أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Oct-2018

تَحَمُّل المسؤوليّة*سلامة الدرعاوي

 الدستور-لمّ يعتد الموطن أن يُشاهد مسؤولاً في الدولة يُقدم اِستقالته طوعاً نتيجة خطأً إداريّ أو فنيّ خلال خدمتهِ العامة، وتَحَمُّل المسؤوليّة بِشرف، كما نُشاهد في الغرب، ففي أَلمَانِيَا قبل عامين اِستقال وزير دفاعها نتيجة قيام طيّار ألمانيّ في حِلف الناتو بقصف مدرسةٍ بالخطأ في كابول بأفغانستان، رغمَ أن لا علاقة له بأمر القصف لا مِن قريب ولا من بعيد، كُلّ ما في الأمر أن الطيار كان أَلمَانِيّاً فقط لا غير.

حتى بعض الحالات التي حدثت في الشّارع الأردنيّ قبل سَنوات وكان فيها تَقديم لوزراء استقالاتهم نتيجة اخطاء وقضايا حَصَلت معهم لمّ تكن تِلقائيّة أو عن قناعاتهم الشخصيّة، بل كانت بإيعاز مُباشر من مرجعيات عُليّا استجابت لضغوطات الشّارع حينها، كما حدث مع وزيري المياه والصحة في حكومة معروف البخيت الأولى على أثر قضيتيّ التسمم وتلوث المياه على سبيل المثال لا الحصر.
للأسف إن مفهوم تَحَمُّل المَسؤوليّة غائبٌ عن مشهد العمل العام، وهذا له أسباب عدة، أهمها: أن طبيعة غالبية من يرتقي مسؤوليّة العمل العام خاصة من الوزراء وكبّار المسؤولين جاؤوا إلى تلك المناصب عن طريق التعيين المباشر، بمعنى لم يكونوا وليدة عمليّةٍ انتخابيّة أو مؤسسيّة واضحة، وبالتالي لا يوجد لدى مُعظمهم شعور الرقابة على أعمالهم أو أن هُناك جهات تُراقب ما يفعلون ويقيّمون أعمالهم، ولا ينتظرون من الشّارع أي شيء، فالكثير منهم يأتي بالصدفة، ويذهب أيضاً بالصدفة، لا يعرف كيف جاء، ولا حتى كيف ذهب.
حتى مَجلسُ النوّاب الذي هو صاحب الولاية الدستوريّة في الرقابة على الحكومة ومحاسبة وزرائها وسحب الثقة منها، للأسف لمّ يُمارس هذا الدور في الكثير من الحالات من باب تكامليّة العمل بين السلطات، علما أن هذا المفهوم غير موجود في العلاقة بين الحُكومة والنوّاب، والأساس هي الرقابة والمحاسبة، لا بل أن كثيرين   على قناعة كبيرة بأن النوّاب اغفلوا هذا البند و»طبطبوا» على الحُكومات في الكثير من الملفات حسب رأي الكثير من المواطنين وفعاليات شعبيّة وحزبيّة مختلفة.
الحالات كثيرة التي جعلت المواطن يَشعرُ بأن المسؤول الحُكومي مُحصن من المسؤوليّة والمحاسبة في السنوات السابقة، وساهمت هذه جَليّا في تراجعِ ثِقّة الشّارع بالسلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة معاً، فالحالات كثيرة التي تفرد المسؤول فيها باتخاذ القرارات الخاطئة والتي رتبت على الخزينة والأوضاع العامة الكثير من التداعيات السلبيّة، والمُحصلة أن ذات المسؤول يتنقل بين المناصب ويترقى، وكأن الرسالة التي نَقولها للشّارع أن المسؤول دائماً على حق مهما كانت الكُلف جراء قراراته الخاطئة.
ثقافة تَحَمُّل المسؤولية لا يمكن ان تأتي بين ليلةٍ وضحاها، ورغم أن غالبية مسؤولينا تعلموا بالغرب، وشاهدوا ارقى حالات الديمقراطية هناك، الا انهم عندما يأتون إلى المناصب في بلدنا يتناسون ما شاهدوه وتعلموه، ويتمسكون بالمنصب لدرجة غريبة عجيبة، مستندين في بقائهم بالسلطة على معايير غير مفهومة أبداً، حتى شغفهم في البقاء من النوع  الغريب، وتمسكهم بالمنصب باتَ نوعاً من التحديّ للشّارع، وجزءاً لا يتجزأ من تفاهمات قوى مُتنفذة لا اكثر.
لا يعيب أي مسؤول أن يَترُكَ منصبه إذا ما اخطأ أو ما إذا حدث في قطاعه قضية كبيرة تمس الأمن المعيشيّ والاستقرار العام في البلد وتؤثر سلباً على توازن القوى في المُجتمع حتى ولو لم يكن للمسؤول علاقة مباشرة، فأخلاقيات المنصب العام تقتضي ان يتحمل مسؤوليته كاملة في المشهد العام.