أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2017

البنوك وشركات الفینتیك تكامل وتعاون ولیس منافسة*د. عدلي قندح

 الراي-نعيش اليوم في عالم يتميز بسرعة التطور التكنولوجي، وذلك بفضل عقود من

الاستثمار في قطاعات تكنولوجيا المعلومات وبخاصة في شبكات الاتصالات الإلكترونية
على مستوى العالم. لذلك يغدو من البديهي أن يتحكم هذا القطاع بتفاصيل حياتنا
اليومية. ونحن لا نتحدث فقط عن السوق المحلي أو الاقليمي وانما السوق العالمي
بأكمله. ففي عصر السرعة هذا، يتوقع المستهلكون الان أن تكون الخدمات، كافة
الخدمات، متاحةفي متناول أيديهم على الفور. وهذا ينطبق مباشرة على الخدمات
والمعاملات المالية التي تقدمها مختلف المؤسسات المالية والمصرفية لجمهور
المتعاملين بها على مستوى العالم. ومن هنا تأتي أهمية التعاون والتنسيق بين كافة
مكونات القطاعات المالية وقطاعات تكنولوجيا المعلومات لتوفير منصات وقنوات
ومنتجات وأدوات مصرفية حديثة للمستهلكين عالية التقنية منخفضة التكاليف
وسهلة الاستخدام وآمنة وموثوقة، سواء كنا نتحدث عن خدمات الدفع أو التحويل أو
غيرها المقدمة للأفراد أو للشركات الصغيرة والمتوسطة أو حتى للكبيرة وللحكومات والدول.
ومن هذا المنطلق، يغدو من المنطقي والسهل أن تقوم شركات التكنولوجيا المالية (فينتيك) بتقديم التقنية والخبرة الفنية وأن
تقدم البنوك والمؤسسات المالية الخبرات المالية والمصرفية والاموال المتوفرة لديها. ففي عالم اليوم لا يلزم أن تكون المؤسسات
المالية ملزمة بالبنية التحتية المادية والنفقات العامة ذات الصلة. على سبيل المثال، يمكن للشركات الاستفادة من حالة الانفجار في
البيانات المتاحة، والاستفادة من التقدم في القدرة الحاسوبية، عن طريق الحوسبة السحابية، والأدوات التحليلية، وأدوات التعلم الآلي
الحديثة، لفهم تلك البيانات. إننا نلاحظ أن الصناعة المصرفية بدأت على مستوى العالم تتكيف مع هذا العالم، وبنفس الوقت أصبحت
نماذج الأعمال المصرفية التقليدية تواجه تحديات كبيرة. وهنا تكمن أهمية سرعة التأقلم والتغيير.
كما ويمكن للتكنولوجيا المالية الحديثة اليوم أن تدعم الحصول على الائتمان من خلال مناهج مبتكرة لجمع البيانات وتحليلها. تاريخيا،
كان العميل الذي يسعى للحصول على قرض يقدم بياناته المالية إلى مصرف أو مؤسسة إقراض تقليدية أخرى، لكن في الوقت الراهن
قد يسمح استخدام منصة للتكنولوجيا المالية للمقرض برصد وتحليل بيانات أكثر حداثة عن العميل من مجموعة أوسع من المصادر،
بما في ذلك تلك التي تقع خارج عملية الإقراض التقليدية، للتحقق من هوية مقدم الطلب وإجراء استدلالات حول الصحة المالية العامة
لمقدم الطلب. على سبيل المثال، أصبح من الممكن لمقدم طلب القرض التجاري تقديم معلومات مثل بيانات الشحن أو مراجعات
العملاء كمساهمة إضافية لمصادر البيانات التقليدية. مع هذه المعلومات الإضافية، سيكون لدى البنك صورة أكثر اكتمالا للنشاط
اليومي لمقدم الطلب وقدرته المالية الإجمالية، وقد يكون هناك قدرة أكبر على تقديم الائتمان للعملاء، بما في ذلك بعض الذين قد
يكونوا قد رُفِضوا من البنك للحصول على قرض على أساس البيانات التقليدية.
كما ستجد شركات التكنولوجيا المالية طرقا لاستخدام بيانات البنوك، وفي بعض الحالات دون الدخول في شراكة واضحة مع البنك.
وبإذن من العملاء، ستتحول شركات الفينتيك بشكل متزايد إلى «مُجَمِع للبيانات»عن طريق كشط المعلومات المتوفرة على شاشة
الموبايل والمتعلقة بالحسابات المالية. وفي مثل هذه الحالات، يقوم «مجمع البيانات» بتجميع وتخزين عمليات تسجيل الدخول وكلمات
السر المصرفية عبر الإنترنت،والمقدمة من قبل عملاء البنك واستخدامها لتسجيل الدخول مباشرة إلى حساب العميل المصرفي.
ويمكن استخدام هذه المعلومات لتزويد المستهلكين بمعلومات مالية ملائمة وبوقت حقيقي عبر عدد من البنوك والحسابات
المتعددة في بلد واحد أو أكثر من بلد.
لا شك بأن هذه الأمثلة تسلط الضوء على وجود توازن يلزم تحقيقه في هذه البيئة المبتكرة.فمن ناحية، مكنت التكنولوجيات الجديدة
المصارف وغيرها من الشركات من إيجاد طرق مختلفة لتلبية طلبات المستهلكين على وجه السرعة وبصورة ملائمة. ومن ناحية أخرى،
تثير هذه التكنولوجيات نفسها اعتبارات جديدة بشأن أمن البيانات وسلامتها، فضلا عن خصوصية المستهلك وحمايته. لذا يجب على
واضعي السياسات والصناعة المالية أن يؤكدوا أن تعزيز الراحة والسرعة في الخدمات المالية لا يقوض سلامة هذه الخدمات وأمنها
وموثوقيتها. وهذه مهمة تقع على عاتق الجهات الرقابية والتنظيمية في الدول وعلى رأسها البنوك المركزية.
في الاردن، ركزت جهود البنك المركزي على بعدين رئيسيين، وهما: تعزيز الاشتمال المالي بشكل حصيف ومدروس وتعزيز المنظومة
التشريعية للنظام المالي.كما باشر البنك المركزي الأردني بعملية تطوير واعادة هيكلة لنظم الدفع والتسويات في المملكة بالتشارك
مع البنوك العاملة في الأردن والشركاء ذوي العلاقة. وتهدف هذه العملية إلى الحفاظ على سلامة وكفاءة نظام المدفوعات الوطني من
خلال التشغيل البيني لأنظمة الدفع ووضع الأطر القانونية الشاملة لتعزيز الاشتمال المالي وتشجيع القبول المتزايد لأدوات الدفع
الحديثة وتقليل المخاطرالنظامية ومخاطر الائتمان وتسهيل دورة النقود في الاقتصاد بما يعزز الكفاءة الاقتصادية. وقد اضطلع البنك
المركزي بالدور القيادي لهذه العملية تسانده فيها البنوك التجارية ممثلة بمجلس المدفوعات الوطني.
ما أود أن أنهي به هذه المقالة هو أن لا مجال للمنافسة بين المؤسسات المالية والمصرفية من جهة وبين شركات التكنولوجيا المالية
من جهة ثانية، والطريق الامثل هو التعاون والتنسيق والتكامل في الاعمال لخدمة العميل والمستهلك والاقتصاد بشكل عام، وخاصة
في ظل الدعم الحكومي المحلي والعالمي لمشاريع الابتكار التقني ونسب اختراق الهواتف الذكية للأسواق ونمو الاستثمار في مبادرات
التحول الرقمي، فالجميع سيكون رابحاً ضمن هذه المعادلة المتوازنة.