أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Sep-2022

مكافحة التضخم أم تحفيز النمو؟*د. عدلي قندح

 الراي 

تبنت الحكومة خطة للتحديث الاقتصادي التي تفترض أن تحقق ركيزتها الأولى قفزات نوعية في النمو الاقتصادي واستحداث مليون فرصة عمل خلال العقد المقبل، مع تحقيق نموّ مستمر لصافي دخل الأفراد بنسبة 3% سنوياً.
 
وبنفس الوقت اجتاح الاقتصاد العالمي موجة تضخم غير مسبوقة نتيجة السيولة التي ضخت في الكثير من الاقتصادات لمعالجة شح السيولة ونقص التدفقات النقدية بسبب اغلاقات الناجمة عن جائحة كورونا من جهة، وتعثر سلاسل التوريد العالمية التي تعاني منها الموانئ في روتردام وشنغهاي ولوس أنجلوس والتي ادت الى زيادة التكاليف الأساسية للسلع، مثل الغذاء والطاقة، من جهة ثانية.
 
كما أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي يهدف الى تحقيق الاسـتقرار الاقتصادي والمالي، وأبرز عناصره تقليل عجز الموازنة العامة، وتخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات الوطنية وثبات سعر صرف الدينار تجاه الدولار.
 
ولكن التساؤل الذي يطرح هو «هل برامج الصندوق مصممة بشكل مناسب لتقديم مساعدة فعالة إلى الدول التي تلجأ إليه، أم أنها برامج إقراض لا تهتم بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي تحتاجها الدول لتخفيف معدلات الفقر والبطالة وتوزيع مكاسب التنمية بعدالة؟» التجارب السابقة للدول مع الصندوق تشير إلى أن برامج الصندوق كانت قادرة على تأمين تحسينات مستدامة في ميزان المدفوعات، لضمان تسديد الدول لديونها من الصندوق، لكنها غير قادرة على تحقيق الأهداف المتعلقة بالنمو والتنمية المستدامة وغيرها.
 
لا شك أن أحد الاهداف الاساسية للسياسات الاقتصادية التي تلجأ اليها الحكومات للتدخل لمعالجة الاختلالات في الاقتصاد هو المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي واستقرار سعر الصرف وضمان متانة وقوة الجهاز المصرفي، وهذا يتحقق من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية بفاعلية للحفاظ على حجم مناسب من الاحتياطيات الأجنبية والحفاظ على جاذبية الدينار كوعاء ادخاري. فهل يمكن مكافحة التضخم وبنفس الوقت تحقيق اهداف النمو الاقتصادي؟
 
في جانب تحقيق النمو وخلق مليون فرصة عمل، رصدت الحكومة كافة المبالغ المخصصة في موازنتها للنفقات الرأسمالية، وبنفس الوقت تراهن على القطاع الخاص لتوفير أكثر من 30 مليار دينار لهذه الغايات. عدم رفع الضريبة يعني أن الحكومة ستلجأ للمزيد من الاقتراض لتوفير هذه المبالغ وهذا سيكون مكلفاً في ظل الزيادات المتواصلة على أسعار فائدة سندات الخزينة جراء الارتفاعات المتواصلة في اسعار الفائدة الرسمية. فقد ارتفعت أسعار الفائدة على كافة سندات الخزينة لكافة الآجال بنسب تجاوزت نصف الزيادات المسجلة في اسعار الفائدة الرسمية خلال ?لفترة المنقضية من هذا العام، وهذا سيشكل عبئاً اضافياً على النفقات الجارية في الموازنة على حساب النفقات الرأسمالية والتنموية الأخرى.
 
الاقتصاد الاردني كغيره من الاقتصادات العالمية يصارع لتحقيق أهداف الاستقرار المالي النقدي فهل سيكون ذلك على حساب تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي؟ فهو يتبنى سياسة انكماشية لمكافحة التضخم من خلال ادوات اسعار الفائدة، وبنفس الوقت يتبنى خطة تحديث اقتصادي مكونة من 8 محركات لنمو الاقتصاد، و 35 مـن القطاعات الرئيسـة والفرعيـة التي تتضمـن أكثـر مـن 366 مبـادرة.
 
على أرض الواقع، غالبية المؤشرات تشير الى أن الأولوية هي لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي وهذا ما تدعمه كافة عناصر برنامج الاصلاح الاقتصادي والاجراءات التنفيذية التي تتبناها الحكومة مع صندوق النقد الدولي.
 
المبرر الذي تتبناه الحكومة بهذا الخصوص هو أن الاستقرار المالي والنقدي والاصلاحات الهيكلية هي عناصر اساسية في توفير البيئة المناسبة للنمو. اذن الاولوية العالمية والمحلية الآن هي لمكافحة التضخم وهذا له ثمن باهض على النمو الاقتصادي.