أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Mar-2018

اقتصادنا بين علّتين: التسوّق والاقتراض.. *ناديا هاشم العالول

 الراي-شاهدنا على احدى الفضائيات العالمية كيف تستولي الشركات والبنوك على بيوت العاجزين عن سداد ديونهم.. فان لم يجدوا من يأويهم من الأهل والأقارب ينتهي بهم المطاف إلى التشرّد على الأرصفة وبالمتنزهات..

 
يحدث هذا في بلدان صناعية متطورة غنيّة والأغرب من ذلك ان نسبة كبيرة من هؤلاء وقعت بفخ إدمان التسوّق الى درجة الاستدانة متأرجحة دوما بين تسوّق واستدانة.. واقعة بمطبّ استهلاكي لا تفلت منه.. حتى رهنت كل ما تملكه ثم فقدته بغمضة عين!
 
ولهذا تعمد دولهم لإنقاذ ما يمكن انقاذه بداية بمعالجة مدمني التسوق من مرضهم رعاية للإنسان واخراجهمم من علّة إدمانه تماما كإدمان المسكرات والمخدرات.. منقذين بذلك ميزانية دولتهم من تهلهل الإنفاق..
 
أناس أسوياء ينتهى بهم المطاف الى صرف كل ما بين ايديهم.. نتيجة ادمان التسوق كحالة سلوكية سلبية تصيب الشخص، جاعلة اياه مدمن شراء دون حاجتة الفعلية للشراء ملبيا رغبة قهرية تصيبه محققة له السعادة الوقتية التي يعقبها احساس بالندم والضيق.. وهنا نجد تشابها كبيرا بين إدمان التسوق وإدمان المخدرات..
 
يعني مشكلة ادمان حقيقية تُسمّى إدمان الشراء (كمّا لا نوْعا) واضعا مدمن التسوق نفسه تحت ضغط مادّي قد يسبب له مشاكل إقتصادية وقانونية نتيجة سعيه المكّوكي بين التسوق والإقتراض من أجل الشراء..
 
بالمقابل عندنا يطالب رئيس الوزراء المواطنين بتخفيف الاستهلاك وترشيده، ونحن نشدّ على يديّه فدِرْهم وقاية خير من قنطار علاج!
 
ويا حبّذا تحديد مواقع الاستهلاك عند الأفراد والجماعات والمؤسسات ممن تشملهم مظلّة الاستهلاك التي أوقعتنا محصلتها التبذيرية بفقاعة وهمية، أقعدتنا عن التنمية الصحيحة التي ستتحقق حتما بتصنيع الإقتصاد وتنشيط الاستثمار وإعادة الحياة لتتدفق بشراييننا الزراعيّة..
 
نعم ما أحوجنا الى ترشيد الاستهلاك كخطوة اولى على درب المعالجة الحثيثة المقصودة اعلاه.. فمعالجة الاقتصاد عبر جيوب المواطنين لترشيد إنفاقهم خطوة صحيحة بشرط أن لا تعقبها خطوات عكسية كتفريغها ضريبيا لسد ثغرة المديونية المتنامية نتيجة نمو متراجع، وبطالة متفاقمة، وفقر متزايد، وزيادة بالنفقات المذكورة اعلاه لينتهي مطاف مسلسل حلقاتها السلبية بمديونية ال ( 27 مليار)..
 
ومما زاد الطين بلّة اننا محاطون بمنطقةعربية مشتعلة بصراعاتها ومنشغلة بحروبها مد منة على القروض والمساعدات والاعتماد على الغير!
 
للاسف علّتنا تكمن بالتقليد الأعمى للمظاهر لنقبع بعدها بين تبذير قد يتفاقم ليتحول الى إدمان الشراء، فترى البعض يستدين ويتمصرف مستمتعا بالأموال المستدانة يعيش حلمه الوردي بفقاعته الوهمية على المستويين الفردي والجَمْعي..
 
فما أحوجنا الى التمييز بين دوافع الإقتراض: بين الحقيقي الطبيعي لتجاوز مشاكل ومخاطر تكاد ان تهدد حياة الفرد وأسرته، ولسدّ حاجة ضرورية وملحّة.. ونظيره الوهمي: عندما يكون الدافع لأجل سدّ النقص الذي بداخل الفرد، نتيجة شعوره بعدم اشباع الذات، فيندفع الى الاقتراض دون النظر الى أهمية الغاية المراد تحقيقها، فغاية اقتراضه لمواجهة فراغه النفسي..
 
وللأسف فعالمنا العربي يبدو انه واقع تحت مطرقة التشرد- اللجوء- وسندان الاستدانة.. ومَنْ نجح من البلاد العربية بتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص مديونيته للصفر ، تكالبَ عليه حسّاده والطامعون من القوى الداخلية والخارجية للاستيلاء على موارده مدمرين بنيته وانسانيته عبر قتل وتشريد وتجويع..
 
ترى ماذا نفعل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
 
فلنبدأ بالفرد نفسه بسلوكياته.. لتقليص كل مالايلزم.. علما بان مالمْ يلزم بالماضي «جعلوه بقدرة قادر يلزم الآن».. فالكماليات بالماضي أصبحت ضروريات بزمننا..
 
لماذا؟ بسبب الصرف غير اللازم لتقليد الآخرين..
 
نعم.. الكرم من صفات العرب.. لكن التبذير مرفوض والله لا يحب المسرفين كما ذكر بكتابه الحكيم..الإسراف أي –المغالاة- بالسلوك والقول والفعل بالمظاهر.. فالمُسرفون رجالا نساء اذا تعدّوا حدودهم بالإسراف سيضّطر الواحد منهم الى الاستدانة..!
 
واحيانا يصعب السّداد، علما بأن هناك ميلا عند البعض لعدم ردّ الديْن حتى لو تمكنوا من ذلك.. مما يفاقم المشاكل بين الدائن والمَدين..
 
ومن هنا تنبهت البلاد المتطورة الى خطر إدمان التسوق على الإقتصاد والمجتمع، فسعت لتقليصه معتبرة إياه مرضا حقيقيا لكونه يهدف الى الخروج من الفراغ وحالة الكآبة، بخاصة بظل التسهيلات الممنوحة للمتسوقين على الانترنت ومن خلال بطاقات الائتمان، ناهيك عن المولات المزودة بكل وسائل الترفيه كلها مما يفاقم هذا الإدمان الذي ينعكس سلبا على الفرد كحالة سلوكية تدمر معاني الاعتماد على الذات والاهتمام ببناء المستقبل فتنشأ لدى الاجيال الرغبة بالهروب الى ثقافة إستهلاكية تشكّل على حياتهم عبئا يمنعهم من العمل والانجاز والتقدم..
 
ولهذا فلنطلب المساعدة إذا اصبح إدمان الشراء شبحا يهددنا، لمعالجة الذهنية الاستهلاكية والمظهرية والاقتراضية المتفشية بمجتمعاتنا، كأحد الحلول النفسية للاقتصاد المتراجع، إضافة للحلول الاقتصادية البحتة المتخصصة القابعة بالأدراج.. تنتظر بفارغ الصبر تطبيقها!