أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Aug-2019

من حرب الأيدولوجيات إلى حرب التجارة*محمد مثقال عصفور

 الغد-منذ توقيع اتفاقية بريتون وودز بين الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وتفويض الولايات المتحدة بأن تكون هي الوريث الشرعي لإرث بريطانيا وفرنسا في العالم وايضا منذ ان اصطف الاتحاد السوفييتي ومعه اوروبا الشرقية على الضفة الأخرى والعالم في حقيقته مقسوم على قاعدة الايدولوجيا التي انحصرت في اتباع المذهب الرأسمالي ام المذهب الاشتراكي، وبالرغم من أن الواقع العملي عبر أكثر من أربعة عقود اي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في منتصف الاربعينات تقريبا وحتى نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي اي حتى تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار سور برلين نقول ان الممارسة العملية لكلا القطبين الاشتراكي والرأسمالي اثبت ان لا حرية بمعنى الرأس مالية ولامن تَدَخُّلْ بمعنى الاشتراكية بل كلا القطبين قد ابتعد عن الافراط والتفريط، غير أن جذر الأنقسام رغم ذلك بقي على اساس ايدولوجي رغم أن هذا الانقسام قام هو أيضاً على أساس تحقيق المصالح وتعطيل مصالح الطرف الآخر.

 
وإذا كان هذا هو المشهد الذي عكس ما سمي بالحرب الباردة فإن العالم المعاصر وخاصة بعد ان اصبح العالم محكوما بالاحادية القطبية، بات رهن نوع آخر من الحرب الباردة لكنها في هذه المرة هي حرب باردة لكن على قاعدة المصالح التجارية وليس الايدولوجية والواقع ان هذه السمة التي باتت تسود العالم وتتجلى اكثر ما تتجلى في العلاقة الاقتصادية ما بين الولايات المتحدة والصين رغم ان هناك نماذج اخرى من هذه الحرب التجارية فرضتها الولايات المتحدة مع دول اخرى في العالم، الا ان الاساس فيها هو تعزيز الاقتصاد الأميركي اولا قبل ان يكون خفض منسوب النمو المتسارع للصين، واللافت هنا في هذا النمط الجديد من الحرب الباردة ان العالم مقسوم على اساس مصلحته التجارية لا على اساس الجغرافيا السياسية او الجغرافيا الاقتصادية او التابعية التي كانت تسود دول المدار في تابعيتها لدول المركز، وهذا مما أدى الى التأثير في تماسك الكتلة الغربية وترددها احيانا في الاستجابة لمطالب الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية او فرض ضرائب ورسوم على تجارة الصين او الدول المستهدفة الاخرى. والنقطة الاهم التي اضعفت القرار الاميركي في فرض الضرائب على السلع المستوردة من الصين وحتى من اوروبا ان هذا التوجه يعتبر مغايرا تماما لمنطق حرية التجارة التي ترعاه منظمة التجارة العالمية والتي تعتبر الولايات المتحدة من أكبر حاملي لوائه. من هنا نجد ان نمطية الاصطفاف العالمي في هذه الحرب مختلفة وان هذه الحرب التجارية باتت تشكل عاملا مهما في تحفيز دول مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا في أن تتكاتف من أجل إنجاح مهمتها في خلق نظام اقتصادي دولي مواز للنظام الحالي.