أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2017

تداعيات "الأزمة الخليجية" على الاقتصاد الأردني - علي العساف
 
الغد- مضى شهر تقريبا على بداية الأزمة السياسية الخليجية والمصرية مع قطر، إذ هنالك مساع عربية (كويتية وعمانية) وتركية وأميركية هادفة إلى إعادة العلاقات الخليجية ورأب الشرخ الناتج عن علاقات قطر المتساهلة مع النظام الايراني ودعمها لجماعة الاخوان المسلمين وعدد من المنظمات الارهابية في المنطقة، ومحاولتها زعزعة الاستقرار الاقليمي من خلال دعم الجماعات الارهابية في السعودية والبحرين، بحسب البيانات الصادرة عن السعودية والامارات والبحرين ومصر.
وبالتالي فإن هذه الأزمة ستكون في طريقها للحل في حال تنازلت قطر عن سياساتها الحالية والتزامها بقرارات دول مجلس التعاون الخليجي ومؤتمر القمة الاسلامي في الرياض الذي نص بوضوح على أن ايران من إحدى الدول الداعمة للإرهاب في المنطقة. الا ان أن تطور الأحداث يتجه نحو التصعيد من قبل تلك الدول وعدم ازالة هذه العقوبات الاقتصادية عن دولة قطر نتيجة تعنتها.      الحكومة الأردنية أعلنت عن موقفها من هذه الأزمة بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر، ويعتبر هذا القرار متوازناً لأن المملكة لا تستطيع أن تخاطر بعلاقاتها التجارية والاستثمارية مع أقطاب الأزمة الخليجية. وجاء القرار الأردني بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة، وليس قطعها نهائياً، كما فعلت السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وتبعتها موريتانيا ودول أخرى، في إشارة واضحة على أن القرار سيادي ولا يمكن وصفه بالتابع. 
السؤال المطروح؛ هل ستبقى المملكة متمسكة بموقفها من الأزمة الخليجية الحالية في حال استمرارها لفترة أطول، أم سوف تعيد النظر لموقفها وتنحاز لأحد أطراف الأزمة الخليجية؟ وبالتالي لا بد من قياس تداعيات تفاقم الأزمة الخليجية في حال استمرارها على الاقتصاد الأردني.
ولغايات قياس تداعيات تفاقم الأزمة الخليجية واستمرارها على الاقتصاد الأردني، تم العمل على اجراء دراسة حول هذا الموضوع، وتم بناء نموذج اقتصادي لقياس العلاقة ما بين حجم التجارة للمملكة والاستثمار وأثرهما على الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي مع أقطاب الأزمة الخليجية باستخدام عدد من الطرق القياسية، وتم تحديد سيناريوهين لموقف المملكة تجاه هذه الأزمة وأثرها على الاقتصاد المحلي. وقد أظهرت نتائج النماذج انه في حال قامت المملكة بالوقوف الى جانب قطر وقطع علاقتها التجارية مع (السعودية، والامارات، والبحرين ومصر) (السيناريو الأول)، فإن الاثر الاجمالي على الناتج المحلي الحقيقي للمملكة سينخفض بنسبة (11.6 % إلى 41.5 %)، أما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للمملكة، فقد وجد بأن له علاقة إيجابية مع الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.3 %، في حال قيام هذه الدول (السعودية، والامارات، والبحرين ومصر) بسحب استثماراتها من المملكة بحيث سينخفض الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4 %. ويبلغ حجم تجارة هذه الدول مع المملكة في العام 2016 حوالي 2.72 مليار دينار (أي بنسبة حوالي 41.87 % من أجمالي حجم تجارة المملكة مع العالم الخارجي)، أما حجم استثماراتها فبلغت في بورصة عمان خلال العام 2016 حوالي 3 مليارات دينار، أي بنسبة حوالي 13 % من أجمالي الاستثمارات في البورصة، بينما يبلغ عدد العمالة الأردنية في تلك الدول حوالي 480 الف عامل وعاملة خلال العام 2016، ويتركز جزء كبير من هذه العمالة في القطاع الخاص.
في حين اذا قامت المملكة بالوقوف الى جانب الدول المقاطعة لعلاقاتها الاقتصادية مع قطر (السنياريو الثاني)، فإن الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للمملكة سيتأثر بنسبة تتراوح من (0.1 % إلى حوالي 3.9 %)، أما تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد للمملكة فلن يؤثر ذلك بشكل كبير على الناتج المحلي الحقيقي للمملكة كون أن حجم الاستثمارات القطرية في المملكة متواضعة مقارنة بالدول الأخرى.
وقد بلغ حجم تجارة دولة قطر مع المملكة في العام 2016 حوالي 242.86 مليون دينار (أي بنسبة حوالي 4 % من إجمالي حجم تجارة المملكة مع العالم الخارجي)، أما حجم استثماراتها فقد بلغت في بورصة عمان خلال العام 2016 حوالي 669.59 مليون دينار أي بنسبة حوالي 3.08 % من أجمالي الاستثمارات في البورصة، بينما يبلغ عدد العمالة الأردنية فيها حوالي 50 الف عامل وعاملة خلال العام 2016. بالنتيجة، وبلغة الأرقام الاقتصادية؛ لا بد  للمملكة ان تبقى متمسكة  بموقفها من الأزمة باتباعها سياسة متوازنة مع اقطاب الأزمة الخليجية وقطر، وذلك للحفاظ على المكاسب الاقتصادية، وتقليل حجم الخسائر المترتبة على ذلك قدر المستطاع، بحسب المتغيرات السياسية وتطور مستويات الأزمة وسيناريوهاتها.
* باحث متخصص بالاقتصاد الأردني في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية