الراي - محمد رفيع - مجموعة جزر الـدوديكانيسيا... بَرٌّ في بحر إيجة.. هو الحدّ الفاصل بين المشرق والمغرب. وحين انقسمت امبراطوريّة روما، صارت   برّاً مشرقيّاً.

ولأنّها على خطّ النار، بين المشرق والمغرب، فقد اكتوَت بحريق الغزاة من كلّ حدب وصوب. حيث البحرُ لا يكفي لإطفاء عذاباتها وحريق الزمان فيها..؟!

 

حقائق

-مجموعة جزر الـدوديكانيسيا هي سلسلة جزر الجزر الإثنا عشرية، تقع خلف خليج كوكافا. وتقدر مساحتها 320 كم مربّع، وتبعد حوالي 4 كم عن ساحل بودروم، تركيا، ومنطقة كاريا القديمة. وتمتاز الجزيرة بالسهول الخصبة والأراضي الجبلة العالية. وتتألّف الجزيرة من بلديات؛ كوس، المركز الإداري وأكبر بلدة هي ديكايو، وإيراكليدس.

-الجزر الاثنا عشرية أو الدوديكانية؛ هي مجموعة من 12 جزيرة كبيرة بالإضافة إلى 150 جزيرة يونانية أصغر، تقع في بحر إيجة، على مرمى حجر من الساحل الجنوبي الغربي لتركيا، جنوب جزيرة ساموس وشمال شرق جزيرة كريت.

-للجزر الإثنا عشرية تاريخ غنيّ، وحتى الكثير من الجزر المأهولة الأصغر تتباهى بعشرات الكنائس البيزنطية والقلاع القروسطية.

-مقاطعة الجزر الإثنا عشرية الحديثة؛ هي قسم من منطقة جنوب إيجة، وتتألف من 163 جزيرة، 26 منها مأهولة. الجزر الإثنا عشر منها هي الجزر الرئيسية، ومنها اشتق اسم المقاطعة. أكثرها أهمية من الناحية التاريخية وأشهرها هي جزيرة رودس، ومنذ آلاف السنين كانت الجزيرة المسيطرة على المنطقة.

-مشاهير دوديكانيسيا؛ تمثال أبوقراط، أبقراط (القرن 5 ق.م _ أبو الطب)؛ آپلس رسام (القرن 4 ق.م.)؛ آل كامانيس (القرن 20) وغيرهم.

-قبل التاريخ والفترة القديمة؛ استوطنت الجزر الإثنا عشرية منذ عصور ما قبل التاريخ. أثناء الفترة النيوبولتيّة في كريت، بدأ الاستيطان الميونيسي بشكل مكثف (بدأ الاتصال في الألفية الثانية ق.م.). بعد سقوط المينويين، أصبحت الجزر تحت حكم الآخيين من حوالي عام 1400 ق.م.، حتى وصول الدوريان حوالي 1100 ق.م.

-في الفترة الدوريانية بدأت في الازدهار ككيان مستقل، وتطوّر الاقتصاد والثقافة المزدهرة خلال القرون التالية. وبحلول أوائل العصر القديم اندمجت جزيرتي رئيستين في مجموعة واحدة، وفي القرن السادس ق.م. أسس الدوريان مدن ثلاثة رئيسية في رودس هي؛ (ليندوس، كاميروس، وإياليسوس).

-الفترة الكلاسيكية؛ توقّف هذا التطور حوالي 499 ق.م.، بسبب الحروب الفارسية، والتي سقطت أثنائها الجزر لفترة وجيزة في أيدي الفرس.

-في العام 408 ق.م.، اتّحدت مدن رودس الثلاثة وشكّلت دولة واحدة، وبنت عاصمتها الجديدة على الطرف الشمالي للجزيرة، وسمتها رودس أيضاً، حيث سيطرت رودس المتّحدة هذه على المنطقة طوال سنوات الألفية التالية.

-الجزر الأخرى، الواقعة ضمن مجموعة الجزر الإثنتي العشرة، تطوّرت أيضاً إلى مراكز اقتصادية وثقافية بارزة.

-في العام 357 ق.م، تعرضّت الجزر للغزو من قبل الملك ماوسلوس من كاريا، ثم غزاها الفرس عام 340 ق.م. لكن الفترة الثانية من الحكم الفارسي صمدت لوقت أقصر من الأولى، وأصبحت الجزر جزءاً من الامبراطورية المقدونية سريعة النمو، بعدما اجتاحها الإسكندر الأكبر وهزيمته للفرس عام 332 ق.م.

-بعد وفاة الإسكندر، تم تقسيم الجزر بين الكثير من الجنرالات الذين طالبوا بخلافته. حيث أسّست الجزر علاقات تجارية قوية مع البطالمة في مصر، وشكلّت نوعاً من التحالف الرودسي المصري، الذي كان يسيطر على التجارة عبر بحر إيجة.

-في القرن الثالث ق.م. بقيادة رودس، تطوّرت الجزر إلى مراكز بحرية، تجارية وثقافية؛ حيث كانت عملات رودس يتمّ تداولها في كل مكان بالبحر المتوسط، واشتهرت المدارس الفلسفية، والأدبية والبلاغية في الجزر.

-في العام 164 ق.م، وقعت رودس معاهدة مع روما، وأصبحت الجزر منحازة بدرجات متفاوتة مع الامبراطورية الرومانية في الوقت الذي حافظ معظمها على استقلاليته. وفي الاضطرابات التي تلت اغتيال يوليوس قيصر عام 44 ق.م، قام كاسيوس بغزو ونهب الجزر. بعد ذلك، أصبحت الجزر جزءاً من الامبراطورية الرومانية.

-جعل تيتوس من رودس عاصمة، وفي النهاية ضُمّت الجزر مع كريت كجزء من المقاطعة الرومانية الثامنة عشر.

-في القرن الأول، زار القديس بولس الجزر مرتين، وزارها القديس يوحنا العديد من المرات؛ ونجحا في إدخال الجزر إلى المسيحية، وجعلوها من بين أولى المناطق التي تغلب فيها الديانة المسيحية. وفي نهاية المطاف أقام القديس يوحنا في الجزر، بعد أن نفاه باتموس، حيث كتب رؤياه الشهيرة.

-العصور الوسطى؛ بانقسام الامبراطورية الرومانية عام 395م إلى نصفين شرقي وغربي، أصبحت الجزر جزءاً من الجزء المشرق، والذي تطور لاحقاً إلى الامبراطورية البيزنطية اليونانية. بقيت الجزر هناك لما يقارب ألف عام، رغم أن هذه الفترة قد تخللها العديد من الغزوات. ووقع هذا أثناء الفترة التي بدأت باعادة اندماجها ككيان مستقل، ومصطلح الإثنا عشرية نفسه يعود إلى القرن الثامن تقريباً.

-في القرن 13 الميلادي، مع الحملة الفرنجيّة (الصليبية) الرابعة، بدأ الإيطاليون في غزو مناطق من الجزر الإثنا عشرية، والتي ظلّت تحت السلطة الإسمية لامبراطورية نيقية.

-في النهاية، في القرن 14 الميلادي، انتهت الفترة البيزنطية عندما استولت عليها قوات فرسان الإسبتارية (فرسان القديس يوحنا)؛ حيث تمّ غزو رودس عام 1309م، وسقطت بقية الجزر تدريجياً على مدار العقود القليلة التالية.

-في نهاية المطاف، سقطت قلعة رودس على يد جيش سليمان القانوني الضخم عام 1522م، وتلتها الجزر الأخرى في غضون السنة نفسها، وفرّت القلة المتبقية من الفرسان إلى مالطة.

-الحكم العثماني؛ وهكذا بدأت فترة امتدت لمئات السنين في الدولة العثمانية. وشكّلت الجزر الإثنى عشرية ولاية الجزر. واستمر الكيان شبه مستقل كأرخبيل للتجار اليونانيين داخل الدولة العثمانية. ثمّ تحولت الجزر في القرن التاسع عشر إلى واحدة من أكثر الجزر ازدهاراً، وتوجد فيها حتى الآن العديد من القصور التاريخية التي تعود لتلك الفترة.

-الحكم الإيطالي؛ بعد اندلاع الحرب الإيطالية التركية على ليبيا القريبة، أعلنت الجزر أخيراً استقلالها عن الدولة العثمانية في العام 1912م، لتصبح دولة مستقلة مكونة من اتحاد جزر الدوديكانيز. وسرعان ما سحق تلك الدولة الوليدة الغزو الفوري من إيطاليا. احتلّ الإيطاليون كل الدوديكانيز، ماعدا كاستلوريزو، التي استولت عليها فرنسا لاحقاً بشكل مؤقت.

-بعد أن وضعت الحرب أوزارها، حسب معاهدة لوزان الأولى، واصلت إيطاليا احتلال الجزر، كضمان لتنفيذ المعاهدة. وإثر إعلان إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية (1915)، عاد الاحتلال الحربي الإيطالي للجزر مرة أخرى.

-أثناء الحرب العالمية الأولى، بتحالف إيطاليا مع فرنسا وبريطانيا، أصبحت الجزر قاعدة بحرية فرنسية وبريطانية هامة، اُستُخدمت كـمنطقة انطلاق للعديد من الحملات، وأشهرهم كاليبولي. وأثناء الحرب، احتل الفرنسيون والبريطانيون بعض الجزر الأصغر، إلا أن رودس ظلت تحت السيطرة الإيطالية.

-بعد الحرب العالمية الثانية؛ في أعقاب الحرب أصبحت الجزر محمية عسكرية بريطانية، وسمح لها على الفور تقريباً بادارة شؤون المدنية الخاصة، وبناء على ذلك أصبحت الجزر متحدة بشكل غير رسمي مع اليونان، وإن كانت لا تزال تحت سيادة منفصلة وتحت الحكم العسكري. بالرغم من اعتراضات تركيا، والتي كانت ترغب في الجزر أيضاً، إلا أنها اتحدت مع اليونان عام 1947بمقتضى معاهدة السلام مع إيطاليا، والتي أنهت فترة امتدت لسبعة قرون من الحكم غير التركي على الجزر.