أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Jun-2018

شلل مالي يهدد إيران .. شبكة «سويفت» العالمية قد تقطع تعاملاتها

فايننشال تايمز - 

هناك شركة بلجيكية متوسطة الحجم تقوم بتسهيل التمويل العالمي من على طرف بحيرة هادئة جنوب شرقي بروكسل، عبر الطريق من قصر يعود للقرن الـ19.
إلا أن الوجود الهادئ لجمعية الاتصالات السلكية واللاسلكية بين المصارف في جميع أنحاء العالم - والمعروفة باسم سويفت – أصيبَ بالتهتك بسبب معركة عبر المحيط الأطلسي بشأن الاتفاق النووي الإيراني.
قرار الرئيس دونالد ترمب بإعادة فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي يشكل تحديا مباشرا لنموذج الأعمال في شركة سويفت، وهي الشركة، التي تصور نفسها على أنها "منشأة" متاحة دوليا ومحايدة سياسيا.
في الوقت الذي يُعد فيه الاتحاد الأوروبي إجراءات للرد على التحرك الأمريكي، تقدم "سويفت" مثالا حادا للطريقة التي تتعرض بها الشركات لخطر الوقوع في أزمة عبر الأطلسي، وكيف يمكن أن يثير النزاع تداعيات أوسع على الأعمال الدولية.
أعاد الرئيس الأمريكي ترمب تفعيل العقوبات الأمريكية ضد إيران الشهر الماضي، عندما سحب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015 مع طهران. وما لم تفز "سويفت" بإعفاء من الحكومة الأمريكية، ستطلب الولايات المتحدة منها قطع العلاقة مع المصارف الإيرانية المستهدفة عن شبكتها في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أو مواجهة تدابير محتملة ضد كل من أعضاء مجلس الإدارة والمؤسسات المالية التي توظفهم.
ويمكن أن تشمل هذه عمليات تجميد الأصول وحظر السفر إلى الولايات المتحدة للأفراد، وفرض قيود على قدرة المصارف على القيام بالأعمال في الولايات المتحدة.
يعتمد بقاء نظام سويفت بحد ذاته باعتبارها نظاما عالميا لتسهيل المدفوعات عبر الحدود على مقاومتها لمثل هذه المحاولات الرامية إلى "استخدامها كسلاح" لغايات سياسية، كما يقول نيكولاس فيرون، زميل أول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
وقال عن الإجراء ضد الشركة، التي يملكها نحو 2400 مصرف ومؤسسة مالية أخرى "القضية الأوروبية- الأمريكية- الإيرانية وجودية لنظام سويفت، باعتباره شبكة عالمية".
ولد نظام سويفت في السبعينيات انطلاقا من رغبة المصارف الرائدة في استبدال رسائل التليكس القديمة بنظام دفع أكثر موثوقية وأسرع، وهو الآن جزء من التركيبة المالية في العالم.
وتتوقع شبكتها المكونة من 11 ألف مستخدم أن تمتد أنابيبها إلى أقصى مدى ممكن.
تدير الشركة خدمة رسائل آمنة عملاقة للمؤسسات المالية في العالم، حيث تنقل طلبات الدفع عبر نظامها الإلكتروني، وتحتفظ بسجلات لهذه الاتصالات على الخوادم في أوروبا والولايات المتحدة. وهي تتعامل مع أكثر من ستة مليارات رسالة في السنة.
دورها وهيمنتها تجعل من منظومة سويفت شركة غير عادية للغاية: هي شركة تكنولوجيا مهمة بشكل منهجي للتجارة العالمية، ولكنها لا تتعامل مباشرة مع المدفوعات التي يكون تداولها جزءًا صغيرًا من مصرف كبير.
مجلس إدارتها البالغ عدد أعضائه 25 عضوا هو شبيه بجهاز كالأمم المتحدة من التنفيذيين المتخصصين في الجانب العادي من المصارف: خبراء في معالجة المدفوعات والتمويل التجاري والعلاقات بين المصارف.
تداعيات الصفقة الإيرانية هي جزء من نمط ما بعد الألفية الذي أصبحت فيه منظومة سويفت عالقة في معارك سياسية. في عام 2006، غضب المشرّعون في الاتحاد الأوروبي بسبب الكشف عن "برنامج تتبع تمويل الإرهاب" السري الذي سمح للمحققين بالاستفادة من بيانات "سويفت" الموجودة على خادم في الولايات المتحدة.
كانت الشركة أيضا في قلب التوترات الدولية في عام 2012، عندما أمرها الاتحاد الأوروبي - في أعقاب مبادرة أمريكية – بالانقطاع عن التعامل مع المصارف الإيرانية التي كانت موضوع العقوبات. تم تعليق هذه التدابير لاحقاً في عام 2016 بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ.
"سويفت" دافعت عن نفسها علنا ضد فكرة أن الوصول إلى خدماتها ينبغي أن يستخدم لمعاقبة أو مكافأة الحكومات.
أظهرت هذه الخلافات كيف أنها أصبحت أحد الأصول الحساسة: بوابة لنظام التمويل العالمي الذي يخضع للإشراف البلجيكي والأوروبي ولكن أصبحت ذات أهمية كبيرة للسلطات الأمريكية.
يتم تسليط الضوء على دور جمعية سويفت العالمي من خلال مقرها الذي شيد لهذا الغرض، ويقع وسط مروج مشذبة وغابة مصغرة، حيث تتجول الغزلان والطيور.
يضم المبنى الكلاسيكي الجديد أقل من 1000 موظف من نحو 50 بلدا، وهو قاعدة الإدارة المركزية في جمعية سويفت. هذا هو المكان الذي يتنازع فيه خبراء الأمن الداخلي الإلكتروني والأمن المادي: فرق "حمراء" تبحث عن نقاط ضعف في النظام ضد المعارضين "الزرق" الذين مهمتهم هي الدفاع عن نزاهتها.
مراكز البيانات نفسها هي في هولندا وفي ولاية فرجينيا الأمريكية، مع وجود نسخ احتياطية في سويسرا. هناك أيضا مواقع إنعاش في حالات الطوارئ التي لا يكشف موقع سويفت عنها.
أشار البنك الوطني البلجيكي في تقرير العام الماضي إلى أن أنشطة سويفت "تم الاعتراف بها كعامل مهم في سلامة وكفاءة أنظمة تسوية المدفوعات والأوراق المالية في جميع أنحاء العالم".
نحو 90 في المائة من مجمع سويفت محظور الدخول إليها من قبل الزوار لأسباب أمنية، مع وجود بعض المناطق المؤمنة بأبواب تشغلها شيفرات، حتى إن أحد المهندسين المعماريين من الشركة التي تتخذ من برشلونة مقرا لها، التي صممت المجمع كان يواجه مشكلة في الدخول من خلالها للقيام بزيارة لها.
تريد شركة سويفت الحفاظ على كل من بيانات العملاء والملكية الفكرية بعيدا عن أعين المتطفلين، حيث يعمل المطورون في مجالات مثل التعلم الآلي وإدارة البيانات.
في حين تصف الشركة نفسها بأنها "منشأة محايدة ذات طابع نظامي عالمي"، يقول المطلعون إن مكاتبها أكثر شبها بمكاتب شركات التكنولوجيا، مع تخطيط مفتوح، وبيئة مكتبية ساخنة، وأوراق صغيرة مرئية وعدد قليل من الهواتف المكتبية.
حافظت "سويفت" على عدم لفت الانتباه إليها حتى الآن حول العقوبات المفروضة على إيران، لكن متحدثا رسميا أخبر صحيفة فايننشال تايمز أنه "سيكون من الطبيعي أن تتشاور وتطلب إيضاحا من الاتحاد الأوروبي والسلطات الأمريكية"، مضيفا: "مهمتنا هي أن نكون مقدمي خدمة عالمية ومحايدين للصناعة المالية".
السؤال هو ما إذا كان سويفت يمكن أن تحقق كلا الهدفين في الوقت نفسه. قال فيرون إن شبكة المعلومات المالية يمكن أن تكون "عالمية ذات حياد سياسي، أو غير محايدة ومجزأة سياسيا".
على أن التسييس والوصول العالمي "يستبعد كل منهما الآخر".