يتلقون إلا الفتات من أصل الدعم الموجه للسلع الأساسية والخدمات، فيما تذهب النسب المتبقية والأكبر لغير المستحقين. وهي "اللازمة" التي رددها كل المسؤولين في الحكومات المتعاقبة، لكن أحدا منهم لم يحدث فرقا في المسألة.
استمعت قبل أسبوع إلى رجل ستيني في وادي عربة، يتحدث وكله حسرة، عن أولاده الأربعة الذين ينامون حتى الساعة الثانية بعد الظهر؛ فلا عمل لديهم ولا ما يحزنون. في حين يتلقى هذا الرجل المهمش مبلغ 65 دينارا شهريا. وتزيد حسرته وهو يرقب مزارع المستوطنين الإسرائيليين "الكيبوتسات" -على بعد مئات الأمتار من قريته "رحمة"- تعج بالحركة والعمل؛ في الزراعة والمصانع وتربية الأسماك وغيرها.
الحقيقة المُرة هي أن جهود مكافحة الفقر، خلال السنوات الماضية، انطوت على فوضى وتشتت وانعدام الرؤية؛ فكيف نفسر إنفاق مليارات الدنانير من دون إحداث فرق في حياة الفقراء؟ وهل المقصود من تلك الجهود "تخدير" الفقراء بجرعات نقدية من وقت لآخر، من دون تغيير أحوالهم بشكل جذري وعملي؟
من السذاجة أن يتم التعامل مع الفقر؛ وهو أخطر الأمراض في أي مجتمع، على نحو موسمي؛ فتارة نوزع لحوم الأضاحي على العائلات العفيفة، وتارة أخرى وجبات رمضانية لأيتام الفقراء، وفي ثالثة حقائب الدراسة ومستلزمات التعليم مع بداية العام الدراسي، ونضع في أيديهم مع نهاية الشهر ورقتين من فئة الخمسين دينارا، ونعتقد أن المسألة حسمت لصالحهم، في حين أن البون وشاسع بين "التمكين" وبين "التسكين".
تحضرني إزاء هذه النتيجة المؤسفة أفكار الاقتصادي البنغالي محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام، والذي أنشأ بنكا للفقراء في بلاده في العام 1983، يمنح القروض متناهية الصغر  للفقراء (ألف دولار أو أقل)، بما يساعدهم على البدء بعمل صغير وبسيط، لكنه مدر للدخل. ويقول هذا العبقري إن "البنوك التقليدية في العالم لا تمانع شطب تريليون دولار خلال أزمة القروض عالية المخاطر، لكنها ما تزال ترفض إقراض 100 دولار لسيدة فقيرة"، علماً أن نسبة سداد هذه القروض تكاد تقترب من 100 % على مستوى العالم.
الإخفاق في محاربة الفقر، وعدم القدرة على تمكين الفقراء، نتيجة تتحملها الحكومات؛ بنسق حكمها الريعي، وأنظمة التعليم بشكلها "المعلب"، كما تتحملها البنوك المعزولة عن محيطها. وحتى نخطو خطوات حقيقية إلى الأمام، تنبغي لملمة البعثرة في هذا الشأن، والتوجه إلى الفقراء بمشاريع واضحة يتوفر لها التمويل اللازم، وتقود إلى تشغيلهم ومنعهم من مد أيديهم إلى الأبد.