أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2016

قوة الدولار تعني المشاكل للعالم

الغد-ترجمة: ينال أبو زينة
 
عندما نظر المؤرخون الاقتصاديون إلى السنوات السابقة التي تبعت الأزمة المالية العالمية، ربما يكونون أطالوا التفكير تحديداً في اللحظة التي بلغ فيها الإقراض الخارجي بالدولار ذروته. أكان شهر أيلول (سبتمبر) 2012، عندما أصدرت زامبيا أول سنداتها الأوروبية (المقومة بالدولار)، بعائد من 5,4 %، وتلقت 12 ملياراً من الطلبات؟ ربما تم الأمر بعد سنة من ذلك، عندما استحوذ المستثمرون على سند أوروبي بقيمة 850 مليون دولار أصدرته شركة لصيد سمك التونا مدعومة من الدولة في موزامبيق.
وفي الفترة ما بين هاتين الحالتين تمكنت شركة "بيتروبراس"، شركة النفط الحكومية البرازيلية، من إصدار ما قيمتها 11 مليار دولار على 10 سنوات من السندات في أيار (مايو) العام 2013، وهو رقم قياسي بالنسبة لشركة في السوق الناشئة.
وللمستثمرين في الواقع أسبابهم للندم على القيام بمثل عمليات الشراء هذه، حتى قبل ارتفاع قيمة الدولار الأخير. ففي الفترة ما بين التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وعطلة عيد الشكر، ارتفعت قيمة الدولار بنسبة 3 % مقابل سلة عملات الدول الغنية. وغالباً ما تكون مثل هذه القفزة نادرة الحدوث في وقت قصير. وسوف يساعد نهم الاقتراض بالدولار خلال هذه السنوات في تفسير السبب وراء قفز العملة الأميركية الخضراء بهذا الشكل.
بحلول نهاية العام الماضي، راكمت الحكومات والشركات خارج أميركا 9,7 ترليون دولار من القروض المقومة بالدولار، وفقاً لبنك التسويات الدولية (بي آي إس). ومن هذه المبالغ الهائلة، كانت ما مقدارها 3,3 تريليون مستحقة على مقترضين من الأسواق الناشئة، وتقع معظمها على ميزانيات الشركات. وفي الدول التي تعاني الديون بالعملة الأجنبية، يعمل سعر الصرف بمثابة مضخم مالي. ويصبح رصيد الدين بالدولار مثل صفقة بيع. ومن هنا، عندما تضرب صدمة ما، يرفع التدافع نحو غطاء قصير الأجل قيمة الدولار.
ولدى ارتياد الدولار مساراً تصاعدياً مؤخراً سبب مباشر. حيث يتوقع المستثمرون من الرئيس ترامب أن يجد أرضية مشتركة مع الكونغرس حول خفض الضرائب المفروضة على الشركات وزيادة الانفاق على البنية التحتية. وربما يدفع التباهي المالي الإحتياطي الفدرالي إلى رفع معدلات الفائدة بشكل أسرع، معيداً رأس المال إلى أميركا مرة أخرى ورافعاً من قيمة الدولار أكثر. وفي حال حفز تخفيضات الضرائب المفروضة على الشركات الشركات متعددة الجنسيات على العودة إلى الوطن بأكوام الأرباح التي حصلوها في الخارج حتى الآن، فإن ذلك سيعوم الدولار أكثر.
وسوف تبقى السياسة النقدية في منطقة اليورو يسيرة وسهلة. فمن المتوقع للبنك المركزي الأوروبي أن يوسع برنامجه لشراء السندات في اجتماعه السياسي الكبير المقبل. ويعتبر انتخاب الرئيس ترامب، من جهة أخرى، بمثابة "الهدية" بالنسبة إلى بنك اليابان، وفقاً للسيد بول شيرد من "إس آند بي جلوبال". ففي شهر أيلول (سبتمبر)، التزم البنك بتخطي هدف التضخم خاصه، البالغ 2 %. وفي الواقع سوف يساعد الين الأضعف، بحيث انخفض في الأسابيع التي لحقت انتخاب ترامب بنسبة 7 %.
وفي حين تم التهليل للدولار القوي في طوكيو وفرانكفورت، ليس أمر قوته بالمرحب فيه في الأسواق الناشئة –وذلك لثلاثة أسباب. أولاً، تضع الانهيارات الحادة للعملات ضغوطاً على البنوك المركزية لرفع معدلات الفائدة، بغية الحد من الاستهلاك المستمر واحتواء التضخم الناشئ عن ذلك على حد سواء.
وفي سياق متصل، رفع البنك المركزي التركي معدلات الفائدة في الرابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الراحل، كاستجابة إلى انهيار عملة الليرة إلى أدنى مستوىً لها مقابل الدولار، على سبيل المثال.
ثانياً، للدولار القوى تأثيره غير المباشر على شروط الائتمان في الأسواق الناشئة. بحيث وجدت دراسة، قامت عليها فالنتينا برونو من الجامعة الأميركية في واشنطن وهيون سونغ شين من "بي آي إس"، أن شركات الأسواق الناشئة تلك التي تستطيع الاقتراض بالدولار تعمل وكأنها شركات مالية بديلة. وعندما كان الدولار ضعيفاً، كانت هذه الشركات تقترض بحرية في الأسواق العالمية. وعلى النقيض من ذلك، تسبب تمكين الدولار بتشديد عام على الائتمان في الأسواق الناشئة.
ويأتي تأثير ثالث من إرث الإقراض السابق بالدولار. ومع اندفاع الشركات لسداد ديونها المقومة بالدولار، يغلب الظن أنها ستضطر إلى تخفيض استثماراتها وفرص العمل المتاحة فيها.
ويظهر تأثير الدولار الأقوى جلياً في تمويل دول العالم الغني أيضاً. ويكمن لغو تمويلي في أن أسواق العملات الأجنبية تتبع نهج "التكافؤ الذي تغطيه الفائدة"، والذي يقول إن سعر الصرف الآجل ينبغي أن يعكس سعر الصرف الحالي والفجوة بين معدلات الفائدة على كل عملة. وعلى العكس من ذلك، يمكن لمضارب أن يشتري اليوم عملة بسهولة فائقة، وتثبيت السعر الآجل، وحصر الفائدة مع تمتعه في نفس الوقت بالقدرة على جني الأرباح عندما تتم تسوية العقد الآجل. وينبغي أن تكون فجوة معدلات الفائدة الضمنية في الأسواق الآجلة عند مستوى صفر. وبالنسبة لعقود الدولار/الين، فقد خرجت عن هذا الوضع وصولاً إلى 0,9 % تقريباً في فترة 3 أشهر. وهذا يعني أن الشركات والبنوك ما تزال تدفع أكثر مما هو طبيعي لشراء الدولارات مهددةً بمخاطر التحوط. وتبدو تكلفة التحوط وأنها ترتفع مع صعود الدولار.
لقد تم الخروج بأوجه للشبه بين الفترة الراهنة وفترة سابقة، بحيث كان الدولار ارتفع بنسبة 50 % في الفترة ما بين العام 1980 و1985، الأمر الذي جاءت آثاره مدمرة على المصدرين في أميركا. وقد تم نزع فتيل الضغط من أجل حدود تجارة أكبر وأعلى فقط على يد "بلازا أكورد" الخاص بالعام 1985، وهو اتفاق بين الدول الغنية لإضعاف الدولار. ويبقى القلق الأكبر، الذي يحيط بصعود الدولار الأخير، أن قوة الدولار لن تحفز الاتفاق وإنما الصراع. ويبدو الرئيس ترامب حريصاً جداً على اللجوء إلى الحمائية في محاولة مضللة لموازنة التجارة الأميركية. وربما يكون الدولار الأقوى المحفز خلف هذه الخطوة الكارثية.
 
"الإيكونوميست"