أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Jun-2022

وزارة الزراعة.. والأمن الغذائي*د. كميل موسى فرام

 الراي 

يشكل هاجس الأمن الغذائي واحداً من التحديات الحياتية التي تستنزف جزءا يسيرا من التفكير والإنفاق، باعتباره الجزء المكمل لأساسيات المنظومة المعيشية بحدها الأدنى للاستمرارية، وهي محتوى الملف الحاضر دائما على الأجندات الوطنية كقاسم مشترك يؤثر بشرائح المجتمع بدرجات متفاوتة، فالظروف الحياتية بواقعها صعبة ومؤلمة على الجميع، يصعب علينا تصنيفها أو إعادة برمجتها، وهناك تضخم مستورد بدرجة معينة وأحد أسبابها ارتفاع الأسعار العالمية من بلدان المنشأ والتصدير، مرورا بطقوس الشحن والتأمين والنقل، نتيجة الخلط المبهم للأوضاع ا?دولية، ممزوج بأنانية البعض لحفر روافد القنوات الغذائية للسيطرة الفردية، تمهيدا لتحكم غير منطقي بالأسعار والتسويق، فتمارس حملات التشويش على الأداء، لسهولة استخدام وسائل التواصل الإجتماعي التي تمثل متنفساً مجانيا لإيصال الفكرة والمعلومة التي يحاول البعض تسويقها، بدون شروط الإلتزام بأخلاقيات الأداء الوطني.
 
لن يقف قطار العمل والجهد لتذليل الصعوبات وتوفير الأمن الغذائي بمحطات الإشاعة والإحباط والتشكيك، فيجب على السلطة التنفيذية بحكم مسؤولياتها، أن تبادر فورا بتحرير الشواغر المرصودة بموازنتها للأبجديات الحياتية وخصوصا الشواغر المتعلقة بالوزارات السيادية ذات التشابك الحياتي للديمومة؛ شواغر وزارة التربية والتعيلم، الصحة، الزراعة، الأشغال العامة وغيرها، التي من شأنها فتح مجالات لمشاريع العمل والانتاج وتفعيل دور اللامركزية باتخاذ القرارات الميدانية، كما أن طرح النفقات الرأسمالية بعطاءات مبرمجة ضمن خطة التحديث الاقت?ادي، ستسهل من سيولة وسهولة العمل عبر حلول واقعية، تترجم الحال وتمنع الاجتهاد العبثي للبعض.
 
السمعة الطيبة للأردن والبيئة الاستثمارية الواعدة بالقوانين والتشريعات، وأرضه الخصبة ذات المواصفات التي تمنحه صفة اعتباره واعتماده سلة غذائية متكاملة، جعلت الدول والمؤسسات سخية بالمنح بشروط ميسرة، لكن هذه المنح معطلة بسبب البيروقراطية المصطنعة التي تعطل المسيرة وتمنع انسيابيتها، وربما تعدد المرجعيات والاجتهادات وانتقائية التطبيقات، قد أضافت مكابح إضافية للموافقات، وجعلت توقيع بعض المسؤولين على القرارات مغامرة، فجعلتها تسير ببطء شديد أو توقف إجباري أو فرض شروط على المؤسسات والدول المانحة تجنبا لشكوك بالتنفيذ? يغلق علينا صنبور التغذية والمساعدة، متناسين عفويا أو بقصد، أن هذه المشاريع ستوفر الالاف من الشواغر وفرص العمل التي من شأنها حلحلة الاحتقان الشعبي، باعتبار البطالة واحدة من التحديات الكبيرة التي تتطلب التذليل والحلول، وربما هي فرصة جديدة متجددة بظروف فرضها الواقع المحلي والإقليمي والعالمي، لإمتحان القدرة والكفاءة بالاعتماد على الذات لمعالجة التحديات بشتى فروعها ومسمياتها؛ الإقتصادية والسياسية والمعيشية، التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على منعطفات التشكيلات الحياتية للفرد والعائلة، فتوفر بيئة انسجام مجتمع?ة تتغذى بأصالة وطيبة هذا الشعب العربي الذي من أبسط حقوقه توفير أسس الحياة الكريمة، وبعكس ذلك، سيكون هناك غيوم شك وظلال ريبة على جميع الخطوات التي تتبناها الدولة، لأن الفقر والبطالة وما يتفرع عنهما، هما الأب الشرعي للعنف والانحراف والادمان واتساع رقعة الجريمة وتبني الأفكار الهدامة التي من شأنها تعقيد المسيرة المستقبلية بسبب الحاجة الماسة لإعادة التأهيل في زمن لا يرحم ولا ينتظر الكسول.
 
الخطوة الأولى لخطة التحديث الإقتصادي للدولة الأردنية والتي أُفرزت بجهود النخبة المتخصصة، يجب أن تبدأ من المنزل باعتباره الحجر الأساس لتنمية الشخصية وتحديد توجهاتها وترسيخ مبدأ الانتماء الذي يمنع العبثية والأنانية، حيث لا بد من مراجعة لصفحات الماضي للاستفادة منها حيث أمكن ذلك، عندما كانت أرضنا الزراعية توفر الإكتفاء الذاتي بجميع متطلباتنا الغذائية، فكان الاكتفاء الذاتي على مستوى العائلة والحارة والمنطقة، أنموذجاً شائعا عبر مساحة الدولة الأردنية، وذاكرتي الطفولية في بلدتي الحصن تحضرني القول أن جميع المنازل ا?ريفية كانت حاضنة بحكم القانون والعرف لآبار تخزين المياة الشتوية لاستخداماتها الصيفية، منعا للعطش أو الحاجة، إضافة لتطبيق قواعد الاستخدام التي لا تسمح بالهدر، واقع يجعلني أطلق نداء خارج مربع التفكير بضرورة دمج وزارة الزراعة والمياة كعنصرين متكاملين، لأن الجهود التي تبذلها وزارة الزراعة الآن، تبشر بخير قادم بالرغم من وعورة الطريق وقوة الشد العكسي التي تنقب بالشوك، فوزارة الزراعة بنشاطها الحالي معنية بالأمن الغذائي وعلينا جميعاً واجب دعم جهودها وعدم البحث عن وسائل لإجهاضها وللحديث بقية.