محافظ البنك المركزي الليبي يحذِّر: الصراع العسكري عرقل خطوات الإصلاح الاقتصادي وأدى إلى مشكلات سيولة
رويترز: قال الصديق عمر الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، ان هجوما شنته قوات شرق ليبيا (المسماه «الجيش الوطني الليبي» بقيادة خليفة حفتر) للسيطرة على العاصمة طرابلس أدخل إصلاحات اقتصادية وليدة في دائرة الشك وجدد مشكلات السيولة.
وأضاف انه لا اتصال له حاليا برئيس فرع مواز للبنك المركزي في بنغازي في شرق البلاد، وأن هذا المزق نتج عن الانقسام السياسي في ليبيا.
ومنذ 2014، انقسمت ليبيا بين حكومتين متنافستين وتحالفين عسكريين في طرابلس وفي الشرق، وهو ما أثر على مؤسسات رئيسية مثل البنك المركزي و»المؤسسة الوطنية للنفط».
ورغم ذلك، مازالت إيرادات النفط، المصدر الرئيسي لدخل ليبيا، يديرها البنك المركزي في طرابلس، حيث مقر الحكومة المعترف بها دوليا.
ومع تذبذب إنتاج النفط على مدى السنوات الخمس الأخيرة، نشأت وترعرعت ت سوق سوداء كبيرة للنقد الأجنبي، وعانت البنوك من نقص في السيولة، وهبطت مستويات المعيشة بشكل حاد.
ويتجه معظم الإنفاق لتغطية الرواتب الحكومية المتضخمة والدعم، لكن الكبير قال أنه تقرر تخصيص خمسة مليارات دينار (3.58 مليار دولار) في وقت سابق هذا العام للإنفاق على مشروعات تنمية متجمدة منذ 2010، من بينها مدارس وجامعات وطرق.
لكن خطط الإنفاق هذه تعطلت حين هاجمت قوات موالية للحكومة في الشرق بقيادة خليفة حفتر طرابلس في أوائل أبريل/نيسان، في الوقت الذي كانت الأمم المتحدة تستعد فيه لإجراء حوار وطني في إطار جهود لتوحيد البلاد.
وقال الكبير في مقابلة جرت أثناء زيارته للندن «كان هناك بصيص من الأمل في نهاية مارس (آذار) وأوائل أبريل (نيسان)، لكن تفاجأنا بصراحة ولم نكن متوقعين الهجوم العسكري الذي قام به خليفة حفتر على طرابلس».
وتقدمت قوات حفتر بسرعة من الجنوب، لكنها لم تتمكن من التقدم فيما وراء ضواحي طرابلس.
وعرقل القتال تسليمات الأموال لبعض البنوك خارج العاصمة، حسبما قال الكبير، وهو ما أدى إلى أزمة سيولة، كانت قد انفرجت بعد فرض رسوم العام الماضي على معاملات العملات الأجنبية بسعر الصرف الرسمي – لكن الطوابير أمام البنوك لم تنحسر.
وتابع المحافظ «في العيد السابق، لم نتمكن من إيصال سيولة فيما بعد 60 كيلومترا من طرابلس»، مشيرا إلى عيد الفطر الذي جاء في أوائل يونيو/حزيران.
وقال «أرسلنا سيولة بالهليكوبتر، وبالطبع كنا خائفين من إسقاط الطائرة»،
مشيرا إلى شحنة أخيرة كانت تبلغ 11 مليون دينار كانت مرسلة إلى مدينة جادو في الغرب استولت عليها قوات حفتر، التي احتجزت خمسة ملايين دينار وسلمت الباقي.
ولم يتسن حتى الآن الحصول على تعليق من «الجيش الوطني الليبي» الذي يقوده حفتر.
وقاد المجتمع الدولي جهودا لتوحيد مؤسسات ليبيا والحيلولة دون تنامي الصراع على الثروة النفطية إلا أنها توقفت. وقال الكبير ان المرة الأخيرة التي رأى فيها علي الحبري، محافظ البنك المركزي في الشرق، كانت العام الماضي خلال اجتماعات لتنسيق مراجعة خارجية للعمليات في كلا البنكين المركزيين.
وأعيد حديثا طرح عطاء للمراجعة بعدما أخفقت في جذب أي عروض، حسبما قال الكبير. وأضاف «المشكلة ليست في تجميع البنك المركزي مع بعضه… لكن حل المشكلة السياسية يأتي أولا».
وتراكمت ديون كبيرة على حكومة الشرق من خلال نظام محاسبي مواز، جزئيا من خلال سحب ودائع من البنوك التجارية. وفرض البنك المركزي في طرابلس مزيدا من التدقيق في طلبات الحصول على النقد الأجنبي من أربعة بنوك، من بينها ثلاثة في الشرق، متعللا بمعاملات مشبوهة.
وتكافح عدة بنوك للحفاظ على النسبة المطلوبة من ودائع العملاء لدى البنك المركزي وقدرها 20 في المئة.
وقال الكبيرأنه إذا حدث خرق من جانب البنوك لهذه النسبة، فيمكن للبنك المركزي أن يتخذ إجراءات من بينها «تقديم خط إئتماني أو قرض أو تشكيل لجنة إدارة مؤقتة، أو خيارات أخرى». وتابع «لا ينوي مصرف ليبيا المركزي ان يترك البنوك الليبية تواجه الإفلاس في ظل الوضع الحالي، هناك حاجة ملحة وطنية وعامة للحيلولة دون ذلك».
وفال أِيضا ان هناك مزيدا من الخطوات لمواجهة السوق السوداء للنقد الأجنبي لكنها تأخرت أيضا، مضيفا ان حكومة طرابلس، التي تكافح لبسط نفوذها منذ تشكيلها في 2016، أخفقت في العمل على إصلاح دعم الوقود، كما تم الاتفاق عليه حينما فُرضت رسوم النقد الأجنبي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتابع «لكننا مازلنا نعمل على ذلك… لدينا خطط جاهزة، لدينا سيناريوهات مختلفة، أجرينا اختبارات التحمل، لكن تعلم، متى الوقت المناسب لاتخاذ الإجراء؟».
(الدولار يساوي 1.3983 دينار ليبي بالسعر الرسمي).