أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jun-2018

بين الأشقاء: لا أثمان ولا مقايضات! *حسين الرواشدة

 الدستور-ما الذي دفع الاشقاء في السعودية الى المبادرة لعقد اجتماع «مكة» من أجل مساعدة الأردن على تجاوز أزمته الاقتصادية؟

الإجابات -بالطبع- جاءت متباينة، البعض أشار الى احتجاجات الشارع مؤخراً، آخرون ذكرونا بصفقة القرن وما يترتب عليها من استحقاقات، او بما حصل من استدراك في التحالفات وبما يمكن ان يحدث من تحولات على هذا الصعيد.
معظم هذه التحليلات استندت الى قاعدة سياسية تتعلق «بالثمن» المطلوب، على اعتبار ان لكل شيء ثمنه، وان ما يقدم من معونات لا يمكن ان تكون هكذا مجانية، وهذا يبدو صحيحاً في المجمل، لكنه في حالة علاقتنا مع الشقيقة السعودية – تحديداً – ومع الكويت والإمارات تالياً، قد لا يكون دقيقاً، فهذه العلاقة، مهما كان حجم الاختلافات – تقوم اساساً- منذ تأسيس هذه الدول- على مبادئ ثابتة عابرة للمصالح والحسابات الآنية.
قبل ان استطرد بشرح الفكرة استناداً الى شواهد التاريخ، استأذن في تسجيل نقطة نظام، فقد سبق ان سمعت من سفير المملكة العربية السعودية بعمان خلال سهرة رمضانية في منزله حضرها عدد من الدبلوماسيين والإعلاميين، تشخيصاً دقيقاً لما تفكر به المملكة من «دعم» اقتصادي للأردن، حدث هذا قبل انطلاق الاحتجاجات، وتحديداً قبل موعد الاضراب الذي قامت به النقابات بيوم واحد، الرجل أشار الى الخيارات التي يمكن ان تتبناها المملكة وهي مطابقة تماماً لما أقره اجتماع «مكة»، كما انه وعد ان يسمع الأردنيون أخبارا سارة في غضون أسبوع او أسبوعين، وبدا واثقاً تماماً من كلامه.
إذا تجاوزنا -هنا- ان المبادرة بدعم الأردن سابقة على ما حدث من احتجاجات، فإن مناقشتها في إطار «المقايضات» السياسية لا تجد اية إشارات تؤكدها، فالأردن يتعامل مع أشقائه في الخليج بمنطق «التعاون» اساساً ولم يستخدم في تاريخ منطق «المناكفة» او الصراع على الأدوار، كما انه لا يمكن ان يتنازل عن موقفه وثوابته المتعلقة بالمصلحة الوجودية الكبرى، وهذه المصالح – كما قال السفير السعودي- مقدرّة ومحترمة من الاشقاء في الخليج.
تاريخياً، لم يحدث ان انسحبت المملكة العربية السعودية والكويت والامارات من واجباتها تجاه الأردن، والعكس صحيح ايضاً، وحتى بعد أزمة احتلال العراق للكويت ظلت العلاقات بين الأردن وهذه الدول قائمة، وسرعان ما استعادت عافيتها، بما يعني ان هذه العلاقات قائمة على أساس «الأخوة» والمصير والهدف المشترك، كما انها مهما اختلفت المواقف السياسية تبقى راسخة نظراً للعمق الاستراتيجي الذي يربط الأردن بمحيطه العربي والخليجي تحديدا.
أسوأ ما يمكن ان نفعله في مثل هذا الزمن الذي نبحث فيه عن «بريق» امل بالتئام الجرح العربي، وعودة العواصم الى الشراكة والتعاون والاستجابة لروح الدين والعروبة هو التعامل بمنطق « من خاف ممن؟» او من «انتصر على من»؟، لا سيما اذا كانت ثمة مبادرات تنطلق من هنا او هناك لتصحيح المسار العربي او للتقريب بين الأشقاء، او لتجاوز أزمات يمكن ان تنتقل من بلد لآخر دون استئذان.
ما فعله اشقاؤنا في السعودية، والكويت، والإمارات، يجب ان نسجله في قائمة «الشكر والاعتزاز والتقدير» كما يجب ان نفهمه في إطار الواجب المتبادل بين الاخوة، ولا يجوز ان نخضعه لأهواء التحليلات التي قد توسع «الجدل» وتدخل الريبة بين أبناء الدم الواحد، الذين يفترض ان يتصدوا للخطر الداهم الذي يحيط بالجميع مهما اختلفت اسماؤه ومصادره واتجاهاته.
باختصار، اجتماع مكة بمبادرة اشقائنا في السعودية كان انتصاراً لقيم عزيزة كاد واقعنا العربي البائس ان يشطبها من ذاكرتنا: قيم التعاون والتكافل والمحبة بين أبناء الامة الواحدة التي يذكرنا بها «حزب الفضول « قبل الإسلام كما تذكرنا بها حادثة المؤاخاة بعده الهجرة النبوية، ونحن اليوم أحوج ما نكون الى ترسيخ مثل هذه القيم على أمل انتاج «مشروع» عربي قادر على المنافسة في إقليم ملتهب لم يعد للعرب مكان فيه إذا مالم يتوحدوا في إطار عابر للخلافات والصراعات الضيقة.