أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2019

الرفع غير المبرر من البنوك لأسعار الفائدة على القروض*زياد الرفاتي

 الراي-طالعنا وسائل الاعلام بين فترة وأخرى بتقارير تشير فيها إلى شكاوى وتذمرات من عملاء البنوك الحاصلين على قروض منها ولا سيما قطاع الأفراد بارتفاع كلفة الاقتراض وزيادة الاقتطاعات من رواتبهم المحولة إليها نتيجة لرفعها سعر الفائدة على القروض الممنوحة لهم وما يسبب ذلك من أعباء مالية إضافية تستنزف جزءاً من دخلهم، وعندما يقومون بالاستفسار عن سبب الرفع يتم إجابتهم من قبل المعنيين قي البنوك بأن ذلك ناتج عن قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة..

 
وفي هذا السياق، أود أن أوضح بعض الحقائق والمعطيات حول هذا الموضوع :
 
1- يستخدم البنك المركزي الأردني كغيره من البنوك المركزية الأخرى أدوات وأساليب كمية للسياسة النقدية التي يمكن التأثير من خلالها على كمية النقود المتداولة وحجم الائتمان المصرفي، مثل سياسة الاحتياطي النقدي الإلزامي، سياسة السوق المفتوحة، وسياسة سعر إعادة الخصم.
 
وما يهمنا في هذا الصدد هو سياسة سعر إعادة الخصم، وهو سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركزي مقابل إعادة خصم الأوراق التجارية (المخصومة لديه) وأدوات الخزينة الموجودة لدى البنوك التجارية لزيادة نسبة السيولة لديها.
 
ويستخدم البنك المركزي سياسة سعر إعادة الخصم كوسيلة من وسائل الرقابة غير المباشرة، وعن طريق هذا الأسلوب يستطيع التحكم في كمية النقود المتداولة.
 
ويلجأ البنك المركزي إلى رفع سعر إعادة الخصم إذا أراد تخفيض نسبة المعروض النقدي والعكس صحيح.
 
ففي حالات التضخم، يقوم البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم، الأمر الذي يجعل تكلفة الاقتراض منه مرتفعة، فتقوم البنوك برفع سعر الخصم فيقل الطلب على السيولة المرتبطة بخصم الأوراق التجارية، ويفضل العملاء في هذه الحالة الاحتفاظ بأوراقهم التجارية وأوراق الخزينة لديهم لارتفاع تكلفة الخصم فيقل الطلب على الائتمان المصرفي ويقل النقد المتداول وكذلك الطلب على السلع والخدمات، إلى أن تزول مظاهر التضخم السلبية.
 
وفي حالات الانكماش، يلجأ إلى خفض سعر إعادة الخصم فتزداد قدرة البنوك على التوسع في الائتمان ويزداد حجم النقد المتداول، ويزداد الطلب على السلع والخدمات بشكل مستمر.
 
2- يقوم البنك المركزي بين فترة وأخرى بتعديل سعر إعادة الخصم إما بالزيادة أو بالتخفيض للمحافظة على تنافسية الأدوات المالية الادخارية بالدينار الأردني في ضوء تطورات أسعار الفائدة في الأسواق الدولية وبعد الأخذ بعين الاعتبار الأداء الاقتصادي في المملكة.
 
وقد رفع البنك المركزي هذا السعر عدة مرات في عامي 2017 و2018.
 
وعلى ضوء قيامه بالرفع، تقوم البنوك بشكل تلقائي برفع سعر الفائدة على القروض الممنوحة للعملاء، وتقوم بهذا الإجراء في كل مرة يتم فيها الرفع من البنك المركزي، ويشمل ذلك رفعها لسعر الفائدة على القروض القائمة الممنوحة منذ فترات زمنية سابقة قبل قرار الرفع، والقروض الجديدة الممنوحة بعد تاريخ القرار، متذرعة بإجراء البنك المركزي بالرفع وهو غير مبرر من النواحي المصرفية للأسباب التالية :
 
أ- تقوم البنوك بشمول القروض القائمة الممنوحة قبل القرار بالرفع، بينما هذه القروض يكون البنك قد مولها من أموال أخرى بتكلفة مختلفة لا علاقة لها بأموال إعادة الخصم الجديدة التي قد تحصل عليها البنوك بعد تاريخ قرار البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم، فهل الأرصدة القائمة للمحفظة الائتمانية ولا سيما قروض الأفراد مولتها البنوك جميعها من عمليات إعادة الخصم وبهذا الحجم الكبير، وبالطبع الإجابة لا، ولا يمكن أن يتم ذلك من الناحية العملية.
 
ويعود ذلك إلى تفسير البنوك لتعليمات وأوامر البنك المركزي لصالحها، وهذا غير مبرر ولا يخضع لمبدأ العدالة والشفافية بالتعامل مع العملاء الذي يحرص البنك المركزي عليها، ويؤكد على البنوك بتطبيقها بالشكل السليم.
 
ب- إن البنوك تقوم بالرفع بمجرد إصدار البنك المركزي قرار رفع سعر إعادة الخصم وهو يخص البنوك التي ترغب بالاقتراض منه على شكل إعادة الخصم، بينما تقوم البنوك بالرفع مباشرة حتى ولو لم تقم بالاقتراض من البنك المركزي حيث أن الاقتراض ليس إلزامياً وهو خيار ويعود حسب وضع السيولة لدى كل بنك وحاجته لها في تقديم التمويل إلى العملاء.
 
ج- إن أسعار الفائدة على القروض التي تمنح من البنوك معومة ولا يتدخل البنك المركزي في تحديدها، وهي خاضعة للسياسة الائتمانية لكل بنك.
 
د- إن البنوك تحتفظ بمعدلات سيولة مريحة تفوق نسبة السيولة القانونية (الموجودات السائلة مقسومة على المطلوبات السائلة) والمحددة من البنك المركزي بأن لا تقل عن 100% ، أي أن الموجودات السائلة يجب أن تعادل المطلوبات السائلة أو تزيد عنها، وهذا يجنبها بشكل عام اللجوء إلى الاقتراض من البنك المركزي على شكل إعادة الخصم، وقرار الاقتراض من عدمه يتحكم به عامل القدرة على توفير السيولة لديها من مصادر أخرى كودائع العملاء مثلاً التي تعتبر مصرفياً مصدر الأموال الأساسي للبنوك في الاقراض وليس أموال اعادة الخصم التي هي بمثابة مصدر مؤقت ولا تتصف بالديمومة، ويفترض أن يكون لها القدرة على امتصاص وتحمل أي رفع غير مؤثر على سعر إعادة الخصم وعدم تحميله على العملاء ولا سيما الأفراد.
 
فالبنوك أحياناً عليها أن تراعي ظروف العملاء نظراً لإمكانياتها وقدراتها ولاعتبارات اقتصادية واجتماعية وإنسانية أخرى ولا سيما قطاع الأفراد، حتى وإن كانت شروط الاتفاقيات مع المقترضين تجيز لها تعديل سعر الفائدة حيث أن الاستناد الى ذلك في الرفع لا يكفي، ويفترض أن يخضع ذلك لضوابط ومحددات.
 
وما يعزز قدرة البنوك على توفير السيولة دون الحاجة الى أموال اعادة الخصم هو خلو ميزانيات معظمها في جانب المطلوبات منها من بند أموال مقترضة من البنك المركزي، وإن وجدت في بعض الأحيان تكون مدة استحقاق سدادها قصيرة الأجل، وتسدد في وقت أسرع ويسبق بكثير تاريخ استحقاق سداد قروض العملاء التي تمتد كما أسلفنا إلى ثماني سنوات كحد أقصى وتم رفعها مؤخراً إلى عشر سنوات، ويستمر البنك في استيفاء الفائدة المرتفعة عليها طوال سنوات القرض بينما يكون هو قد سدد الأموال المقترضة من البنك المركزي في وقت أسبق.
 
و- إن رفع سعر الفائدة وما ينتج عنه من التهام جزء إضافي من الدخل، له تبعات سلبية على النمو الاقتصادي، وتراجع الإنفاق، وخفض الطلب على السلع والخدمات، واتساع دائرة الفقر، وعدم القدرة على مواجهة الالتزامات والاحتياجات الحياتية الملحة، وإحجام المتعاملين عن اللجوء إلى البنوك للاقتراض لتدبير شؤونهم، وإمكانية الحصول على تمويل يبقى تحدياً كبيراً أمام الأسر الأقل دخلاً حسب ما جاء في دراسة البنك الدولي حول الاقتصاد الأردني، ويصبح عامل سعر الفائدة طارداً بدلاً من أن يكون جاذباً.
 
وفي الختام لا بد من التأكيد على دور البنك المركزي المهم في هذا المجال ممثلة بدائرة حماية المستهلك، وكذلك دور جمعية البنوك والجمعيات المهنية الأخرى المختصة بالتوعية بالخدمات المالية والمصرفية، ودوائر الامتثال في البنوك التي من أحد مهامها التأكد من امتثال البنك بتعليمات وأنظمة وأوامر البنك المركزي وحسن تطبيقها بالشكل الأمثل، تجاه هذا الموضوع وإيجاد التكامل بينهم في ذلك لما فيه تحقيق المصلحة العامة والمشتركة.