أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Apr-2020

أزمة “كورونا” تدفع أردنيين للقلق على لقمة العيش

 الغد-منى أبوحمور

 رغم التأكيد الحكومي المتواصل على القطاع الخاص بضرورة توفير رواتب العاملين فيه، إلا أن مخاوف الناس تتزايد من مستقبل مجهول تسيطر عليه سيناريوهات اقتصادية مختلفة وغير واضحة الملامح.
العديد من العائلات الأردنية، التي فقدت مصدر دخلها بالتزامن مع بداية أزمة كورونا، أصبحت تعيش تحت وطأة التخوف من عدم الحصول على دخلها الشهري، أو في أفضل الحالات حصولها على نصف راتب، الذي حتما لن يغطي مستلزمات العائلة ومتطلباتها، فيما آخرون يخشون التسريح من أعمالهم، وفقدان مصدر دخلهم الوحيد.
قطاعات عديدة متوقفة، وأخرى تواجه وضعا ماليا صعبا للغاية قد لا يمكنها من تأمين رواتب الموظفين، وشهر رمضان في الطريق، وفيه تزداد التزامات الناس، ومن بعده يأتي عيد الفطر المبارك، ما يشكل ضغوطا كبيرة على الأسر.
وما بين القرارات الحكومية وفق قانون الدفاع والهادفة إلى مواجهة انتشار كورونا، وضرورتها البالغة كإجراءات استباقية، يبقى الأربعيني أبو عبدالرحمن نصر الذي يمتلك مقهى أقفل منذ منتصف شهر آذار (مارس) الفائت، يعيش أوضاعا صعبة في معركته الخاصة مع تزايد التزاماته في وقت تنهار منظومته المالية، وبحسب ما يقول “لم أعد قادرا على الإيفاء بمتطلبات الحياة، بل إن تحويشة قاربت على النفاد”.
التزام أبو عبد الرحمن بالتعليمات، رغم قساوتها، دفعه وعائلته التي تتكون من تسعة أفراد للعيش في بوتقة الخوف والقلق من عدم قدرتهم على تأمين احتياجات البيت وأجور المحل وأقساط المدارس التي بدأت تتراكم، لاسيما وأنه يعتمد في الإنفاق على ما يجنيه يوما بيوم.
في حين اتجه أبو رعد مؤخرا لإنشاء بقالة صغيرة في إحدى زوايا البيت، لبيع الشوكولاته والسكاكر والشيبس، عوضا عن مطعمه الذي أغلق بسبب فيروس كورونا، لعله يتمكن من تأمين بضعة دنانير يومية إضافية لتأمين قوت يومه.
 
 
 
ويقول أبو رعد “إن الخوف ليس فقط من اليوم أو حتى من غد، بل الخوف أن تطول بنا الأزمة ونفقد مصادر دخلنا”، لافتا إلى أن فكرة انقطاع الدخل مع اقتراب شهر رمضان والالتزامات التي بدأت بالتراكم من إيجار البيت والفواتير التي ستبدأ بالتكدس ليست أمرا سهلا.
في حين تعددت المخاوف، بسبب التعثر المالي لدى الثلاثيني أمجد الحسامي، خصوصا وأن صاحب المؤسسة التي يعمل بها بدأ التلويح بالاستغناء عن نصف العاملين بسبب الظروف المالية الصعبة، جراء وباء فيروس كورونا، الأمر الذي يجعله والعديد من أمثاله على المحك.
ويقول “لا يوجد موظف إلا وعليه قروض والتزامات عائلية، وإذا انقطع الراتب أو توقف لسبب ما يعني خراب بيوت”، متابعا أن القلق أصبح قلقين، إما الموت من الفيروس، أو الموت من الجوع، وفي كل الحالات المواطن خسران.
عائلات كثيرة تعيش تحت وطأة الخوف من انقطاع رزقها، وأخرى أصبحت تحمل هم كيف ستمر ليالي رمضان عليها، وهي في ضائقة مالية وبعيدة عن الأهل.
ومن جهته، أشار رئيس بيت العمال للدراسات والأمين العام السابق لوزارة العمل حمادة أبو نجمة إلى أهمية الجانب النفسي في هذه المرحلة التي يمر بها الأردنيون، لا سيما وأن الكل متوتر وقلق على المستقبل حتى أصحاب الرواتب العالية، فهم أيضا يعانون قلق استقرارهم في العمل في ظل وجود حالات إخلاء عمل لعدد كبير من العمال في مؤسسات كثيرة وقطاعات واسعة قامت بإنهاء خدمات واسعة من العمال وآخرون يقومون بالتهديد بالتسريح.
إلى ذلك، يشير أبو نجمة إلى العديد من التجاوزات التي قامت بها بعض الشركات والمؤسسات التي عمدت إلى خصم العطلة من الإجازات السنوية، وأخرى اقتطعت نصف الراتب أو لن تعطي، وكلها مخالفات يجب أن يكون لها قوى رادعة من قبل وزارة العمل.
ويلفت أبو نجمة، بدوره، إلى الدراسة الاستطلاعية التي صدرت مؤخرا، والتي أشارت إلى أن نسبة عالية من العاملين لم يتقاضوا أجورهم لشهر آذار (مارس) الماضي، وهذا غير مبرر نهائيا، ويجب أن يكون هناك عقوبات في حال تم انتهاء الفترة المسموح بها لدفع الأجور على أن لا تتجاوز السابع من نيسان (ابريل) الحالي.
ويستدرك أبو نجمة أن هناك بعض المؤسسات التي قد يكون لديها صعوبة في دفع الأجور، وهنا يأتي دور الحكومة في أن ترصد المؤسسات والشركات غير القادرة فقط، وتقدم لها الدعم بصفة معينة، بنسب من الأجور، ومتعادل مع القدرة على دفع الأجور ومشروط منذ البداية بتسديد أجور العاملين بشكل كامل حتى تضمن عدم الالتفاف على قرارات الحكومة.
ويؤكد أبو نجمة أن الحكومة تفكر بشكل جدي، وترصد كل المتطلبات اللازمة لكل المؤسسات الضعيفة غير القادرة على القيام بالتزاماتها، وتقدم الدعم لها بنسب متفاوتة ولها شروط، لافتا إلى أن المؤسسة أو الشركة التي تنهي خدمات موظفين لن تحصل على دعم.
ويلفت أبو نجمة إلى خطورة ما يحدث على صعيد الأمان الوظيفي على الأمان والسلم المجتمعي، لافتا إلى أن الموظف اذا فقد وظيفته في وقت مليء بالتوتر الكبير بسبب ظروف المرض وظروف عائلته والتزامات مادية، لا يقوى على سدادها، فيجب أن لا نتركه في هذه الظروف.
وفي هذا السياق، يشدد أبو نجمة على أهمية ترتيب الأولويات، والبدء بالمؤسسات الصغيرة والفردية والدكاكين، وأصحاب المحلات، والميكانيكيين وغيرهم من أصحاب المهن الذين يعيشون يوما بيوم، والمؤسسات التي يكون عدد العاملين فيها محدودا والمتوسطة.
ويتطلب ذلك، وفق أبونجمة، أن يكون هناك دراسات معمقة وهو أمر غير صعب من خلال تنسيق من قبل الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة والضمان الاجتماعي، وذلك من خلال الجهات التي تملك قاعدة بيانات كافية عن الموظفين ورواتبهم وعلى علم ودراية بنشاطات المؤسسات وقدرتها المالية، حتى يتم التأكد من الأرقام بشكل صحيح وعميق ودقة حتى لا يضيع الدعم ويكون في مكانه، لأن البلد في هذه الفترة بحاجة لكل مبلغ مالي، فلا مجال لهدر في المال والوقت لأن الناس أيضا محتاجون.
وفيما يتعلق بالأعمال الفردية، فالحكومة فكرت بكل المواضيع، بحسب أبو نجمة، وفي أبواب متعددة للدعم من خلال إعفاءات وقروض ميسرة وفوائد منخفضة وحزمة من المساعدات والحوافز، بعضها أعلن عنها وبعضها سيعلن عنها خلال الأيام المقبلة.
القلق في هذه المرحلة يظهر بشكل كبير وصعب على العاملين، والتطمينات في هذه الفترة، بحسب أبو نجمة، صعبة، ولكن الحكومة تقوم بالجهود كافة وبعض الشركات يفترض أنها لم تتعثر، وربما مستقبلا قد تتعثر، ويجب على القطاع الخاص أن يتحمل جزءا من المسؤولية والأعباء المالية، لأن الوضع استثنائي خاصة المؤسسات القادرة؛ حيث تعتبرها كأنها الخسارة من أرباحها السنوية المعتادة ويتم تحملها، ودعم الحكومة يكون بجزء من الأعباء.
وحول ذلك، يقول خبير علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش “كلما طال أمد المواجهة مع الفيروس والضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الناس والإجراءات المتشددة التي تستدعيها مواجهة الفيروس كان التأثير كبيرا على الأداء الاقتصادي والأوضاع الاجتماعية الناجمة عنها”.
وتؤدي المشكلات الاقتصادية والخوف على مصدر الرزق، وفق عايش، إلى زيادة التوتر والقلق من المستقبل والخوف من أن تطول هذه الأزمة، وتزداد التوترات بين هذه الأسرة بسبب الخوف على توقف الدخل نهائيا بالنسبة للبعض أو التأخر أو من حصل على نصفه، فهذا يولد تحت هذه الضغوط تباعدا اجتماعيا حقيقيا بين الأسر، فربما تزداد حالات الانفصال أو المشكلات التي تكون كامنة، وتظهر على السطح، كلما طالت الأزمة، في ظل وجود تهديدات مستمرة على الإنفاق والدخل والقدرة على المقاومة.
ويشير عايش إلى أن البقاء في المنزل قد يكون له أثر على التماسك الأسري، وزيادة المشكلات التي ستظهر رويدا رويدا في تأمين متطلبات المنزل التي تعتمد أصلا على الأساسيات، والجميع فرض عليه التعطل، وأصبحوا يرغبون بالعودة إلى العمل، لأن التحدي هنا يتعلق بالدخل، وأهم مصادر الحياة المال للإنفاق، مشيرا إلى اجتهاد الحكومة في إنشاء صناديق، مثل صندوق “همة وطن” الذي جاء في وقته في مواجهة الأزمة.
وينوه عايش إلى أن كل دول العالم تجاوزت البيروقراطيات لإبقاء الناس قادرين على الأمل والتصدي بكفاءة لهذا الفيروس، وحتى يبقوا بمعنوية عالية في مواجهة هذا الفيروس والقضاء عليه، لذلك يجب التوجيه “بالمنع منعا باتا” تسريح العاملين، وبث الرسائل للمواطنين بتطمينهم، وأنهم محل رعاية واهتمام من الحكومة وإشعار المؤسسات بدعمها من أجل الاستقرار والصمود.
وغير ذلك، قد تشهد الأردن حالة من الفوضى الناتجة عن القلق والتوتر، وفق عايش، فعندما يصل التحدي إلى الحياة، فإنها بمعناها متعلقة بالبقاء خوفا من الجوع، لذا يجب أن نكون منتبهين لردات الفعل التي تحاول الحكومة الالتفات إليها دائما، وأن لا يغيب التفكير بديمومة مصدر الرزق والقدرة على استمرار الحياة.