أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Apr-2019

الطباع: والدي يحمل الجواز رقم (1) وتعهّد للأمير بجمع ضريبة التجّار

 الغد-د. محمد أبو بكر

 قبل البدء بإجراء الحوار مع الحاج حمدي الطباع؛ اطّلعت على سيرة والده المرحوم الحاج محمد صبري الطباع، ذلك الرجل الشامي العصامي الذي جاء إلى عمان قادما من دمشق العام 1925، بعد أن أقدمت قوات الاحتلال الفرنسي على حرق محلّه التجاري في العاصمة السورية، إلى جانب عدد كبير من المحلات الأخرى، حيث عاثت فسادا وخرابا في المدينة التي هجرها الكثيرون.
كان الحاج صبري أحد رجالات الحركة الوطنية، وقاتل إلى جانب القائد يوسف العظمة في معركة ميسلون الشهيرة، ومن هنا جاء حقد الفرنسيين عليه، فما كان منه إلّا اللجوء إلى الأردن والبدء بحياة جديدة، حتى بات من أهمّ وجهاء العاصمة، وكان محلّه التجاري بمثابة ديوان اقتصادي وسياسي يجمع نخبة من الشخصيات الفاعلة في ذلك الوقت للتباحث في مختلف شؤون البلاد.
يتحدّث الحاج حمدي عن عمان؛ تلك البلدة الصغيرة التي بدأت تكبر تدريجيا نتيجة للهجرات المتعددة والتي بدأت مع الشراكسة الذين، كما يقول الطباع؛ هربوا بدينهم إلى بلادنا، فكان اهتمامهم الأول في الزراعة، وانخرط قسم كبير منهم في الوظائف الرسمية، وكذلك التجار والعائلات الذين قدموا من فلسطين قبل النكبة العام 1948 .
الحوار مع الوزير الأسبق الحاج الطباع سار بنا في تشعبّات كثيرة ما بين الاقتصادي والسياسي، مرورا بانضمامه في فترة من حياته إلى حزب التحرير، ونشاطه في الحياة الحزبية بعد العام 1989، ولكن لم يكتب له الاستمرار في ذلك النشاط .
يشعر بالامتعاض من حال الاستثمار في بلادنا، ويتحدّث عن المعيقات، ولا يفوته التطرّق إلى مسألة تشكيل الحكومات في الأردن طالبا إعادة النظر في ذلك، ويصفها بعبارة “حظّك نصيبك”، مع تأكيده على أنّ الأردن يفتقر لوجود فريق اقتصادي يمتلك الخبرة الكافية، وقادر على إخراج البلاد مما اعتراها من خلل.
يعبّر الحاج الطباع، الذي يرأس اليوم جمعية رجال الاعمال الأردنيين، عن الأسف والأسى لهذه الهرولة العربية للتطبيع مع إسرائيل، وينتقد الغياب العربي عن المحافل الدولية، مؤكّدا أن القضية الفلسطينية لم تعد أولويّة لدى الكثير من الأنظمة العربية، ويخاطبهم بالقول.. اصحوا ياعرب!
وفيما يلي نص الحوار..
 
* لنتحدث أولا عن البدايات وقدوم الوالد إلى عمان بعد أن أحرقت القوات الفرنسية محلّه في دمشق وبداياته هنا؟
– قبل إنشاء الامارة العام 1921 جاءت إلى الأردن مجموعات كبيرة من الشراكسة الذين هربوا بدينهم من البطش والقتل الذي كان يمارس في بلادهم، وهؤلاء كان اهتمامهم الأول بالزراعة، وبعضهم انتقل إلى الوظائف الحكومية الرسمية ، وكانت هناك أيضا عائلات فلسطينية أقامت في عمان ومنهم بعض التجار رغم أنّ عمان كانت بلدة صغيرة في ذلك الوقت.
كان والدي الحاج محمد صبري الطباع من تجار الشام، وأحد رجالات الحركة الوطنية، وشارك إلى جانب القائد يوسف العظمة في معركة ميسلون، وعلى ضوء ذلك أقدمت قوات الاحتلال الفرنسي على جريمة إحراق محلات تجار الشام ومنها محل والدي ، الذي آثر بعد ذلك الانتقال إلى عمان والبدء بمرحلة جديدة من حياته في الأردن.
 
* يقال بأن المحل الخاص بالوالد في عمان كان ديوانا سياسيا واقتصاديا يجتمع فيه نخبة رجال العاصمة؟
– هذا صحيح؛ فقد كان عدد كبير من رجالات عمان وغيرهم ممن قدموا إلى العاصمة يلتقون في محلّ والدي يتباحثون في كافة القضايا، ليس فقط التي تهمّ الأردن وإنما في قضايا الأمّة المختلفة .
 
* بعد معركة ميسلون الشهيرة وقدوم أعداد كبيرة إلى عمان؛ كيف كان التمازج المجتمعي في المدينة في ذلك الوقت؟
– أهل الشام انتقلوا من حكم فيصل الهاشمي إلى حكم عبد الله الهاشمي طلبا للرزق، وأحضروا معهم أموالهم ومنتجاتهم، وبدأوا حياة جديدة، حتى القائد يوسف العظمة جاء إلى الأردن وتوجه إلى مدينة معان، وما تزال الحارة الشامية موجودة فيها، والفرنسيون مارسوا القتل والاعتقال بحق الزعماء الوطنيين، وقد هرب الكثيرون من بطشهم عن طرق سكّة الحديد، حيث لم يكن هناك طرق معبّدة، وقد وجدوا كلّ الترحاب من أهل عمان والمناطق المحيطة بها من البدو وأبناء العشائر.
كان لا بدّ من الاستقرار، وحصلت شراكات تجارية شامية ونابلسية ومقدسية ومن أهل حيفا وغيرهم، حتّى أنّ الأمير عبدالله (الملك عبد الله الاول) وهو السياسي المحنّك كان يلتقي بكلّ هذا الشتات في (المقر) في رغدان أو القصر الصغير، وكان الأمير يفتح المقر الساعة السادسة والنصف صباحا لاستقبال الضيوف، ودون أي بروتوكول، وبإمكان أيّ شخص الدخول دون أي عقبات أو وجود حراسات وما شابه ذلك.
الأمير كان عاشقا للعبة الشطرنج، وفي كثير من الأحيان كانوا يذهبون لممارسة اللعبة في (مستنبت الجبيهة) الجامعة الأردنية حاليا.
 
* انتعشت التجارة في عمان، وتمّ إنشاء أول غرفة تجارية، حدّثنا عن ذلك حاج حمدي؟
– بدأ مدير الاستيراد البريطاني (ليفنجستون) يمنح رخصا للاستيراد من الخارج مثل السكر والرز وغيرها ، فنشطت الحركة التجارية، وتوافق عدد من التجار على ضرورة إنشاء غرفة تجارية، وبالفعل تمّ لهم ذلك وأصبح طاهر الجقّة أول رئيس لها، وهو من نابلس، ومن الأعضاء يوسف عصفور وأدلبي وابراهيم منكو ومحمد علي بدير وغيرهم، والغرفة حينها كانت صغيرة ولكنها كانت تضمّ مختلف الجنسيات، وكان قرارهم جميعا ضرورة البدء بالاستثمار الفعلي.
فمثلا قعوار من الناصرة بدأ بالتفكير بموضوع الفوسفات، ومحمد علي بدير بالكهرباء مع مجموعة معه، وصبري الطبّاع فكّر بالاسمنت والدخان، وأنشأ أوّل مطحنة في عمّان، ولا يفوتني هنا أن أذكر بأن والدي يحمل جواز السفر رقم واحد!
 
 
 
* ماهي قصّة ضريبة الدخل في عهد حكومة إبراهيم هاشم؟ وما قام به والدكم من تصرّف في هذا الموضوع؟
– طلب رئيس الحكومة إبراهيم هاشم من الأمير عبد الله استحداث قانون لضريبة الدخل بعد أن توسّعت تجارة عمان ، فاحتجّ التجار على ذلك، وطلبوا من والدي الذهاب إلى الأمير للتحدث باسمهم ونقل رفضهم لهذا القانون، وسأل والدي الأمير عن المبلغ المتوقّع جمعه من التجار فأجابه أنّه بحدود الخمسين ألف جنيه سنويا، حينها تعهّد والدي بجمع هذا المبلغ من التجار سنويا ودون الحاجة لصياغة قانون، وهذا يدلّ بصورة واضحة على مدى الثقة الكبيرة بين الحاكم والمواطنين في ذلك الوقت.
 
* بالنسبة للكلية العلمية الاسلامية؛ كيف كان إنشاؤها؟
– تمّ التبرع بالأرض من قبل والدي الحاج صبري وحمدي منكو وعبد الحميد دياب لإقامة الكلية وهي تابعة لجمعية الثقافة الاسلامية، وللعلم لا يوجد إيّ واحد منهم قد تخرّج من جامعة، ولكن حبّهم للعلم دفعهم الى ذلك، إضافة لالتزامهم الأدبي تجاه هذا الوطن الذي احتضنهم.
* وما هي قصّة عرض شراء مستنبت الجبيهة على الوالد؟
– الوضع المالي في البلاد كان متراجعا إلى حد كبير، فكان لا بدّ للدولة أن تتحرك وتعمل على توفير سيولة مالية، فجرى عرض شراء مستنبت الجبيهة (أرض الجامعة الأردنية حاليا) على الوالد، فرفض قائلا .. بدكم أروح عند الواوية والضباع! على اعتبار أن منطقة الجبيهة كانت نائية وبعيدة!
 
* كانت هناك علاقات مميزة وأخوية بين التجار، وشراكات متعددة بينهم، والوالد أنشأ أول مطحنة في عمان، حدّثنا عن ذلك وعن وكالة مرسيدس؟
– والدي كان تاجرَ (مال قبان) وقد أنشأ أول مطحنة في عمان وكانت بدائية، وقد أشرف على إنشائها المهندس صبحي كحالة الذي أصبح فيما بعد وزيرا لسد الفرات في سورية، ونظرا للعلاقات المميزة بين التجار كان كل واحد منهم يرغب بإشراك الآخرين معه ، وبالتالي كان شركاء الوالد في المطحنة؛ شركة طاهر المصري وأولاده ويمثّلهم الحاج معزوز وكذلك العالول وكامل ملحس وحسين أبو الراغب، وكان موقعها في طريق المحطة، وفي تلك الفترة حصل آل المصري على وكالة فولكسفاجن.
أمّا قصة المرسيدس؛ فعائلة غرغور من يافا تعرّفت على جماعة من ألمانيا وتذوّقوا طعم البرتقال اليافاوي فأحبّوه جدا، فأعطاهم غرغور (شوال) برتقال، ومقابل هذا الشوال عرضوا عليه وكالة مرسيدس، وهكذا كان!
 
* لنأتي إلى العلاقة مع الملك الراحل الحسين، لابدّ أنّ هناك الكثير مما يقال حول هذه العلاقة من الطفولة.. أليس كذلك؟
– كانت هناك سيدتان من القدس تمتلكان مدرسة صغيرة في عمان بشارع منكو بعدد صفوف لا يتجاوز الخمسة؛ كنت أنا طالبا فيها، وكانت تضمّ معظم أولاد الحيّ، وفي صباح أحد الأيام حضر الأمير طلال ومعه ابنه الأمير حسين لتسجيله في المدرسة، لقد حضر سيرا على الأقدام بدون سيارة أو موكب أو حراسة كأيّ مواطن عادي، وجلس الأمير بجانبي، وتوثّقت العلاقة بيننا، وكنت أذهب معه إلى بيته لندرس سويّا، وكانت والدته الملكة زين الشرف تقوم على خدمتنا بكل ما نحتاجه من طعام أو شراب وغير ذلك.
وعندما اشترى لي والدي دراجة هوائية؛ كنت آخذ الأمير حسين ليركب معي على الدراجة لأقوم بإيصاله إلى بيته أو نذهب سويّا إلى بيتنا، ثمّ درسنا فترة قصيرة في مدرسة المطران ثم الكلية العلمية الاسلامية، ثم افترقنا حيث ذهب الأمير إلى كلية فكتوريا في الاسكندرية، وأنا ذهبت إلى لبنان لاستكمال تعليمي في المدرسة الأميركية.
 
* هل تغيّرت معاملة الأمير حسين معك بعد أن أصبح ملكا؟
– الملك الراحل يمتلك خاصية مذهلة؛ وهو أنّه يجعلك تشعر بأنّك أهمّ منه، هو قمّة في احترام الآخرين، ومستمع جيد، وقد استمرت العلاقة الوثيقة بيننا، وزرت بمعيته المدينة المنورة وصلينا في المسجد النبوي الشريف وزرنا قبر الرسول صلى الله عليه وسلّم ، وهذا كان في عهد حكومة السيد عبد الكريم الكباريتي.
 
* وما هي قصتك مع حزب التحرير؟
– في تلك السنوات؛ كانت الأحزاب موجودة على الساحة وبينها تنافس كبير، فكان هناك الشيوعي والبعث والقومي والاخوان وكذلك حزب التحرير.
كانت هناك حصّة دراسية اسمها الثقافة الاسلامية، وكان المدرّس الشيخ تقي الدين النبهاني، وهو مؤسس حزب التحرير، وكان يأتي إلى غرفة الصف ومعه مجموعة من الكتب المطبوعة الخاصة به، وكان دائم التحدّث في المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقة الاسلام بها بطريقة جعلتنا كطلاب ننخرط في الحزب، وقد استهوتنا طريقته في الطرح آنذاك، وكان كما يقال ( كمن يحكّ على الجرح)! هكذا كنّا نفهم ذلك آنذاك.
بعد ذلك أعجبت بالحزب السوري القومي الاجتماعي وموضوع سورية الكبرى الذي ينادي به الحزب، ولكن التجارة أخذتني من كل ذلك ، فذهبت إلى المانيا للتدريب ثمّ عدتّ إلى عمان للالتفات إلى أعمالنا التجارية.
 
* في تلك الفترة (الخمسينيات) كانت الأحزاب منتشرة على امتداد الوطن وتتمتع بالقوة والتأثير، وفي غالبيتها معارضة للنظام، كيف تنظر إلى تلك الفترة التي يمكن وصفها بالقاسية نوعا ما؟
– كنت أقول دائما؛ كيف لهذا النظام أن يحوي ويتحمّل كل هذا الشتات من الأحزاب المعارضة له؟ كانت فترة حزبية بامتياز، كانت المظاهرات تجري بمشاركة جميع الأحزاب دون استثناء، ورغم ذلك كان النظام متسامحا جدا معهم، ومعروف أنّ الأردن لم يشهد حادثا واحدا لإعدام أو اغتيال أحد السياسيين المعارضين، لا بل إن الكثيرين منهم استمالهم الملك وأصبحوا من كبار رجال الدولة.
 
* حدّثنا عن تداعيات قانون ضريبة الدخل عندما كنت رئيسا لغرفة التجارة، وما حدث بينك وبين مدير الضريبة آنذاك؟
– عندما كنت رئيسا لغرفة تجارة عمان كان مدير عام ضريبة الدخل الدكتور عبد الله النسور؛ وشاورني بأن أشارك معه في حلقة تلفزيونية للترويج للقانون، فخاطبته بالقول.. بدّك تحرقني من أوّل يوم؟ وطلبت منه مشاورة بعض الشخصيات كالعلّامة الدكتور مصطفى الزرقا والدكتور رشيد الدقر عميد كلية الاقتصاد والتجارة في الجامعة الأردنية.
كانت رؤيتي هي الاعلان عن التقدير الذاتي لمدّة سنتين، ونقبله كما هو دون اعتراض، وبالفعل تمّ التوافق على ذلك، لأننا حينها كسبنا الكثير من المكلفين.
 
* ما هي قصّة أول وفد من القطاع الخاص يسافر مع جلالة الملك الراحل إلى أوروبا؟
– في العام 1987 طلبني الديوان الملكي وأبلغوني بأن الملك سوف يسافر إلى أوروبا، ويرغب بأن يرافقه وفد من القطاع الخاص، وهذه تحدث للمرّة الأولى، وبالفعل قمنا بإرسال قائمة للديوان من خمسة أشخاص وباختصاصات مختلفة لزيارة فرنسا وإيطاليا، وعلى ذكر فرنسا؛ كان رئيسها فرانسوا ميتران يرتبط بعلاقة قويّة مع الملك حسين، وقيل أن علاقته تلك هي الأقوى مع أي زعيم في هذا العالم.
 
* ذهبت وزيرا للصناعة والتجارة في حكومة زيد الرفاعي، ورفضت وزارة التموين، ودخولك للوزارة لم يكن برغبة منك، كيف حدث ذلك؟
– العام 1988 تحدّث معي دولة زيد الرفاعي وطلبني لأشرب معه فنجانا من القهوة، فأبلغته بأنني مشغول جدا إلّا إذا كان هناك ما يستدعي حضوري، المهم أنني ذهبت وأبلغني بأنه يرغب في التعاون معي، فأجبته بأننا متعاونون، ولكنه قال لي بأنه يريدني وزيرا للصناعة والتجارة والتموين، فطلبت منه ضرورة العودة لأشقائي لمشاورتهم في الأمر، فكانت إجابته أنّ الارادة الملكية قد صدرت وانتهى الأمر!
كنت قد رفضت وزارة التموين لكثرة مشاكلها، فوعدني الرئيس بإعفائي منها مع أول تعديل قادم.
 
* بعد عودة الحياة الديمقراطية إلى البلاد والسماح بالعمل الحزبي؛ كان لك نشاط في هذا الاتجاه وخاصة مع جماعة الاخوان، أليس كذلك؟
– قام المرحوم أحمد قطيش الأزايدة وهو من جماعة الاخوان بدعوة شخصيات مستقلّة للتشاور والتباحث في مسألة إنشاء حزب سياسي لا تسيطر عليه الجماعة، وأبلغني رحمه الله أنهم بصدد البحث عن أشخاص لديهم الخبرات في كافة المجالات، كانت الاجواء ممتازة، والأمور تسير بشكل جيد، وكان أعضاء الجماعة هم الأقليّة، وتوفي رحمه الله، حينها بتنا نشعر بسيطرة واضحة لجماعة الاخوان على الحزب، فآثرت الانسحاب، وبقيت العلاقة معهم قائمة على الاحترام كأشخاص حتى اليوم.
 
* هناك ضغوطات اقتصادية ومعيشية يعانيها المواطنون، إلى متى الاستمرار في هذا الواقع برأيكم؟ لماذا لا تبحث الحكومات عن حلول بعيدة عن جيوب الناس وهم الذين باتوا لا يحتملون المزيد من الضغوط؟
– لنعترف أولا بعدم وجود فريق اقتصادي في الأردن لديه القدرة على حمل المسؤولية بكفاءة، هذا شيء مانزال نفتقده، إضافة لذلك فإنّ موقعنا الجغرافي صعب جدا، وصحيح أن الربيع العربي مرّ بسلام، واستطعنا الثبات والتماسك، ولكننا دفعنا ثمنا كبيرا من خلال الأثر الواضح على البنية التحتية والتغيير الديموغرافي، أضف إلى ذلك ممارسات بعض الجهات الرسمية في موضوع الاستثمار والإعاقات التي لا بدّ من إيجاد الحلول لها.
نحن اليوم بحاجة إلى حكومة تمتلك فريقا اقتصاديا ذا خبرة واسعة لوضع حد لما نعانيه، لأنّ المواطن فعلا لم يعد يحتمل المزيد.
وهنا لا بدّ من ذكر حادثة حصلت في مصر؛ حيث دعانا السيد إيليا نقل لحضور حفل افتتاح أحد مصانعه الكبرى هناك وبرعاية الرئيس حسني مبارك الذي حضر شخصيا، وقام بإعطاء السيد نقل رقم هاتفه الشخصي للاتصال بالرئيس إذا ما حدثت تدخلات أو إعاقات لعمله في مصر.
ومن هنا أطالب بإنشاء بيت خبرة من تخصصات مختلفة نلجأ إليه وقت الحاجة، فلقد مررنا بتجارب قاسية خلال العقدين الماضيين.
 
* القضية الفلسطينية باتت آخر اهتمامات بعض العواصم العربية، وهناك هرولة باتجاه التطبيع المجاني، ماذا يجري ولماذا؟
– بعض العرب يمارسون الغباء، فهل ممارسات إسرائيل الاستفزازية وما تقوم به من استباحة للأرض والمقدسات وعمليات القتل والاعتقال نقابلها بالتطبيع المجاني؟ للأسف الشديد مثل هذه الدول لم تعد القضية أولويّة بالنسبة لها، باتت اليوم تعاني من الكثير من المشاكل، ويؤسفني القول انّ العرب غائبون اليوم عن المحافل الدولية بصورة واضحة.
 
* هناك توجّه أميركي واضح وبالتناغم مع اليمين المتطرّف في إسرائيل لاستدراج بعض العرب من خلال التحالف ضد إيران، على اعتبار أنها هي العدو وليس الدولة العبرية، كيف ترى ذلك؟
– إيران دولة كبيرة لها مشاريعها وطموحاتها، ونمتلك معها قواسم مشتركة عديدة، لماذا لا نجلس معها ونحاورها؟ لماذا يريدون صرف النظر عن العدو الرئيس وهو إسرائيل؟ هل من المعقول البحث عن أعداء جدد؟ يجب التركيز على مصالحنا بالدرجة الأولى مع التأكيد على أنّ السياسة الأردنية ترفض مثل هذه التحالفات، وعلينا العمل على توسيع خياراتنا، وأقولها للعرب بكل صراحة ووضوح .. (اصحوا ياعرب)! ليس أمامكم سوى أن تتفقوا.
 
* هل ترى في الأفق إقامة دولة فلسطينية، وهل تعتقد بأنّ الإدارة الأميركية ربما تلجأ لتنفيذ ما يسمى بصفقة القرن بعيدا عن الطرفين الرئيسيين؛ الأردن والفلسطينيين؟
– مادام هناك شعب على أرض فلسطين فالدولة قادمة لا محالة، وهناك حالة توأمة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، ولن تستطيع الولايات المتحدة فعل شيء، ولا يمكن لها استثناء الجانبين الأردني والفلسطيني لأن القضية الفلسطينية تخصهما وحدهما دون الآخرين، والأردن الرسمي موقفه ثابت ولا يتغير، ولكن الولايات المتحدة هي من تقوم باختلاق المشاكل.
ومن خلال تأجيل الصفقة عدة مرات فهذا يعني أن واشنطن تدرك بأن الأمور لا تسير كما تريد، لذلك لا يمكن فرض أيّ حل لا يرضى به الطرفان الأردني والفلسطيني، مهما كانت الاغراءات المالية الضخمة التي يتحدثون عنها.
 
* كيف ترى آلية تشكيل الحكومات في الأردن؟ وهل تعتقد أنّ بعض الرؤساء لم يحالفهم الحظ في اختيار فريقهم الوزاري؟
– تشكيل الوزارات في الأردن يجري على قاعدة (حظّك نصيبك)! الوزراء يأتون إلى مجلس الوزراء وهم لا يعرفون بعضهم البعض، والوزير للأسف يأتي وهو لا يعرف أولوياته، فعلى الرئيس ان يختار فريقا يعمل معه ويساعده لا أن يكون عبئا عليه، وبالتأكيد هناك الكثير من الرؤساء لم يحالفهم التوفيق في اختيار فريقهم الوزاري، وهذا واضح من خلال كثرة التعديلات على الحكومات.
وهنا يجدر القول أنّ الراحلين وصفي التلّ وهزاع المجالي كان لكلّ واحد منهما طريقة مختلفة في الحكم، فلماذا لا نتعلّم من تجاربهما وتجارب آخرين كانوا بحقّ من أفضل الرؤساء، لذلك لا بدّ من إعادة النظر في أسلوب تشكيل الحكومات.
 
* هل يعجبك أداء مجلس النواب الحالي؟
– أرى أنّ أداء بعض النواب جيد، والباقي غايب فيلة!
 
* هل أنت متفائل تجاه المستقبل وما هي أمنيتك حاج حمدي؟
– أنا متفائل دائما، ولكننا اليوم بحاجة لخطّة وطنية شاملة يلتفّ حولها الجميع لمصلحة الوطن، فالأردن يمرّ بظروف صعبة جدا، ومحيطنا ملتهب، والقادم مجهول، وأدعو الله أن يحمي هذا البلد ويجنّبه كلّ مكروه.