أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Feb-2019

الأوضاع المعيشية تزيد من الأسر العاجزة عن تلبية متطلبات المدارس

 الغد-آلاء مظهر

على الرغم من أن التعليم الحكومي مجاني؛ لكن ذلك لم يسعف عائلات كثيرة من تلبية حاجات أبنائها المدرسية، كالزي المدرسي والقرطاسية، جراء الاوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، التي يعيشها غالبية الاردنيين؛ ما انعكس على تزايد نسبة المتسربين من المدارس، والملتحقين منهم بأعمال ومهن، لعون عائلاتهم، بدل البقاء في التعليم وتكبد مصاريف عائلاتهم احوج إليها لسد احتياجاتها الاساسية. 
وبوصول حالة التأزيم المعيشي وتأثيراتها الى مختلف الشرائح، لم تعد الشكوى من أعباء التعليم محصورة باهالي طلبة المدارس الحكومية فقط، بل انتقلت الى أسر طلبة المدارس الخاصة، ممن بدأت ترتفع اصواتهم بالشكوى من زيادة أقساط ابنائهم المدرسية واكلاف الكتب والزي وغيرها من الاحتياجات المدرسية كمستلزمات الانشطة المدرسية.
رسالة وجهها ولي أمر طال الى مدير مدرسة حكومية؛ تناقلتها صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي أول أيام الدراسة للفصل الثاني الاحد الماضي؛ أثارت الرأي العام حول الأعباء المدرسية، لتضمنها خطابا يدعو فيه والد الطالب مدير مدرسة ابنه، بألا يعاقب ولده لعدم قدرته على تأمين لباس وقرطاسية له، بسبب قلة ذات اليد.
إثر هذا الخطاب الذي انتشر بين المواطنين لملامسته أوضاع كثيرين منهم، صرحت وزارة التربية والتعليم، بتبنيها قضية الطالب، وتأمين مستلزماته، دون ان تلتفت الى طلبة آخرين يعانون الامر ذاته، لكن أحدا من آبائهم لم يبعث برسالة أثارت الرأي العام، ودقت ناقوس الخطر في قضية تمس واقع الحال في البلاد.
ولأن التعليم حق أساسي كفله الدستور؛ أكد وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني؛ ان الكتب المدرسية لطلبة المرحلة الاساسية في المدارس الحكومية، توزع بالمجان عليهم من الصف الاول ولغاية العاشر.
وقال المعاني، في تصريح خاص لـ”الغد”، ان “الاعباء الاقتصادية التي تواجهها اسر؛ أبناؤها في مدارس حكومية حاليا؛ ليست متعلقة بأثمان الكتب المدرسية، كونها توزع بالمجان عليهم، بل بالزي والقرطاسية”.
واضاف “يوجد في المدارس الحكومية ما يسمى بالحوزة المدرسية، وهي عبارة عن مبالغ مالية تسمح لمدير المدرسة، ابتياع قرطاسية للطلبة المحتاجين، ويستطيع اي طالب محتاج فعليا؛ الاستفادة منها بتأمين مستلزماته”، لافتا الى ان الوزارة زادت مؤخرا المبلغ المرصود للحوزة من 150 دينارا الى 300 دينار.
هذه القضية؛ دفعت خبراء تربويين واقتصاديين للتحذير من أن تتحول حالة اسرة الطالب المحتاج الى ظاهرة مستقبلا؛ إذا لم توجد حلول جذرية تسهم بتحسين ظروف المواطنين المعيشية، بخاصة وان هناك أسرا باتت اليوم عاجزة عن تأمين أدنى متطلبات ابنائها المعيبشية فكيف بالمدرسية.
أرقام مسح دخل ونفقات الأسرة للعام 2017/2018، والذي نفذته دائرة الاحصاءات العامة، أظهرت تراجع نسبة إنفاق الاسر على التعليم من اجمالي انفاقها، موضحة ان متوسط الانفاق بلغ 579 دينارا سنويا حوالي (48 دينارا شهريا) ما يشكل 4.6% من مجمل انفاقها العام والمقدر بـ12.519 دينارا سنويا، اي 1043 شهريا.
كما وبينت الارقام ايضا ان نحو 17% من دخل الأسر؛ أقل من 416 دینارا شهريا (5 آلاف دينار سنويا)، و37.7% يتراوح دخلها بين 833 و416 دينارا شهريا (5 آلاف دينار و10 آلاف دينار سنويا).
وكانت دراسة متخصصة صادرة عن منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مؤخرا، اظهرت ان 20 % من اطفال الاردن، يعانون من الفقر متعدد الابعاد.
استاذ الاقتصاد بجامعة اليرموك قاسم الحموري بين “ان الاردن يشهد تدهورا اقتصاديا منذ العام 2009، فمعدلات النمو لم تتجاوز 2 %، وهذا انعكس على معظم الاسر التي باتت تعاني فقرا شديدا”، مشيرا الى ان اسرا؛ باعت مدخراتها لسد حاجاتها، ووصلوا الى مرحلة بدأ يتأثر فيها طعامهم ولباسهم وتعليمهم وصحتهم، بالاوضاع الصعبة.
ودعا الحكومة لإيلاء ذلك الاهتمام، بخاصة ما يتعلق بالتعليم والصحة؛ ومعالجة احوال الاسر، وألا تقصر معالجاتها فقط على القضايا التي يثيرها الاعلام، لتقدم قرطاسية وملابس بالمجان لفرد أو اثنين أو أكثر.
مدير ادارة التخطيط التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة؛ بين ان متطلبات المدارس باتت تسبب إنهاكا لميزانيات أسر، تحاول تلبية احتياجات ابنائها؛ من قرطاسية وأدوات ومستلزمات فنون مختلفة، علما بأنه يمكن الاستغناء عن أغلبيتها، إذا ما أعدنا النظر بعناصر المنظومة التعليمية، من كتب مدرسية واستراتيجيات وأساليب تدريس حديثة.
وقال ابو غزلة لـ”الغد” ان “العصر الحالي يعتمد بشكل كبير على التعلم بالوسائط المختلفة، مع الحفاظ على التمكين من المهارات الأساسية في الصفوف الدنيا، والتي يمكن أيضا أن تتم بالوسائط الإلكترونية، وهذه شروط أسياسية لتجويد نوعية التعليم، وبالتالي التخفيف من الأعباء المادية عن الطلبة وأسرهم”.
وأضاف انه برغم التعميمات الصادرة من جهات رسمية في مدارس خاصة وعامة بالتخفيف عن كاهل الأسر، لكن هناك تجاوزات تحدث وتتكرر سنويا من بعض المدارس، أو من قلة من المعلمين الذين يفتقرون للأساليب الحديثة في التعليم والتعلم، نتيجة عدم توعيتهم وتدريبهم.
وطالب ابو غزلة؛ بإعادة النظر في عناصر المنظومة التعليمية، للاعتماد على توظيف التقنيات الحديثة وتوظيفها في التعلم، بخاصة في مسألة التحول إلى نظام التعليم الإلكتروني، ومعالجة المشاكل الصحية أيضا”، تلك التي يتعرض لها الطالب جراء ثقل الحقيبة المدرسية وأعباء الاستعداد السنوي للعودة الى المدارس بشراء الأدوات المدرسية التقليدية.
وطالب بإعداد دراسة حول المتطلبات المدرسية من القرطاسية واستبعاد غير الضروري منها، وتحديد، وتطوير دليل إرشادي للمدارس بالمتطلبات المدرسية والقرطاسية، ووقف الطلبات المتعددة من المعلمين للطلبة التي تتعلق ببعض الأنشطة.
كما طالب ابوغزلة بإعادة دراسة الموازنة العامة، وإعادة توجيه برامجها وأنشطتها، وتضمينها مخصصات مالية توجه لتأمين احتياجات مدرسية، وتنظيم أسواق خيرية تعاونية، بالتعاون مع جمعيات وأسواق استهلاكية، لتوفير القرطاسية وبيعها بأسعار مناسبة.
واكد ضرورة تفعيل المجالس التربوية في جمع التبرعات المالية، لدعم نفقات القرطاسية في المدارس، والسماح للمدارس باستثمار مرافقها، وتخصيص أموالها لتأمين القرطاسية للطلبة، وإعداد نظام خاص بالتمويل الذاتي، وتنمية الموارد الذاتية في مدارس التعليم العام، لتغطية نشاطاتها.
واتفق معه بالرأي الخبير التربوي د. ذوقان عبيدات؛ الذي قال “ليس سرا ما يعانيه المواطن، فقد ظهرت شعارات مثل: معناش، وبدناش؛ تعبيرا عن الحالة، التي انعكست على التعليم”.
وبين عبيدات ان طلبة هجروا مدارسهم الخاصة الى الحكومية؛ إذ بلغ عدد المنقولين لهذا العام اكثر من 50 الفا، كما هجر الفقراء المدارس الحكومية للعمل، مشيرا الى ان التعليم يحظى بالاولوية عند الاسر، ولكن عندما لا تجد الاسرة الغذاء والدفء، فانها ستضحي به.
ودعا لالغاء الرسوم المدرسية في المدارس الحكومية، والتوسع بتقليل المصروفات والمتطلبات المدرسية، وانشاء صندوق وطني لدعم تعليم الفقراء.
وتلعب الظروف الاقتصادية التي تعاني منها الاسرة، دورا مهما في وضع الطالب النفسي، وبالتالي تؤثر سلبا على تحصيله الدراسي، وفق استاذ علم النفس والارشاد النفسي المساعد في جامعة فيلادلفيا الدكتور عدنان الطوباسي.
وقال الطوباسي؛ ان مواقع التواصل الاجتماعي ابرزت ظروف اسر لا تستطيع تأمين الكتب واللوزام المدرسية لابنائها، برغم بساطة اثمانها، ما يشكل بيئة نفسية تؤثر على الطلبة وذويهم خلال مسيرتهم الدراسية. 
ورأى انه لا بد ان يكون في كل مدرسة حكومية صندوق تكافل اجتماعي، تسهم به المدرسة واولياء امور حالاتهم المادية جيدة، وكذلك جهات من القطاع الخاص، كالشركات والبنوك، مطالبا باخفاء هذه الامور عن وسائل التواصل الاجتماعي، كون ذلك سيسهم بابعادهم عن القلق والتوتر اللذين سيرافقاهما خلال مسيرتهم التعليمية.