أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Sep-2019

أردنة الفكر الاقتصادي.. مقدمات ضرورية*سامح المحاريق

 الراي-أطلق رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة تعبيراً جديداً يمكن إضافته إلى قاموس المصطلحات السياسية المتضخم أصلاً، ومع ذلك فيمكن استقبال المصطلح بكثير من الارتياح إذا كان ستجري ترجمته فعلياً وبطريقة صحيحة، فالرجل يتحدث عن نظرية اقتصادية تنطلق من متطلبات الأردن السياسية والاجتماعية، وبذلك يسعى لإغلاق الباب أمام استيراد النظريات، وحتى لو كان ذلك متأخراً بعض الشيء.

 
عملت المدارس المستوردة على اتباع الاقتصادي الأردني بأكثر نماذج الليبرالية الاقتصادية تطرفاً، أي النموذج الأميركي، حيث تتداخل الشركات في التأثير على صياغة السياسات العامة بشكل كبير، وتتقبل الثقافة الأميركية التي قامت على الريادة والمغامرة الفردية هذه التأثيرات الواسعة، فالأميركي الجيد هو الأميركي الناجح، والقيمة السوقية هي معيار النجاح.
 
أدى تطبيق المناهج الاقتصادية القادمة إلى اختلالات هيكلية في الأردن، فمعظمها أتى تصميمه في ظل اقتصاد هائل الموارد ولخدمة دولة توسعية تستطيع فرض إرادتها على العالم، أو هكذا بدت الأمور على الأقل منذ 1989، وكعكة الموارد الأميركي تستوعب وجود الشركات المحلية والدولية وترحب بمساهمتها، أما الوضع في الأردن فلم يكن كذلك مطلقاً، والتدخل الحكومي وسيطرته على قطاعات اقتصادية معينة لم يكن شراً خالصاً بل على العكس من ذلك كان يسهم إيجاباً في تحقيق التوازن بين الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية.
 
من الجيد أن ندرك هذه الحقيقة ولو متأخراً، ومن المهم الوقوف عند الاعتراف المنقوص الذي قدمه رئيس مجلس النواب والذي كان ليكتمل مع اقرار دور مجلس النواب في الوصول إلى هذه الحالة أيضاً وما حمله الأردنيون من ملاحظات كثيرة حول دورهم التشريعي والرقابي على امتداد السنوات الأخيرة، والتساؤل الذي يجب التعامل معه بجدية يتعلق بالخطوات القادمة التي يمكن ترجمة مفهوم أردنة (الفكر) الاقتصادي من خلالها.
 
تعوز الحكومة الحالية هذه الرؤية، فهي خرجت أصلاً من عملية الاستيراد الحثيثة للفكر الاقتصادي الغربي والأميركي خصوصاً، ومجلس النواب يفتقر أيضاً لوجود كتل قائمة على البرامج وتحركات أعضائه تتسم بالارتجال و(الفزعة) بأكثر ما تعبر عن رؤية أو توجه.
 
توجد تلميحات كثيرة حول رحيل الحكومة والمجلس قريباً، إلا أن ذلك، وخاصة بعد نوبة المصارحة على هامش المنتدى الاقتصادي الأردني الثاني، يرتب على الجانبين مسؤولية وطنية وأخلاقية وسياسية للعمل على تهيئة الأجواء للقادمين في المرحلة المقبلة ليعملوا على استدراك الموقف وتدشين مرحلة جديدة من الانفتاح على جميع الأطراف التي قد تسهم في ايجاد حلول مستدامة لأزماتنا التقليدية، والأهم، الالتفات للإصلاح الاقتصادي الذي يتيح للمواطنين تمثيل أنفسهم بعيداً عن الوصاية التي تمارسها النقابات والغرف التجارية والصناعية وحتى الإعلاميين.