أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jul-2017

خيارات الأردن في المسألة الاقتصادية*رومان حداد

الراي-استطلاعات الرأي المختلفة تظهر أن الموضوع الاقتصادي ما زال مسيطراً على العقل الأردني، وبالتالي على الهاجس المحرك لأي حكومة، ورغم تعاظم الإشكالية الاقتصادية إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تغير في النهج الاقتصادي، وهو نهج مالي، وليس اقتصادية، ولم يحقق أي إنجاز ملموس على أرض الواقع.
 
فما تقوم به الحكومات المتعاقبة هو اتباع السياسة المالية الانكماشية التي تعتمد على رفع الضرائب وعدم القيام بالإنفاق الرأسمالي الكافي لتحريك السوق، وهو ما حرم الأردن خلال السنوات الأربع الماضية من توسعة الاقتصاد الأردني بما يقارب 30%، أي حرم ما يقارب 20 ألف أردني من فرص العمل، وحرم الأردن من تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى الحدود الآمنة التي تقارب 66%.
 
وفق الدراسات فإن الميل الحدي للاستهلاك لدى المواطن الأردني هو من الأعلى عالمياً، والميل الحدي للاستهلاك يساعد الحكومة على تحديد سياستها المالية، وهو أحد العوامل الرئيسية في قرار الحكومة بتبني سياسة مالية انكماشية أو توسعية.
 
فوفقاً للميل الحدي للاستهلاك للمواطن الأردني فإن كل مائة مليون دينار من الضرائب يتم تخفيضها عن كاهل المواطن الأردني سينمو الاقتصاد بما مقداره تسعمائة مليون دينار، وكل مائة مليون دينار تقوم الحكومة بإنفاقها إنفاقاً رأسمالياً بصورة مدروسة ستنمي الاقتصاد الأردني بمقدار مليار دينار.
 
وهو ما يعني أن اتباع سياسة تخفيض العبء الضريبي عن المواطن الأردني بمقدار مائة مليون دينار، وإنفاق الحكومة مائة مليون دينار أخرى إنفاقاً رأسمالياً بصورة مدروسة سيؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة إضافية تقدر بـ(7%)، مما سيؤدي إلى تخفيض الدين العام بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد عن (6%)، وسيزيد من الإيرادات الضريبية للدولة بمقدار 200 مليون دينار سنوياً، وهو ما يساعد على تقليل نسبة العجز في الموازنة.
 
ومن زاوية أخرى يمكن رؤية أن إطلاق الإصلاح الاقتصادي يبدأ بتغيير الرؤية الاقتصادية للدولة من الرؤية الليبرالية الكلاسيكية التي أدت إلى انسحاب الدولة من العديد من القطاعات، إلى الاقتصاد الاجتماعي الذي يجب أن يكون هو المنطلق والأرضية التي تناقش عليها الأمور المختلفة، وأساسه التوفيق بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهو نهج موجود منذ ما يزيد عن ستة عقود من الزمن.
 
حيث يمكن اختصار مفهوم الاقتصاد الاجتماعي بأنه قدرة تدخل الدولة لتوجيه بعض الإنفاق والاستثمار لتلبية الاحتياجات الاجتماعية، وهذه أهداف لا تكترث بها آليات السوق عندما يترك لها وحدها القرار، وبالتالي فتبني الاقتصاد الاجتماعي يتيح للدولة التدخل بما ‏يلبي الاحتياجات الاجتماعية ويقلص الفجوات الاقتصادية داخل المجتمع.
 
حيث على الدولة تبني نمط اقتصادي يضمن إعادة توزيع الثروات بطريقة تحقق التنمية بمفهومها الحقيقي، وليس عبر الاكتفاء بأرقام النمو التي قد تكون ناتجة عن زيادة وتراكم ثروات فئات ضيقة في المجتمع، أي أن جسر الهوة أو الفجوة العريضة اقتصادياً بين الفئات الاجتماعية المختلفة بات أمراً ملحاً للخروج من الأزمة الاقتصادية المستمرة.
 
كما يمكن الالتفات إلى أن الأردن ظل طوال عقود مضت حجر الزاوية في السياسة الإقليمية، وكان يستطيع كل مرة النهوض بقوة بعد كل أزمة عبر اجتراحه حلاً سياسياً شجاعاً لا يمكن إلا لعبقرية سياسية أن تصنعه.
 
قد يرى البعض أن الظروف العامة في المنطقة قد تغيرت، ولكن الأردن حتى الآن مازال يملك رصيداً سياسياً، وما زال الأردن هو الصوت العاقل في إدارة العلاقات العربية والقادر على التواصل مع الغرب بلغة يفهمها الجميع، ومازال الأردن يملك كثيراً من السحر السياسي.
 
فالأردن كدولة فقيرة الموارد تكون الذراع السياسية فيها هي الرافعة الحقيقية للاقتصاد وليس العكس، ومن قال أن نظرية الدور الأردني السياسي لا مجال لها ونظر إلى اجتراح حلول اقتصادية بعيداً عن تعظيم الدور الأردني السياسي والاستفادة منه يقف الآن غير قادر على فك شيفرة الأزمة الاقتصادية بمفاتيح الاقتصاد.