أعقب الحرب العالمية الثانية حربا باردة ثالثة بين حلفاء الأمس ، الإتحاد السوفييتي الشيوعي الإشتراكي من جهة وأمريكا الرأسمالية وحلفائها من جهة أخرى . قامت أمريكا بهندسة وضع العالم لما بعد الحرب العالمية الثانية سياسيا ، فأنشأت منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بأعضائه الخمس الدائمين ، أمريكا وبريطانيا وفرنسا والإتحاد السوفييتي وجزيرة فرموزا ممثلة للشعب الصيني ، عندما أصرت على رفض عضوية الصين الشيوعية حديثة التأسيس كممثلة للشعب الصيني ، ولكل عضو من الأعضاء الخمسة حق رفض أي قرار لمجلس الأمن . كذلك هندست أمريكا عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية اقتصاديا فأنشأت البنك وصندوق النقد الدوليين ، وهندسته عسكريا فأنشأت معاهدة حلف شمال الأطلسي North Atlantic Treaty Organization(NATO  الناتو ) ، وبذلك أصبح العالم محكوم بمنظومة مؤسسية عالمية حرة في ظاهرها ، لكنها فعليا تخضع لأمريكا وحلفائها ، بيد أمريكية عليا على الجميع ، ولتستمر الحرب العالمية الباردة بين القوتين الأعظمين ، أمريكا والإتحاد السوفييتي.

 

استقر الجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر في حكمه اليابان ، ومارس مهمته في إعادة بنائها الشامل وفقا للخطط الأمريكية دون أية منغصات من أي نوع ، وكان الوضع كذلك في كوريا المقسمة ، الجنوبية تحت سيطرة ماك آرثر الفعلية ، وحكومة محلية برئاسة سينغمان ريهي Syngman Rhee ، والشمالية الشيوعية تحت حكم حزبها الشيوعي ومؤسسها القائد كيم إيل سونغ ، الذي قاتل في صفوف الجيش السوفييتي في الحرب العالمية الثانية لتخليص بلاده من الإستعمار الياباني.

 

لكن وفجأة ، حصل ما لم يكن يتوقعه أحد في العالم الذي ما زال آنذاك ، يعيش حالة نقاهة متعبة من ويلات الحرب العالمية الثانية ، اقتصاديا وسياسيا وبشريا ، بهواجس مؤلمة عن ذكرياتها ، التي لم توصل العالم للسلام المنشود بعد ، إذ هاجمت قوات كوريا الشمالية الشيوعية كوريا الجنوبية المدعومة أمريكيا .