أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jan-2022

الاستثمار ثم الاستثمار* سلامة الدرعاوي

 الغد

كل المشاريع والخطط الموجهة لمحاربة البطالة لن تجدي نفعا طالما بقيت الحكومات غافلة عن موضوع الاستثمار، ولا تعالج التشوّهات والتعقيدات في البيئة الاستثماريّة والقيام بمعالجة حقيقية.
فلا يمكن ان تكون هناك فرص عمل جديدة طالما بقي مؤشر تدفق الاستثمارات الخارجيّة في تراجع والذي وصل لأكثر من 65 % خلال السنوات العشر الماضية، فالتراجع يزداد من عام لعام امام أعين الحكومة ومسؤوليها الذين يقفون عاجزين عن اتخاذ الخطوات الصحيحة في مواجهة الاختلالات التي تحد من تدفق الاستثمارات وتعزز جاذبية بيئة الأعمال المحليّة لتكون موطنا لانتقال رؤوس الأموال إليها.
خطابات الحكومة النظرية لا تركّز سوى على الحديث الإعلامي “الممل” المتمثل بضرورة النهوض بالنموّ الاقتصاديّ، وهذا شعار طرحته كل الحكومات بلا استثناء، وكأن النموّ سلعة تستورد من الخارج مثل المحروقات.
النموّ الاقتصاديّ أمر لا مفرّ منه، وهو مسألة طبيعية في أي عملية إصلاحية، لكن لها أساسيات قبل الحديث الإعلامي عنها دون التطرق الى مفاصل النموّ ذاتها.
والحديث المستمر بأن النموّ هو الذي سيواجه البطالة ويخلق فرص عمل، أمر غير صحيح على الإطلاق، فالأمر يحتاج الى تحليل في هيكل النموّ الاقتصاديّ المتحقق واتجاهاته القطاعية.
فالصادرات الوطنيّة على سبيل المثال لا الحصر في تزايد مستمر من عام لآخر، ومع ذلك فإن معدّلات البطالة هي الأخرى في تزايد حتى وصلت لمستويات غير مسبوقة على الإطلاق (25 %).
الأصل هو أن الاستثمار القادر الوحيد على خلق فرص عمل جديدة، والمقصود بذلك الاستثمارات القائمة والجديدة معا، وهذا يفرض على الحكومة الانتقال غير التقليدي في مواجهة البطالة الى إجراءات فعلية تنمي قدرة المستثمرين المحليين والأجانب على العمل والتوسّع في المملكة.
الاقتصاد اليوم يعيش في حالة جمود من حيث التوسّع، فالنموّ المستهدف في افضل حالاته التقديرية لا يتجاوز الـ 2.7 %، وهي معدّلات تدلّل بوضوح ان مؤشر البطالة سيبقى مرتفعا خلال المرحلة المقبلة دون أي تغيّر إيجابي.
بالأرقام، الاقتصاد الأردني وفي احسن حالاته وفي ظل تحقيق نموّ اقتصادي (7 %) خلال السنوات (2003-2007) لم يتمكن حينها سوى خلق 55 الف فرصة عمل، كانت مناصفة بين القطاعين العام والخاص.
اليوم المشهد مؤلم جداً وأنت تراه من الخارج وتراقب ما يحدث في سوق العمل ومعدّلات البطالة والقدرة على التوظيف في القطاعين، فهناك ما يزيد على الـ150 ألف شخص يدخلون لسوق العمل سنويّاً، منهم 88 ألف خريج من الجامعات من حملة شهادات البكالوريوس والماجستير، والاقتصاد لا ينمو بأكثر من 2 % خلال العقد الماضي، ناهيك عن ان الحكومة بدأت فعلا بالحد من التعيينات في القطاع العام، ولم يعد جهازها الإداري قادرا على التوظيف، في المقابل يعيش القطاع الخاص أياما صعبة نتيجة التحديات الداخليّة والخارجيّة التي تحيط به وتؤثر سلبيا في استمراريته في العمل.
هذا المشهد المؤلم يحتم على الحكومة، وضع ملف القطاع الخاص وقدرته التوظيفيّة والتحديات التي يعاني منها على راس أولويات عملها، وتجلس معه للحديث بشكل مفصل عن طبيعة الأسباب التي تحول دون توسعه الاستثماري أو استقطاب استثمارات جديدة للمملكة، وان تكون هناك خلية عمل مباشرة مع القطاع الخاص ، تحل مشاكله وتبسط عليه العملية التشغيليّة، والتنسيق معه في كيفية انعكاس هذه الحلول على التشغيل لديه وخلق فرص عمل جديدة.
نعم، غالبية فعاليات القطاع الخاص تعمل بشكل مشابه لما كانت عليه في السابق، لكن هذا لا يعني أنها وظفت أشخاصا جدد لديها، بالعكس حتى الشركات والمنشآت التي نمت أعمالها لم توظف بالشكل الذي يتناسب مع نتائجها الماليّة، لان طبيعة التطوّر التكنولوجي وأتمتة الأعمال تدفعهم للاستغناء عن كثير من العمال والموظفين لديها.
هنا لا توجد خيارات امام الحكومة لمواجهة كابوس البطالة سوى بقانون عصري للاستثمار، يمنح الإعفاءات والتسهيلات لكل من يحقق قيمة مضافة عالية على الاقتصاد خاصة في مسألة التشغيل، والإسراع في تطوير جهاز إداري موجّه للاستثمار بمرجعية واحدة يلغي كل التشابكات بين وزارة الاستثمار وباقي وزارات ومؤسسات الدولة بلا استثناء، وتبسيط كل تعاملات رجال الأعمال والمستثمرين حتى يتسنى جعل بيئة الأعمال جاذبة لهم وقبلة للاستثمار الجديد والتوسع ومحاكاة ما يحدث في الجوار من تسابق محموم لجذب المستثمرين والذين خطوا خطوة مبادرة في هذا المجال ونحن مازلنا نناقش هل نعطي إعفاءات للمستثمر ام لا !.