أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Sep-2017

ضرائب بدون حقوق *نضال منصور

 الغد-أحسنت جريدة الغد بنشرها رسالة النوايا التي قدمتها الحكومة الأردنية الى صندوق النقد الدولي وتعهدت خلالها بتخفيض الإعفاءات الضريبية للأردنيين، وهو ما دفع الحكومة على لسان الناطق الرسمي الوزير محمد المومني للتأكيد بأن هذا الأمر لم يناقش في مجلس الوزراء، وبأن الحكومة لن تمس الشريحة الوسطى والفقيرة.

وبعيداً عن "بروبغندا" الحكومة فإن كل السياسات الاقتصادية خلال العقود الماضية يدفع ثمنها غلابى الشعب، فسحقت الطبقة الوسطى وتكاد تنعدم، وزاد الفقراء، والحكومات المتعاقبة لم تقدم حلولاً خلاقة ومبتكرة، وكانت ولا زالت تلجأ لأسلوب الجباية المباشرة، وليس إصلاح الاقتصاد ليكون منتجاً أكثر.
توجه حكومة الرئيس هاني الملقي لتعديل قانون الضريبة حقيقة، وما تفعله الحكومة بالونات اختبار لقياس ردود فعل الناس، وإن طرحت أن أول 6 آلاف دينار من دخل الفرد معفاة، و12 ألفاً من دخل العائلة معفاة، فإن النتيجة في نهاية المطاف صراع وصراخ تحت قبة البرلمان، ويحسم الأمر بتسوية "صفقة" بأن يرفع المبلغ للأفراد مثلاً الى 9 آلاف وللعائلة الى 18 آلفاً، فتفوز الحكومة وتزداد أعباء الناس.
أسأل لماذا لا يرحب الأردنيون بدفع الضريبة لحكوماتهم، لماذا يحاولون التهرب كلما أمكن ذلك، لماذا لا يفعلون مثل الشعوب الأخرى، ففي بعض الدول الأوروبية يدفع الناس ما يزيد على
 50 % من دخلهم ضريبة ولا يشكون ولا يتذمرون؟!
الإجابة عن هذا السؤال المشروع والأساس مرتبط بأسئلة جوهرية لا يملكون إجابات عنها وترتبط جذرياً بالمستقبل، وضمانات الحياة الكريمة لهم، ويرتبط أيضاً بثقتهم بأن الحكومات المتعاقبة مؤتمنة على أموالهم ومدخراتهم وتنفقها لمصلحة الناس، ولها علاقة بشكل مباشر بالعدالة، فالفقراء والموظفون يدفعون التزاماتهم الضريبية، وغالبية الأغنياء الذين لا يتقاضون رواتب مباشرة يتهربون ضريبياً؟
التزامات متقابلة، حقوق وواجبات، هذا هو محور العلاقة بين المواطن والدولة، فهل هذه المعادلة متحققة؟
لنناقش بعض القضايا والحقوق الأساسية التي يريدها الناس، ولنبدأ بالحق بالصحة، فهل المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية تقدم خدمات تليق بالمواطن نظير ما يدفعه من ضريبة، هل العناية والخدمة التي يتلقاها المريض في المستشفى الحكومي مثل المستشفى الخاص، وحين ننظر للأوروبيين الذين يدفعون نصف رواتبهم ضريبة نجد ان المستشفيات العامة والمراكز الصحية الحكومية هي الأساس وهي الأفضل، وربما من الصعب أن تجد قطاعا صحيا خاصا؟
إذن إذا كانت الحكومة تريد زيادة الضريبة وتخفيض الإعفاءات، فلتقدم لنا خدمات صحية تليق بكرامتنا وتمنع الاستجداء والتوسط للإعفاءات الطبية، ونتوقف عن الاشتراك بتأمين صحي خاص لأننا نضمن أن الحكومة تحرص على حياتنا وصحتنا.
وعلى ذات الأهمية الحق في التعليم، هل التعليم بالمدارس الحكومية يتوازى مع التعليم الحكومي في الدول التي تفرض ضرائب عالية، في أميركا يذهب الجميع للمدارس الحكومية، وكذلك في بريطانيا، وفي بلادنا فإن التعليم في بعض المدارس الخاصة المكلفة جداً يغير من مستقبل الطلبة ويدفعهم خطوات الى الأمام؟
إذا كنتم تريدون ضرائب جديدة فقدموا لنا مدارس متميزة، ومعلمين محفوظة حقوقهم المالية والمعنوية فلا يفكرون بلقمة الخبز، ويركضون وراء الدروس الخصوصية.
وأيضاً نريد نقلا عاما رخيصا ومحترما وشبكة طرق تخلو من المطبات والحفر، فالأردن يخلو من مترو الأنفاق، القطارات، وحتى الباصات المحترمة، فلماذا ندفع لكم ضرائب جديدة، ونحن لا نأخذ خدمات؟!
أكثر من ذلك، أغلبية الأردنيين مشتركون في الضمان الاجتماعي بموجب القانون، ولو استطلعت آراؤهم بصراحة هل هم واثقون بأن أموال الضمان مضمونة، وبأن شيخوختهم مصانة، وتقاعدهم في أمان، فماذا ستكون اجابتهم، لن أتسرع وأقول ما لا يعجب الحكومة، وأترك للضمان أن تستطلع آراء الناس؟
المشكلة أن هناك قيما كثيرة مختلة تحتاج الى معالجة قبل أن تسن الحكومة أسنانها لجباية المزيد من الأموال، ففي الدولة قيم المواطنة لا تحترم، وسياسات التوظيف والتعيين غير عادلة، والتهرب الضريبي لا يُحارب بجدية، والواسطة ليست مشكلة، والفساد الكبير مسكوت عنه، وتأتي الحكومة لتلاحق الناس في لقمة الخبز.
جريئة الحكومة في الإصرار على الالتزام بالإصلاح الاقتصادي وفق رؤية البنك الدولي وصندوق النقد، وليتها جريئة في الإصلاح السياسي وفي الالتزام بالدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطن!
تباً للضريبة إذا لم تقابلها حقوق!