أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Sep-2018

القطاع المالي لا يزال صندوقا أسود لا يمكن اختراقه

 فايننشال تايمز - 


 
في أوائل عام 2007، في الوقت الذي كانت فيه الأزمة المالية تستجمع قواها، قدمت مجموعة من المؤسسات المالية التي سينتهي بها المطاف إلى الوقوع في أعمق المشكلات - مثل رويال بانك أوف اسكوتلند، وسيتي جروب، وفاني ماي - ما كان يبدو في ذلك الوقت وضعا متينا بما فيه الكفاية إلى العالم.
ومع أنه نادراً ما تكون هذه المؤسسات مغمورة بحقوق الملكية، إلا أن معدل متوسط رأس المال في الطبقة الأولى لديها كان 8 في المائة - ليست مختلفة عن غيرها من المؤسسات التي كانت أقل منها عرضة للهلاك. "نسبة رأس المال في الطبقة الأولى"، باعتبارها مقياسا محاسبيا لمدى سلامتها، كانت تعني أن بإمكانها أن تفقد تلك النسبة من قيمة أصولها المرجحة بالمخاطر قبل أن يتم إنفاق رأسمالها الذي يستوعب الخسارة.
ومع تفاقم حالة الاضطراب، حدث شيء غريب. تغير ذلك الرقم، لكن ليس انخفاضًا كما كان متوقعًا وسط انخفاض أسعار الأصول. وبحلول أواخر عام 2008 بلغ نحو 9 في المائة. وعلى الرغم من المجازر المالية، أصبحت تلك المصارف - على الأقل في عالم المحاسبة - أكثر أمنا بعض الشيء.
إلا أن الأسواق رأت ذلك بشكل مختلف – اتضحت لها الأمور وأصبحت أكثر إدراكاً لها. خلال الفترة نفسها انخفضت أسعار أسهم المصارف جميعها. بعد أن كانت في المتوسط تقدر بـ 1.7 مرة ضعف حقوق الملكية الدفترية انخفضت إلى 0.5 مرة في أواخر عام 2008.
وبعد مرور عقد على انهيار "ليمان"، من المفترض أن تسهم الإصلاحات المدخلة على النظام في معالجة تلك الشوائب، من خلال جعل الميزانيات العمومية للمصارف ونسب رأس المال أكثر توافقاً مع الواقع. لكن التنافر نفسه بين المحاسبة ومقاييس السوق لا يزال قائما - خاصة في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو. على الرغم من تدابير دعم رأس المال، واعتماد المصارف المتزايد على الودائع "المؤمن عليها" بدلاً من التمويل بالجملة المتقلب، يرفض المستثمرون بعناد تصديق أن حقوق الملكية الدفترية بالدولار هي "كما هو مكتوب على العلبة".
يتداول "دويتشه بانك" بمعدل ضئيل؛ 0.3 مرة ضعف صافي أصوله المعلنة، في حين يتداول "باركليز" البريطاني بمعدل 0.6 مرة، وكذلك الحال مع "يونيكريديت"، أكبر مصرف في إيطاليا. وفي الولايات المتحدة يتداول "سيتي جروب" العملاق بمعدل 0.9 مرة فقط. من المفترض أن ترسم المحاسبة صورة تسمح للمستثمرين بتقييم السعر الحالي للشركة. لكن في عالم المصارف المتقلب، يمكن أن تخفي "هذه الحسابات" أكثر مما تكشف عن الواقع الاقتصادي. وربما ارتفعت نسب رأس المال في الميزانية العمومية من 8 في المائة قبل الأزمة إلى 12 في المائة في الوقت الحالي. إلا أن المستثمرين لا يصدقونها، ولا سيما التعديلات المعقدة التي تجريها المصارف التي تطبق "أوزان المخاطر" على قيم الأصول، وبالتالي تقليل حقوق الملكية المطلوبة لتمويل المراكز.
طبق قيم السوق على إجمالي الأصول غير المرجحة بالوزن النسبي في المصارف - ما يسمى نسبة الرفع المالي - وسترى صورة مختلفة تمامًا. تقف هذه النسبة عند مستوى أقل مما كانت عليه عام 2006.
شكوك المستثمرين لا تساعدها بعض الألاعيب الأخرى التي تمارسها المصارف. كان أحد أسباب الأزمة هو عدم شفافية مواردها المالية – ولا تقل عنها الطريقة التي أخفت بها الأوضاع الحرجة خارج الميزانية العمومية. تم تغيير القواعد، ظاهرياً لجعل مثل هذه الصفقات في الدفاتر المصرفية. لكن ورقة عمل حديثة لصندوق النقد الدولي تُظهر أن حجم التمويل من خارج الميزانية العمومية الآن أعلى بالفعل مما كان عليه في عام 2007، على الرغم من الانكماش العام في الميزانيات العمومية للمصارف.
خذ مصرف باركليز، مثلا. إلى جانب أصوله الدفترية البالغة 1.2 تريليون جنيه استرليني، كان لدى المصرف في عام 2016 نحو 432 مليار جنيه استرليني إضافية تعهد بموجبها بتقديم ضمانات لم تكن في الميزانية العمومية. ومع أن هذه تقلل من الأصول المتاحة للدائنين، إلا أن تسجيلها في حسابات المصرف يتم بشكل غامض.
ثم هناك الألعاب حول الربح، حيث تكون القواعد مائلة هيكلياً نحو تسجيل المكاسب الأولية مع تأخير الاعتراف بالخسائر. في جلسة استماع في البرلمان الإيرلندي في عام 2015، قال أحد مراجعي الحسابات لدى شركة برايس ووتر هاوس كوبرز "إن المعايير المحاسبية تلزم المصرف بالاعتراف بالخسائر فقط عند التخلف عن السداد فعليا"، على الرغم من وضوح العواقب الخطرة الناشئة عن المبالغة في الربح وتقييم الأصول بأكثر من قيمتها، الناتجة من عدم الاعتراف بالنقص المتوقع. لم يؤد التغيير اللاحق للمعايير - كما يعتقد كثيرون - إلى تسوية هذه المشكلة بشكل كامل.
هناك أيضا مخاطر جديدة تأتي من زيادة مشاركة المصرف المركزي في الأسواق - الإقراض مقابل الميزانيات العمومية المبالغ في تقدير قيمتها من الناحية الهيكلية. تمثل القروض المعززة بضمانات من المصرف المركزي الأوروبي الآن 6 في المائة من مطلوبات المصارف الإيطالية "سوق ما بين المصارف التي لم يعد لها وجود الآن، والتي كان انهيارها في عام 2007 بمنزلة تحذير حقيقي من العاصفة، لم تكن تمثل سوى 1.5 في المائة". وهذا يعطي المصرف المركزي حافزاً لمسايرة الألعاب التي تغطي الخسائر المخفية، وحتى المؤسسات المفلسة. والنتيجة هي الركود وترسيخ المصارف الحية الميتة. على الرغم من كل النقاش الواثق عن التعزيز، لم يتغير شيء يذكر منذ عام 2012، عندما حذر المستثمر بول سينجر من أنه "لا توجد مؤسسة مالية كبيرة تقدم بياناتها المالية دليلاً ذا مغزى" يتعلق بمخاطرها. وراء الواجهة الزائفة الواثقة التي قدمها مديرو المصارف ومراجعو الحسابات والهيئات التنظيمية، لا يزال هذا القطاع صندوقًا أسود لا يمكن اختراقه.