أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2020

الحكومة والسوق: التطوير وصيانة الاستقرار بشكل متزامن*جمال الطاهات

 الدستور

صيانة استقرار السوق وتطويره، وتعديل الإجراءات الحكومية لتستجيب مع التحولات الاقتصادية، مهمتان يجب التوفيق بينهما. فلا تؤدي متطلبات الاستقرار لخنق السوق ومنع التطور، ولا تؤدي الحاجة للتطوير لزعزعة استقرار السوق، وإشاعة مناخات عدم اليقين. وهذه لا يوجد لها وصفة ميكانيكية، بل مهارات ضرورية للحفاظ على ديمومة النشاط والحركة الاقتصادية. 
 
فدور الحكومة وعلاقتها بالسوق، محكوم بمستوى تطور الاقتصاد، وليس بالرغبات، ولا الأيديولوجيا. فما يصلح عند مستوى محدد للتطور الاقتصادي لا يصلح في مستويات أُخرى. صحيح أنه لا دولة بلا سوق، ولا سوق بلا دولة. ولكن لا يوجد نموذج اقتصادي كوني (شبيه بنموذج نيوتن) قابل للتطبيق بشكل تلقائي بغض النظر عن الزمان والمكان، ودرجة تطور السوق الوطنية. والاستخلاص المشترك أن طبيعة العلاقة بين الحكومة والسوق، متغيرة وتتأثر بالمكان والزمان. 
 
تجربة فرنسا توضح عدم إمكانية الاستمرار بتطبيق نموذج اقتصادي محدد لفترات طويلة، أو تعميمه عالمياً. إذ بالرغم من النجاح الذي حققه نموذج جان باتيست كولبير (وزير مالية فرنسا في عهد الملك لويس الرابع عشر)، ويتلخص بإدارة النشاط الاقتصاد عبر الأجهزة الحكومية. إلا أنه ما أن بدأت نجاحاته تتحقق، حتى بدأ البحث عن تعديله وتطويره. وكأن النجاحات، التي حققها، أدت إلى انتفاء الحاجة له، وظهور ضرورات جديدة (ضمن مسيرة التطور الاقتصادي) تقتضي البحث عن نموذج بديل. 
 
والحوار الاقتصادي من الطبيعي، إلى ادم سميث، إلى الليبرالية الجديدة، مروراً بجون كينز وتلامذته، الذي حاول تقديم حلول تغني عن الحاجة للنموذج الماركسي، كلها تنويعات لمحاولات بناء نموذج كوني (علمي مثل نموذج الفيزياء الكلاسيكية) لعلاقة الحكومة والسوق. فصلاحية أي نموذج، محدودة بمستوى تطور النشاط الاقتصادي، ووسائل الانتاج المتاحة. 
 
التجربة التاريخية تؤكد أن الأزمات الاقتصادية متعلقة بخلل في «العلاقة بين الدولة والسوق». والأردن ليس اسثناء، ويجب أن لا ينظر له على أنه استثناء. فالمهمة هي التكيف المستمر لمنع استعصاء الأزمات الاقتصادية على المستوى المحلي. وذلك عبر تقديم فهم إجرائي يفضي إلى حلول (وليس أعذار) لعدم استجابة السوق للإجراءات الحكومية. والفهم الإجرائي المقصود هو ملاحظة وتسجيل استجابة السوق للإجراءات الحكومية. 
 
التحليل الاقتصادي ليس للوصول إلى تفسيرات، تبرر تحميل المسؤولية لأي طرف، بل تتبع الإجراءات الحكومة لقياس فاعليتها وتطويرها. إذ أن اختلاف أداء «أدوات السياسات الاقتصادية» بين سوق وآخر، وزمن وآخر في ذات السوق، حقيقة لا يمكن تجاهلها، وتفرض تبني منطق التطوير، الذي تتزايد فرص تطبيقه بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تمكن من قياس فاعلية الإجراءات الحكومية، بشكل موضوعي ومباشر، بعيداً عن تراشق التأكيدات على نمط (خذ مني زي ما بقولك)، أو (عليّ الطلاق إنه راح يصير كذا وكذا...). 
 
وهناك قناعة تتزايد بإمكانية قياس فاعلية الإجراءات الحكومية (زمن تاثرها وحجمه)، بشكل سريع وشبه فوري. مما يسمح بتعديل الإجراءات وتطويرها بشكل مستمر. فلم تعد هناك حاجة لانتظار الحسابات الختامية السنوية لقياس فاعلية السياسات الاقتصادية. فهناك فرصة للحصول على معلومات سريعة ووقتية، تقيس استجابات السوق، وتمكن من تطوير الإجراءات الحكومية، وصيانة الاستقرار، بشكل متزامن.
 
الحاجة لإجراء التعديلات بشكل مستمر، وضمان استقرار السوق لتمكين المستثمرين من قياس المخاطر والتعامل معها بشكل عقلاني، لم تعد مهمة مؤجلة ومسكوت عنها. التوازن بين ضرورة التطوير والتعديل المستمر، وضرورة استقرار «قواعد السوق» التي تصون وتحمي ديمومة النشاط الاقتصادي، يمكن أن يتحقق من خلال: تدفق المعلومات بشكل فوري عن النشاط الاقتصادي، والحفاظ على قنوات تواصل وتشاور فعالة بين الحكومة ونشطاء السوق.