بعد التأثيرات السلبية التي خلفها انقطاع الغاز المصري في العام 2011 والتي تجاوزت قطاع الطاقة لتنال من الاقتصاد برمته عبر تحميل المواطن تبعات ارتفاع تكاليف استخدام السولار بدلا من الغاز عبر الشركة الناقلة «الكهرباء الوطنية»، والتي انعكست منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا على المواطن والقطاعات الاقتصادية الاخرى بدعوى ارتفاع تكاليف الطاقة الكهربائية، وتركت بصمة يعاني منها الجميع سلبا.

اما الآن واعتبارا من الاول من شهر كانون الثاني الجاري فان الطاقة بانواعها التي تتوافر في المملكة فائضة وبشكل كبير عن حاجاتها «ساكنيها والمستثمرين فيها على اختلاف قطاعاتهم»، فلدينا الغاز من مصدرين لتوليد الطاقة الكهربائية عدا عن طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهذه مجتمعة توفر للاردن طاقة تصميمية تزيد بنسبة 85 % عن احتياجاتها السنوية، وعلى الرغم من ذلك فإن تكلفة الكهرباء في المملكة تعتبر مرتفعة مقارنة بالعديد من دول على وجه المقاربة، كما ان لا امل في ان تتراجع هذه التكاليف على المدى المتوسط.

ان الاردن اليوم وعلى اقل تقدير حتى نهاية العام 2035 لديه طاقة كهربائية زائدة عن حاجته بشكل ملفت للنظر، وهذا بإعتراف رسمي، وبسبب ذلك تبحث الحكومة عن كيفية تصدير الاحمال الكهربائية الزائدة ونجحت باخذ وعود بان تصدر الى العراق الا ان الاوضاع السائدة هناك تجعل من تحقيق هذا الهدف على اقل تقدير خلال الاشهر القليلة المقبلة مستحيلا، وكذلك الحال في سوريا ان فرضنا ان لديها حاجة للطاقة الكهربائية في حال بدأت عمليات اعادة الاعمار هناك.

ان الاتكاء على امال تصدير الطاقة الكهربائية الزائدة الى سوريا والعراق بحاجة الى مراجعة لخصوصية وضعهما، وبالطبع فان الخسائر التي تجنيها الحكومة جراء الاتفاقيات التي وقعتها سابقا مع شركات التوليد الاربعة والتي تمتد لـ 25 عاما ولم يمض منها سوى ست سنوات ستبقى هذا القطاع حجز عثرة امام تنفيذ السياسات الحكومية الرامية الى تحسين الاستثمار، ومن جانب اخر،ستبقى فاتورة الكهرباء الحمل الثقيل على كاهل المواطن والمستثمر على حد سواء.

ما يمر به قطاع الطاقة حاليا انما هو تراكمات متتالية فالحكومات السابقة وضعت من تليها في مأزق يحتاج معه صانع القرار الى اعادة دراسة الاتفاقيات السابقة مع شركات التوليد، والبحث في كيفية ايجاد حلول كي لا تذهب الجهود سُدى ولكي نستطيع الاستفادة من هذه الطاقة الكبيرة التي نمتلكها.