أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    31-Dec-2016

مؤسسات طفيلية توقظ سوق الإقراض الهولندية من سباتها العميق
فايننشال تايمز -
أثناء البحث عن عائدات أعلى، فإن صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين الهولندية خطت نحو سوق القروض السكنية الهولندية البالغة قيمتها 660 مليار يورو. وقد أثار دورها المتنامي اهتمام المستثمرين الدوليين.
 
كان ذلك في عام 2012 وكانت لدى خيروين فان هيسن، وهو مصرفي سابق في هولندا، فكرة ما. كانت المصارف لا تزال آخذة في التكيف مع عالم شكلته الأزمة. وكان بنك إيه بي إن آمرو، واحد من أكبر المصارف في البلاد، مملوكا من قبل الحكومة بعد عملية إنقاد في عام 2009.
 
وكانت مشاكل الديون في منطقة اليورو قد عملت على إثارة مخاوف جديدة بحدوث فوضى. وكان يبدو أنه لا أحد كان يقرض المال لأشخاص أرادوا شراء منزل. يقول: "لم تكن المصارف تقدم القروض. اعتقدنا أن هنالك فجوة ضخمة موجودة".
 
قرر فان هيسن، الذي كان قد عمل لدى بنك إن آي بي سي، وهو مصرف استثماري هولندي، سد تلك الثغرة. وتضمنت فكرته تجاوز المصارف وتشجيع الأنواع الأخرى من المستثمرين – مثل صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين - في الدخول في مجال أعمال القروض العقارية السكنية.
 
وكان هؤلاء المستثمرون المؤسسون، الذين يستثمرون عادة في السندات وغيرها من الأوراق المالية، سعداء للاستماع للأفكار التي طرحها عليهم. مع انخفاض عائدات السندات بسبب سياسات المصارف المركزية في فترة ما بعد الأزمة، كانت فكرة كسب عائدات أعلى من وراء القروض العقارية فكرة جيدة.
 
يقول: "اعتقدنا أنه إذا كانت تلك فكرة جيدة، لمَ لمْ يفكر فيها أي شخص آخر؟"
 
منذ ذلك الحين، انطلقت عمليات الإقراض غير المصرفي في سوق القروض العقارية في البلاد والبالغة قيمتها 662 مليار يورو. وتمتلك مجموعة كبيرة من المشاركين الجدد، والتي تشمل شركة تمويل القروض الهولندية لفان هيسن، الآن نحو 20 في المائة من السوق السنوية في نشاط القروض العقارية الجديدة، وفقا لوكالة آي جي آند إتش، شركة استشارات هولندية، مرتفعا بذلك من مستوى قريب من الصفر قبل بضع سنوات. شعرت البنوك بالأثر: في وقت سابق من هذا العام، انخفضت قيمة السهم في أكبر ثلاثة مصارف هولندية- رابو بانك وإيه بي إن آمرو وآي إن جي- في الإقراض العقاري الجديد بنسبة 50 في المائة للمرة الأولى، رغم أنها لا تزال تسيطر فيما يتعلق بالقروض العقارية واجبة السداد. وتسبب هذا التحول بإثارة الاهتمام الدولي، مع بدء المستثمرين في كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة بالنظر في الاستثمار في القروض العقارية الهولندية.
 
في المملكة المتحدة، حاولت شركات إدارة الأصول بما في ذلك بلاك روك تقديم قروض عقارية على نطاق صغير. وفي الولايات المتحدة في العام الماضي، حصلت المؤسسات غير المصرفية - التي أحيانا ما تعرف بمصارف الظل - على حصة قياسية من السوق.
 
على أنه في أوروبا، حيث واصلت أسعار الفائدة انخفاضها، تقدم هولندا أوضح لمحة عن نهج جديد متبع في الإقراض - نهج يتصور وجود علاقة مختلفة اختلافا جذريا ما بين المدخرين والمقترضين.
 
يقول مينو فان دين إلساكر، مدير الائتمان الأوروبي المهيكل في شركة إيه بي جي لإدارة الأصول: "في العام الماضي، فجأة كانت القروض العقارية هي الكأس المقدسة التي يسعى وراءها الجميع. الناس ينسون هذا الموضوع، لكن فقط في عام 2013 لم يكن أي أحد يريد التعامل في القروض العقارية الهولندية".
 
تغيير الهياكل
 
اعتاد فان هيسن العمل في مجال التوريق المالي، حيث يجري تحزيم القروض المقدمة من المصارف، مثل القروض العقارية أو قروض بطاقات الائتمان، على شكل أوراق مالية قابلة للتداول.
 
وميزة هذه العملية، التي انطلقت في الولايات المتحدة في السبعينيات وأسهمت في انهيار قطاع الإسكان فيها في عام 2008، تكمن في قدرتها على فتح باب الحصول على عائدات جراء الاقتراض الاستهلاكي لمستثمري أسواق رأس المال.
 
لا تزال سوق التوريق المالي الأمريكية كبيرة، لكن في أوروبا أصبح الإصدار الآن بربع حجمه الذي وصل إليه في ذروته في عام 2008.
 
كثير من المؤسسات غير المصرفية الهولندية التي انتقلت إلى الإقراض العقاري مزودة بمختصين في عملية التوريق المالي. بدلا من بيع السندات العقارية للمستثمرين، كما كانوا يفعلون قبل الأزمة، فعملاؤهم اليوم هم صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين الذين يقدمون باسمهم قروضا عقارية. على هذا النحو، يمتلك هؤلاء المستثمرون أصولا - قروضا عقارية – التي كانت عادة تمتلكها قبل المصارف.
 
قدمت سوق القروض العقارية الهولندية أرضية اختبار مثالية للإقراض غير المصرفي. كانت القروض العقارية في البلاد سالمة نسبيا أثناء فترة الأزمة المالية، جزئيا بسبب القواعد التي تزود المصارف بصلاحيات لا يستهان بها في حال حدوث عجز عن السداد. ولا يزال نحو ثلث هذه القروض يجري دعمه من قبل مخطط ضمان ترعاه الدولة، ويستفيد عملاء القروض العقارية، الذين يستطيعون اقتراض مبالغ أكبر من قيمة منازلهم، من الخصومات الضريبية على مدفوعات الفوائد.
 
يقول ستيف بلوك، وزير الإسكان والحكومة المركزية، الذي يشير إلى وجود "تقليد شبه ديني بأن الناس يشعرون بالتزام لتسديد ديونهم": "تعافى الاقتصاد الهولندي بشكل قوي جدا من الأزمة الاقتصادية. هنالك طلب مستمر على المساكن".
 
يشير تونكو جاست، مؤسس جهة الإقراض غير المصرفية "داينامك كريديت" ومستثمر سابق في التوريق المالي في نيويورك، إلى "ندرة في المنتجات القابلة للاستثمار" بالنسبة لشركات المعاشات التقاعدية وشركات التأمين. كما يقول إن هنالك فرصة لتحويل الائتمان الاستهلاكي إلى "سلع" – والمشاركة في دور كانت تضطلع به المصارف تقليديا. كما يقول: "نعتقد أن أي شكل من أشكال الائتمان قابل للتحويل إلى سلعة لا يملك مكانة كبيرة في الميزانية العمومية الخاصة بالمصرف. فدور المصارف آخذ في التغير بشكل سريع".
 
سوق جديدة
 
في الوقت الذي يقدم فيه هؤلاء اللاعبون الجدد القروض بشكل مباشر، يمكنهم أيضا الاعتماد على عملية التوريق المالي، التي غالبا ما تسير جنبا إلى جنب مع المصارف الاستثمارية. تقول جهة الإقراض "دايناميك كريديت" إنها تملك مهمات انتداب من المستثمرين لنحو سبعة مليارات يورو من القروض العقارية في هولندا، وهي تستفيد من التمويل قصير الأجل المقدم من بنك جولدمان ساكس.
 
أسهمت اللوائح التنظيمية التي ظهرت في فترة ما بعد الأزمة المالية في زيادة الإقراض غير المصرفي. ويعمل قانون الملاءة المالية الثاني، تنظيم صناعة التأمين على مستوى الاتحاد الأوروبي بأكمله والذي دخل حيز التنفيذ في بداية هذا العام، على تثبيط الاستثمار في الأوراق المالية المدعومة بالأصول.
 
يقول فرانك ميجر، رئيس الأوراق المالية والقروض العقارية المدعومة بالأصول في إيجون لإدارة الأصول، التي تدير أصولا خاصة بشركات التأمين: "من وجهة نظر قانون الملاءة المالية الثاني، سوق التوريق المالي هي ببساطة غير ناجحة. ما يكون فاعلا هو القروض الكاملة، خاصة القروض العقارية السكنية".
 
كانت بعض جهات الإقراض الهولندية غير المصرفية نشيطة على نطاق أصغر حجما لسنوات عدة، رغم أنها كانت تفعل ذلك بالنيابة عن شركات التأمين.
 
عمل سينتراس آتشميا، وهو صندوق للقروض العقارية، في الأصل على دمج القروض العقارية في صندوق واحد في عام 2004، رغم أنه عمل أخيرا على زيادة مهمات انتدابه من صناديق المعاشات التقاعدية.
 
يقول آيدو إيسمان، مدير في سينتراس أتشميا: "لقد كان ذلك سرا احتفظنا به لفترة. وهو الآن فئة من فئات الأصول".
 
احتاج مارتن ديلاهاي، البالغ من العمر 42 عاما، إلى قرض عقاري. وكان قادرا على الاقتراض من مونت، أحد فروع (شركة تمويل القروض العقارية الهولندية)، لعشر سنوات بسعر فائدة ثابت يبلغ فقط 2.1 في المائة. يفسر قائلا: "إنه يشبه البنك الجديد. إنه النوع الجديد من القروض العقارية في هولندا".
 
ديلاهاي هو واحد من آلاف العملاء الذين اقترضوا من صناديق المعاشات التقاعدية. وإحدى ميزات السوق الهولندية التي تسمح للمؤسسات غير المصرفية بتقديم القروض بشكل جماعي هي شبكة وسطاء القروض العقارية التي تمتلكها. يقدر أونو كارسن، وسيط مستقل في أمستردام، بأنه قبل عشر سنوات كان 70 في المائة من أعماله التجارية تتم عبر المصارف. والآن، يقول، إن نصف أعماله التجارية تتم من خلال المؤسسات غير المصرفية.
 
في هولندا كما في أماكن أخرى، تشكل القروض الأطول أجلا تحديا بالنسبة للمصارف المعتمدة على التمويل قصير الأجل. وصناديق المعاشات التقاعدية، في المقابل، سيكون لها التزامات تستمر لعقود، التي ربما يرغبون في مطابقتها مع الأصول طويلة الأجل.
 
نتيجة لذلك، تستطيع صناديق المعاشات التقاعدية تقديم أسعار تنافسية. من مونت، العلامة التي تميز شركة القروض العقارية الخاصة بفان هيسن، يمكن أن تصل أسعار الفائدة على القروض العقارية ذات السعر الثابت ولأجل 30 عاما، والتي هي بنسبة 80 في المائة للقرض مقابل قيمة المنزل، إلى مستوى منخفض يصل إلى 2.8 في المائة، وفقا لموقع إلكتروني لمقارنة القروض العقارية. بالنسبة لرابو بانك، أدنى سعر فائدة هو 4 في المائة. وفي بنك إيه بي إن آمرو، يبلغ 4.1 في المائة.
 
يقول بلوك حول إقراض صناديق المعاشات التقاعدية: "إنه أمر جيد بالنسبة للمستهلك، إنها منافسة ذكية جدا. أستذكر جيدا أنه عندما بدأت عملي كوزير للإسكان قبل أربع سنوات، كانت هنالك فقط المصارف الأكبر حجما التي كانت تقدم قروضا عقارية".
 
تعتبر الأسعار الفائدة المذكورة منخفضة بالنسبة للمستهلكين، لكن بالنسبة لكثير من مستثمري السندات تبدو قريبة من الهذيان. يقول مير من إيجون، الذي يضيف أن صندوق القروض العقارية لديه شهد أخيرا تدفقات داخلة كبيرة من قبل أطراف أوروبية أخرى: "إذا نظرت إلى ارتفاع العائدات مقابل ديون الحكومة الهولندية، تجد الأمر لافتا للنظر".
 
غالبا ما تقدم المؤسسات غير المصرفية رؤية بسيطة بشكل لافت للنظر حول عملية الإقراض. في العام الماضي، أطلقت مجموعة من الشركات الهولندية، بما فيها سينتراس أتشميا، مخططا لتقديم قروض عقارية بقيمة 3 مليارات يورو للأفراد البالغ عددهم 2.5 مليون شخص ممن يسهمون في الدفع في صندوق المعاشات التقاعدية للرعاية والصحة في البلاد. كما يمكن أن يستثمر الصندوق أيضا في القروض. وهذا يعني أن المقترضين كانوا من الناحية العملية يستثمرون في ديون الإسكان الخاصة بهم.
 
يقول إيسمان: "لم نشهد مثل ذلك الأمر من قبل"، كما يقول إن هنالك "قدرا لا يستهان به من الاهتمام" بذلك المشروع.
 
التكنولوجيا، التي تسمح لمنصات جديدة بالإقراض دون وجود شبكة مكلفة من الفروع، عامل آخر. يقول ديلاهاي: "كثير من الناس ليسوا مستعدين حتى الآن لتجربة سوق مثل مونت، لأنهم خائفون. لكن في هولندا، الناس يثقون بالأطراف الجديدة أكثر فأكثر".
 
المخاطر في القطاع المصرفي - المالي
 
يشعر بعض المستثمرين بالقلق، حيث يشيرون إلى تجربة APG، أكبر صندوق تقاعد في هولندا، الذي أنشأ قروضا عقارية تحمل علامته التجارية في أواخر الثمانينيات والتسعينيات. يقول إلساكر: "تجربتنا هي أنك إذا أردت في أي وقت التخلص منه، ليس هناك في الأساس أي شخص يمكن أن تذهب إليه باستثناء المُنشئ الأصلي". ويُشير إلى أن التوريق المالي يبقى جذاباً بالنسبة لصناديق التقاعد.
 
كثير من المستثمرين يقارنون تداول القروض الكاملة مع عمليات التوريق المالي، الذي يستفيد من السوق العالمية. ليس هناك مخطط لتداول القروض العقارية نفسها على المدى القصير. يقول روبن فان ليوين، محلل توريق مالي في رابوبانك، "أنا لا أقول إنه سيكون مُنتجا ساما، لكن إذا أراد أحد الأطراف التخلص منه، لا يوجد مخرج هنا".
 
هناك مصدر آخر بالنسبة للمستثمرين هو مخاطر السمعة. يقول إلساكر:"علينا اتّخاذ قرار بشأن مخاطر الائتمان للمُقترض، لكننا لا نريد الانخراط بشكل مباشر مع المستهلكين. نحن مستثمرون في أسواق رأس المال. جميع التعاملات مع المستهلكين - إنها ليست شيئا يُمكن أن تستهين به".
 
تقول كثير من المؤسسات غير المصرفية إنها لا تعد بالسيولة. يقول فان هيسن: "إذا كنت تستثمر، فإنك من حيث المبدأ ستبقى عالقا لمدة 30 عاماً. لهذا السبب يُعتبر هذا بمثابة أصول مثالية لأي صندوق تقاعد، وأقل بالنسبة للصناديق مع أفق على المدى القصير. أو المصارف فيما يتعلق بهذا الشأن".
 
في الاتحاد الأوروبي حيث سوق القروض العقارية تساوي نحو سبعة تريليونات يورو، يحرص صنّاع السياسة على الحد من هيمنة القطاع المصرفي. في الوقت نفسه، الاتجاهات الهولندية لديها زخم سياسي: حيث سافر وزير الإسكان أخيراً إلى لندن وآسيا لترويج الاستثمار في القروض العقارية في البلاد. مع أسعار الفائدة في طريقها لتُصبح أعلى، قد تبدو السندات أكثر جاذبية لصناديق التقاعد من القروض العقارية، لكن أنصار الإقراض غير المصرفي يرون تعاملات على مدى أطول. يُمكن تصدير النموذج الهولندي الجديد للاستفادة من توسّع صفوف الطبقة المتوسطة التي سترغب في يوم ما أن تُصبح من أصحاب المنازل. يقول جاست، الذي فتحت شركته مكتبا في إندونيسيا: "هذا نموذج نعتقد أنه يُمكن استخدامه في كثير من البلدان". يُضيف "حجم الناس [الذين] يدخلون الطبقة المتوسطة كبير جداً. في آسيا، نحن نرى نموذجا جيد جداً. إنه ذو حجم قابل للتكبير بصورة فائقة".