دور ديوان المحاسبة الأساسي هو اعلام الجهات المعنية بالمخالفات، والتأشير عليها، ولكنه في المقابل ليس لديه ضابطة عدلية، وبحسب المعايير الدولية لا يمكن ولا يجب أم يكون ديوان المحاسبة جزءا من اتخاذ القرار في أي وزارة أو مؤسسة حكومية.  كانت لدينا مشكلة في السابق بأن تقارير ديوان المحاسبة تتأخر، ويناقش مجلس النواب تقارير لسنوات ماضية وبأثر رجعي لا يفيد معها غالبا أي اصلاح ولا يمكن غالبا ارجاع الهدر المالي الذي حصل في حينه. 

الآن، وبعد مطالبات النواب بتقديم الديوان تقارير ربعية للوقوف على المخالفات أولا بأول، فان المطلوب من اللجنة المالية في مجلس النواب أن تولي هذه التقارير صفة الاستعجال، حتى لا نعود الى نفس المعضلة القديمة بتأخير النظر والبت في هذه التقارير التي يقدمها الديوان أيضا سنويا للحكومة ومجلس الأعيان والنواب وفقا للدستور، ومع كل دورة عادية. 

ديوان المحاسبة ينطلق في عمله من حرصه الأكيد على المال العام، ولكن هل يعقل أن الديوان ما زال يطلب استيضاحات سابقة حول مستشفى البشير منذ عام 2007؟!

اضافة الى استيضاحات حول تزوير تصاريح العمل ؟!..وهل يعقل أن الديوان ما زال يستوضح مواضيع منذ العام 2005- كما يقول رئيس الديوان عبد الخرابشة -؟!

هناك مشكلة، كما قلت، في آليات التعامل مع تقارير ديوان المحاسبة التي تستوجب تعاملا أكثر جدية واهتماما، اذا كنا جادين بالفعل بمحاربة الفساد بكل أشكاله الادارية والمالية. 

جميل جدا أن يتفق ديوان المحاسبة مع اللجنة المالية في مجلس النواب على تكثيف التواصل، وأن يتم تحديد آليات للتعامل مع استيضاحات تقارير الديوان وفق تصنيفات أو مسارات ثلاثة:( التسوية أو التسديد، أو القضاء)، ولكن من المهم أيضا سرعة التعامل مع الاستيضاحات والتقارير أولا بأول، حفاظا على المال العام، ومن هنا نذكّر بأن هناك استيضاحات للديوان حول قضية الدخان تستوجب التعامل معها بجدية، وبسرعة تمكنه من استكمال عمله. 

بقي أن أشير هنا الى أننا نتمنى بالفعل - واللجنة المالية في مجلس النواب مقبلة على مناقشة تقارير الديوان ابتداء من تقرير 2016 و2017 - أن يكون هناك اشراك حقيقي للاعلام، وأن يتم تفعيل نافذة للتواصل مع الاعلام، ومع المواطنين، انطلاقا من الشراكة الحقيقية بين جميع الأطراف في الحفاظ على المال العام، ومحاربة الفساد بكافة صوره. 

نثق تمامًا بديوان المحاسبة رئيسا وموظفين، كما نثق تماما باللجنة المالية رئيسا وأعضاء، وندرك حرص الجميع، ولكن المشكلة قد تكمن في البيروقراطية التي تقلل من سرعة الانجاز، وتؤدي للتأخر في البت بالقضايا، والاجابة على الاستيضاحات، مما قد يكلف الوطن مزيدًا من الهدر للمال العام.