أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-May-2020

“كورونا” والعمل عن بعد

 الغد-محمد البشير

فرض كورونا على الجميع التعامل مع التطبيقات الالكترونيةسواء كان ذلك بتسديد الخدمات أو المشتريات التي وفرتها بعض المواقع الالكترونية، التي كانت شائعة في مختلف دول العالم، قبل الجائحة واحتلت حيزاً لا بأس به بالمعاملات التجارية داخل الدولة الواحدة او خارج الحدود.
وكسبت مواقع (علي بابا، امازون) شهرة عالمية بالاضافة الى تحقيقها ارباح كبيرة، عكست نفسها على أسعار أسهم هذه الشركات في الأسواق العالمية، كما كان لشبكات التوصيل (Delivary) للسلع والبضائع حضورا متوافقا مع ذلك.
فيروس كورونا ألزم الحكومات والأفراد والشركات على التوسع في الاعتماد على هذه الشبكة بعد ان فشلت تجربة توزيع الخبز من خلال حافلات النقل العام، مثلا، إذ اتجهت النية لدى الحكومة لتوزيع السلع الاساسية الاخرى بنفس الطريقة !؟إذ استبدلتها مشكورة بالسماح للمواطنين بالتسوق سيراً على الأقدام.
الوقت ما يزال غير كافٍ للحكم على تعود المواطنين او لجوئهم الى الاستخدام الاوسع لبطاقات الائتمان، سواء كانت الصادرة عن البنوك او الصادرة عن الشركات كزين مثلاً ،التي أصبحت أكثر انتشاراً، مما وفر على المواطن وقتاً كان يقضيه في الدور او المسافة التي تفصل بين سكنه ونوافذ التسديد لدى الشركات، او من خلال التسوق الالكتروني الذي اصبح اكثر انتشاراً من قبل واكثر اتساعاً كما كان عليه قبل كورونا، بعد أن شمل هذا التسوق المواد الاساسية، الادوية، الكهرباء والكثير من الفواتير الخدمية ،مترافقاً ذلك مع انشاء كثير من شركات التوصيل لهذه المشتريات حيث دخلت اجراءات السلامة العامة والسرعة التي تتبعها هذه الشركات بالاضافة الى سعر التوصيل، موضوعاً للمنافسة فيما بينها.
في الجانب الآخر ألزم فيروس كورونا كثيرا من المهن والعاملين بها الى العمل عن بعد، عبر تقنيات متعددة للتواصل بين الاشخاص ،او تبادل الوثائق والبيانات والمعلومات ذات العلاقة بالخدمة ،إذ سيؤدي ذلك الى تخلي كثير من الشركات والمؤسسات عن المكاتب او تقليص المساحة المطلوبة، لممارسة بعض هذه النشاطات، مما قد يؤدي الى تعميق ازمة سوق العقار الذي يعاني من عرض كبير للمكاتب ما قبل كورونا، والذي سيؤدي الى اضطرار كثير من هذه الشركات بعد تراجع دخول بعضها ،بسبب اغلاق بعض المنشآت لأعمالها الى تسليم مقراتها او البحث عن مساحات اقل توفيراً للمال، واستثمارا في امكانية ان يمارس بعض الموظفين اعمالهم من بيوتهم، سواء من خلال التواصل مع العملاء مباشرة او التواصل مع الشركة عبر الانترنت دون الحاجة الى الحضور الى مقرها.
لا شك ان هذا الفيروس فعل بنا الكثير، وفعل ببيئة الاعمال الشيء الاكثر، فالبيئة الناظمة للعمل مستقبلاً وخاصة في قطاع الخدمات ،ستكون مختلفة قطعاً وسيكون تأثير ذلك في قطاع الصناعة والزراعة اقل بكثير، باعتبار ان ميدان هذا العمل هو المصنع والحقل ،الذي يتطلب تواجداً لا غنى فيه عن الحضور والعمل الميداني،اما الخدمات بشكل عام سواء كانت خدمات مصرفية، تأمين، مهن مختلفة كالتدقيق ،المحاماة والصحافة وغيرها الكثير، ستكون مجالات التعامل عبر الانترنت متوفرة، باستثناء خدمات الانترنت نفسها ،التي ستزدهر لكنها ستحافظ على خاصية الاستغناء عن المقرات الواسعة والفارهة، والاكتفاء بمساحات ذات علاقة بالاجهزة ومتطلبات ادارتها فقط، حيث تصبح بطاقة الدوام البديلة، عندما يدخل الموظف على نظام الشركة على الحاسوب، حيث يتحدد بدء الدوام بالدقيقة والثانية، وستصبح البديل لتحديد ساعات الدوام.
كما ان الموظفين لم يعودوا بحاجة الى اجازات مثلاً ،اذ ان الموظف قد يمارس عمله وهو في رحلة في بلدٍ آخر، وستحتسب له ساعات عمله اذا رغب بالالتحاق بالعمل او عندما يطلب منه صاحب العمل او رئيسه لتنفيذ بعض الاعمال، مما يوحي الى اننا ذاهبون الى عالم اكثر انفكاكا من قيود ما قبل كورونا.
لا شك أن سوق العمل، وأنظمة الادارة وعلاقات العمل سواء مع صاحب العمل او مع موظفي الخدمات في أي دولة بحاجة الى تعديل، وبحاجة الى أخذ العبرة من الانظمة السياسية والاقتصادية التي حكمت عالمنا، وتفرض علينا الاستفادة مما مررنا به عالمياً ومحلياً، خاصة ما شهده العالم من تغييب للعدالة على اكثر من صعيد ،سواء كان في الصحة، التعليم، الوظائف او كان في الانظمة الضريبية التي يتوجب ان تكون وسيلة لإعادة توزيع الثروة، جسر الفجوة بالدخول بين الافراد والشركات وتوجيه الاستثمارات نحو ما يحتاجه المجتمع من مشاريع خدمية او انتاجية ذات مساس بالغالبية العظمى من الناس.