أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2018

(الفينيق) يوصي بتطبيق مبدأ التصاعدية في الضرائب المباشرة

 الرأي-أوصت ورقة سياسات أعدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بتعديل صلاحيات مجلس الوزراء في تحديد السلع الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات والضريبة الخاصة، وتعديل صلاحيات مجلس الوزراء في تحديد معدلات الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة، وتخفيض معدلات الضريبة العامة على المبيعات، وتخفيض سقوف الدخول الخاضعة لضريبة الدخل وتخفيض معدلات الضريبة عليها، وزيادة عدد شرائح الدخول الخاضعة للضريبة التصاعدية.

 
وجاء في الورقة التي أعدها الباحث الاقتصادي أحمد عوض أن الاقتصاد الأردني يعاني من اختلالات بنيوية عديدة، تعبر عن ذاتها بالعجز المزمن والمستمر في الموازنة العامة، الى جانب ارتفاع معدلات الفقر والبطالة الى مستويات عالية. وقد نجمت هذه الأوضاع عن اعتماد الحكومات الأردنية المتعاقبة خيارات اقتصادية محددة، ارتكزت على مجموعة من الأسس تمثلت في تحرير الاقتصاد الأردني وخصخصة الشركات المملوكة للدولة وتحرير التجارة الخارجية وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن السلع بما فيها السلع الأساسية، وتطبيق سياسات تقشفية على الحقوق والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والعمل والرعاية الاجتماعية.
 
وأشارت الورقة كذلك الى ان هذه الاختلالات تعمقت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الأزمات السياسية والأمنية في كل من سوريا والعراق، والذي أدى الى اغلاق الحدود أمام حركة تنقل البضائع والناس بين الأردن وأهم شريكين اقتصاديين للأردن المتمثلين بالعراق وسوريا، كذلك ساهمت موجات اللجوء الكبيرة التي دخلت الأردن من سوريا خلال السنوات الست الماضية في زيادة الضغوط على الاقتصاد الأردني، ما أدى إلى زيادة الأعباء على الخدمات الأساسية كالتعليم، والصحة، وسوق العمل والنقل وغيرها، وهي التي كانت تعاني أصلا من مشكلات كبيرة. مجمل هذه العوامل أدت الى تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بما نسبته 2.1% في عام 2016، مقارنة مع 2.4% لعام 2015، 2.8% مع عام 2014.
 
وأشارت الورقة الى انه وفي إطار برامج اعادة الهيكلة للاقتصاد الأردني والتسهيلات الائتمانية التي بدأ الأردن تطبيقها منذ عام 1989 بمشاركة صندوق النقد الدولي، تم تقديم خطط وسياسات لما اصطلح على تسميته «اصلاح النظام الضريبي»، حيث تم التوسع في فرض الضرائب غير المباشرة المتمثلة في الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وغيرها. وتم اجراء تعديلات عديدة على جوهر السياسات الضريبية، حيث لم يتم اعتماد سياسات ضريبية تصاعدية بشكل فعال، ولم يتم تطوير أدوات فعالة لتحصيل الضرائب من المكلفين والمتهربين من دفعها. وبقيت ملامح النظام الضريبي تراوح مكانها دون أي اصلاحات جوهرية تساهم في تحقيق العدالة الضريبية والعدالة الاجتماعية، وتخفف من حدة التفاوتات الاجتماعية.
 
وأوضحت الورقة المعايير العالمية التي تحدد مدى عدالة الأنظمة الضريبية والمتمثلة في ثلاثة مبادئ تتمثل في التصاعدية في الضرائب المباشرة والتي تشمل ضريبة الدخل والثروة، والتمايزية في السلع والخدمات الخاضعة للضرائب غير المباشرة والتي تشمل الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، بالإضافة الى التوازن في هيكل إيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
 
وجاء في الورقة أنه وبالرغم من اعلان الحكومات الأردنية المتعاقبة أكثر من مرة عن نيتها اصلاح النظام الضريبي باتجاه زيادة كفاءته، الا أن مجمل الإجراءات (الاصلاحية) التي تم تنفيذها لم تساهم في ازالة التشوهات الأساسية التي يعاني منها هذا النظام، فما زالت الإيرادات الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ضعيفة، لا بل تراجعت مما يقارب 22% قبل عشر سنوات تقريبا الى 15.5% في عام 2016.
 
ومستويات التهرب الضريبي ما زالت مرتفعة جدا والتي قدرتها الحكومة بحوالي 700 مليون دينارا سنويا، الى جانب أن عائدات ضريبة الدخل لا تزيد عن 4 % من الناتج المحلي الاجمالي. كذلك أدى التوسع في فرض الضرائب غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم بمختلف أنواعها) الى تعميق التفاوت الاجتماعي، وتوسيع رقعة الفقراء ودفعت بمزيد من الضغوط على الفقراء وشرائح من الطبقة الوسطى. أمام هذا الواقع، ستعمل هذه الورقة على تحليل وفحص السياسات الضريبية في الأردن من منظور درجة تحقيقها للعدالة الاجتماعية.
 
وأوضحت الورقة أن صلاحيات السلطات الرسمية في جباية الضريبة بمختلف أنواعها وادارتها، مرتبطة بشكل عميق بمستويات مسائلة هذه السلطات من قبل المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى ذات العلاقة، سواء برلمانات أو مجتمعات مدنية، أو أي أطر أخرى حيث تتم مسائلة السلطة التنفيذية على كيفية تحصيلها للضرائب الى جانب كيفية إنفاق العائدات الضريبية، وبالتالي مسائلة الحكومة على مختلف سياساتها، وهذا لا يمكن أن يتحقق الا في إطار نظام سياسي ديمقراطي.
 
وقد حددت الورقة خمسة مشكلات يعاني منها النظام الضريبي في الأردن، دفعته ليكون نظاما ضريبيا غير عادلا، وتمثلت في:
 
1. ضعف تطبيق مبدأ التصاعدية في الضرائب المباشرة والتي تشمل ضريبة الدخل: تؤكد مختلف الادبيات الاقتصادية، أن التركيز على مبدأ التصاعدية في الضرائب المباشرة وبخاصة الضرائب على الدخل والأرباح، وفقاً لتعدد وتنوع دخول الشرائح الاجتماعية، هو من أهم معايير النظم الضريبية العادلة، وقد نص الدستور الأردني على ضرورة تطبيق مبدأ التصاعدية في النظام الضريبي، حيث تساهم التصاعدية في تقليل التفاوت الاجتماعي، وهي وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذباً للاستثمارات وتوفير فرص عمل أكبر لفئة كبيرة من الأفراد والمواطنين. اذ أن من أساسيات النظام الضريبي العادل، أن يراعي قدرة المكلفين على الدفع، وضرورة عدم الإكثار من فرضها، ومراعاة الحالات الشخصية للمكلفين، وفرض ضرائب تتماشى وإمكاناتهم المالية تفادياً للوقوع في إشكالية التهرب من دفع الضريبة.
 
ووفق هذا المعيار، فإنه يمكن وصف ضريبة الدخل المطبقة في الأردن أنها ضريبة شبه تصاعدية او (تصاعدية مشوهة)، لأنها تعتمد ثلاث شرائح ضيقة لا تأخذ بعين الاعتبار التفاوت في دخول الأفراد، فحجم الاعفاء يصل الى مستوى 12 ألف دينار للشخص الطبيعي، و12 الف دينار للمعالين من طرفه، يضاف لها إعفاءات مقابل نفقات علاج وتعليم وفوائد قروض الإسكان والمرابحة والخدمات الفنية والقانونية بحد اقصى يصل الى أربعة الاف دينار سنويا.
 
ونسب الضريبة على شرائح الدخل التصاعدية في القانون تمثلت في 7% عن كل دينار من العشرة آلاف دينار الأولى بعد الاعفاء، وهي نسبة عالية، يليها 14% عن كل دينار من العشرة آلاف دينار التالية، يليها 20% عن كل دينار تلاها. وهذه الشرائح ضيقة بحيث لا تعكس تفاوت دخول مختلف مكونات المجتمع، الأمر الذي يساهم في تعميق التفاوت الاجتماعي، حيث لا تمايز بين أصحاب الدخول المرتفعة جداً والمتوسطة الارتفاع. اذ يفترض أن تكون الشرائح الضريبية الخاضعة للنظام التصاعدي متعددة لتصل الى خمس أو سبع شرائح، بهدف احداث تمايز بين المكلفين بدفع ضريبة الدخل للذين تزيد دخولهم السنوية 54 ألف دينارا، اذ من غير العادل وقوف الدخل الخاضع للضريبة بمستوى 20% عند هذا المستوى، ومن الأكثر عدالة زيادتها لتصل الى مستويات أعلى ومستوى اقتطاع ضريبي أعلى عندما تزيد الدخول عن ذلك وبشكل تدرجي، ومن غير العدل أيضا البدء بنسبة 7% للشريحة الأول، وهي نسبة مرتفعة تدفع باتجاه التهرب الضريبي.
 
2. انخفاض ملموس في إيرادات بضريبة الدخل، حيث أن مساهمتها النسبية منخفضة نسبة الى الإيرادات الضريبية بشكل عام ولا تزيد عن 25%، ولا تزيد عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تراجعت نسبتها خلال السنوات العشر الماضية من 4.5% إلى 3.6%. ويعود هذا الانخفاض الى عدة أسباب منها ضعف انفاذ القانون، الأمر الذي أدى الى تهرب أعداد كبيرة من المكلفين من دفاع الضرائب المستحقة عليهم، وهذا ينطبق على ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات، الى جانب غياب تطبيق مبدأ التصاعدية بفاعلية كما أشرنا الى ذلك سابقا. الأمر الذي يمس بمبدأ العدالة الضريبية بين الأفراد وفقاً لاختلاف دخولهم وشرائحهم الاجتماعية بغض النظر عن مستويات دخلهم وقدرتهم على دفع ما يستحق عليهم من تلك الضرائب، وكذلك المؤسسات حسب اختلاف دخولها. ويعود ضعف إيرادات ضريبة الدخل أيضا الى ضعف فاعلية وكفاءة الجهاز الإداري العامل في مجال التحصيل الضريبي فنيا وعدديا.
 
3. التوسع في الضرائب غير المباشرة وغياب التمايزية فيها، والتي تشمل الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم الجمركية، اذ أن الغالبية الكبيرة من السلع والخدمات تخضع لاقتطاعات ضريبية متقاربة من بعضها البعض، فغالبية السلع تخضع لنسبة ضريبة عامة على المبيعات 16%، وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة مع معدلات الضرائب العامة على المبيعات و/أو ضرائب القيمة المضافة، وقليل من السلع يقتطع عليها معدلات ضريبة عامة على المبيعات اقل من ذلك، ومحدودة جدا السلع التي لا تخضع للضريبة العامة على المبيعات. والخطورة تكمن في أن الحكومة الحالية اتخذت قراراتها لفرض ضريبة عامة على المبيعات على السلع التي كانت تتمتع بإعفاءات، وبذلك ستخضع سلع أخرى أساسية للضريبة العامة على المبيعات وبمستويات متفاوتة، الأمر الذي من شأنه أن يخل بمبدأ العدالة الضريبية. هذا الى جانب المستويات المرتفعة للضرائب الخاصة على بعض السلع الأساسية مثل المشتقات النفطية والتي تتراوح بين (23 – 46%)، والاتصالات، الى جانب الضرائب الخاصة على السجائر وغيرها من السلع التي تعتبرها الحكومة سلعا كمالية. ويمكن إضافة الرسوم الجمركية التي يتم اقتطاعها على شرائح واسعة من السلع وخاصة السيارات التي تعتبر حاجات أساسية للمواطنين بسبب غياب نظام نقل عام كفؤ.
 
وتعد الصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء في تحديد معدلات الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وفق نص المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (6) لسنة 2000 وتعديلاته، البوابة التي أدت الى رفع معدلات الضرائب غير المباشرة عند هذه المستويات المرتفعة، حيث منحت هذه المادة مجلس الوزراء سلطة اصدار أنظمة خاصة تحدد بموجبها مقدار ونسب هذه الضرائب. وهذا ترك للحكومة حرية توسيع قاعدة السلع والخدمات الخاضعة للضريبة سواء كانت ضرائب عامة على المبيعات أم ضرائب خاصة. ويشكل هذا مخالفة للدستور الأردني الذي ينص في المادة (111) على أن الضريبة والرسم لا تفرض الا بقانون.
 
4. اختلال التوازن في هيكل إيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة، إن النظام الضريبي في الأردن مبني بشكل أساسي على ايرادات الضرائب غير المباشرة، وبصفة عامة فإنه يتسم بالانحياز للضرائب غير المباشرة. حيث تشير البيانات إلى أن الضرائب غير المباشرة وخاصة الضريبة العامة على المبيعات أصبحت المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية حيث زادت أهميتها النسبية من 10.6% خلال الفترة 1985-1988، إلى 45.8 % في الفترة 2009-2012. كما ارتفعت نسبة الضرائب غير المباشرة من 61% في العام 2009 إلى 69% في العام 2012 من إجمالي الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، وقاربت هذه النسبة 75% من مجمل الإيرادات الضريبية، مقابل 25% عائدات ضريبية مباشرة في نهاية عام 2016. وعند مقارنة هذه النسب بالمعدلات العالمية، والتي تقارب 50% للضرائب المباشرة و50% للضرائب غير المباشرة، تتضح غياب العدالة بشكل أكبر.
 
ومن المتعارف عليه أن الضرائب العادلة تعتمد بشكل كبير على الضرائب المباشرة (ضريبة الدخل) والتصاعدية، باعتبارها تدفع من المقتدرين، بينما الضرائب غير المباشرة تعتبر ضرائب غير عادلة لأنها تقتطع عند الاستهلاك وبنسب متساوية دون الأخذ بعين الاعتبار تفاوت دخول دافعيها. وهذا يدفع باتجاه تعميق التفاوت الاجتماعي، ويقلل الطلب الكلي على السلع والخدمات، وبالتالي يضغط بشكل عكسي على معدلات النمو الاقتصادي.
 
5. اتساع التهرب الضريبي، ويقصد بالتهرب الضريبي الحالة التي يقوم بها المكلف بدفع الضريبة بعدم دفع ما يستحق عليه كلياً أو جزئياً، باستخدام طرق وأساليب تخالف أحكام النظام الضريبي، بالغش أو الاحتيال. وقد وصل التهرب في الأردن الى مستويات مرتفعة جدا قاربت 700 مليون دينارا سنويا، وشمل ذلك ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات حسب تصريحات رسمية، منها 500 مليون دينار تهرب من ضريبة المبيعات و200 مليون دينار من ضريبة الدخل.
 
وتعود الأسباب الرئيسية للتهرب الضريبي كما تم الاشارة اليه في موقع آخر في هذه الورقة الى اسباب قانونية وسياسية واقتصادية والاجتماعية.