أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    08-Sep-2019

ضُغُوطات معيشيّة إجباريّة*سلامة الدرعاوي

 الدستور-مَطالب المعلمين اليوم هي واحدة من عشرات القَضايا، والمطالب التي يُطالب بها الكثير من القطاعات والفئات في المجتمع مُنذ سنوات، وغالبيتها مَطالب ماليّة نَظَراً لِتدهور الوضع المعيشيّ لغالبيّة شرائح المُجتمع الأردنيّ، فالسياسات الاقتصاديّة التي اتبعت في السنوات الماضيّة هي سياسات اِنكماشيّة تَطال جيوب المواطنين في ظل اِرتفاع واضح لأسعار مُعظم السِلع والخدمات مع ثبات نسبيّ للدخل، مما يعني تراجع القوة الشرائيّة للدخول المُتحصل عليها من الأردنيين.

هذا الوضع لا يطال المَعلمين فقط للأسف، هُناك الكثير من المطالب القطاعيّة لِموظفي القطاع العام التي كانت أوضاعهم في السابق تُضاهي أن لم تكن أفضل من العاملين في القطاع الخاص، فلماذا حصل هذا التغير وازدادت نقمة واستياء العاملين في الأجهزة الرسميّة؟
في السابق كان موظفي الدولة على مُختلف مستوياتهم وأعمالهم يمتلكون امتيازات عالية تُساعدهم على تجاوز تداعيات الأسعار بشكل عام، فسلوك الاستهلاك كان في الغالب محدودا ولا يتمتع بذلك التنوع السلعيّ الموجود عليه الآن، فاليوم لا يستطيع أيّ رب أسرة أو موظف في القطاع العام التفريق بين السلع الاستهلاكيّة أو الكماليّة، فغالبيتها باتت أساسيّة في نظر الموظف المُستهلك، وهذا ناتج عن تغير أنماط الاستهلاك بشكل عام، في ظل ثبات الدخل، أيّ أن هُناك ضغوطاً جديدة بدأت تُحيط بدخل الموظف وامتيازاته.
التعليم وتراجع مستوياته جعل الموظف يتجّه تحت ضغط الرغبة في الحصول على تعليم جيد لأبنائه بالتوجّه للمدارس الخاصة التي ستستنزف الكثير من دخله السنويّ، علما انه في السابق كان الجميع يُرسل أبناءه للمدارس الحكوميّة والجميع كان سعيداً بالمستوى التعليميّ فيها، إضافة إلى أن الغالبية كانت تشعر بالمساواة في مدرسة واحدة الجميع فيها ينشدون السلام الملكيّ ويرفعون العلم، في حين أن اليوم باتت المدارس الحكومية حسب رأي الكثيرين أقل مستوى مما كانت عليه في السابق، وأن المدارس الخاصة أفضل نظريّاً منها، مع اعتقاد الجميع أن أجواء التعليم الراهن فيه تمييز طبقيّ واضح في المجتمع لم يكن موجوداً في السابق.
حتى الجامعات التي كانت في السابق تحتضن آلاف الطلبة وتدعم تعليم غالبيتهم، باتت هي الأخرى عُنصر استنزاف لغالبية الأردنيين ليس فقط بسبب تكاليفها المُرتفعة وإنما أيضاً بسب توابع ومستلزمات التعليم سواء أكانت أساسيّة ام كماليّة، فرب الأسرة وتحديدا من القطاع العام لم يعد قادراً على مُجارات الكُلّف الماديّة الكبيرة والتوابع الماليّة المُختلفة حتى يصل أبناؤه للمقعد الجامعيّ، حتى الذي يحصل على المنح والمكرمات، لم يعد هو الآخر قادراً على تلبية متطلبات الدراسة الجامعيّة بأدنى مستوى لها، والنقل مثال واضح على ذلك، فهو يحتاج اليوم إلى دخل خاص لذلك.
الصحة هي الأخرى سبب رئيسيّ في تزايد الدخل على الأردنيين، ففي السابق كان الجميع يذهب للمستشفياتالحكوميّة ويتلقى أفضل الرعاية الصحية وبأسرع وقت واقل كُلّف، والعسكريون يذهبون وعوائلهم للمدينة الطبيّة ذلك الصرح الطبيّ المُميز، اما اليوم فالضغوطات السكّانية باتت كبيرة أدت لتراجع في مستوى الخدمات والانتظار لأشهر حتى يحصل الشخص على دور لقسم الأشعة أو مراجعة طبيب الاختصاص، والكثير منهم يتوجّه للعلاج الخاص وهو مكلف جداً لاي موظف من ذوي الدخل الثابت.
الضغوطات المعيشيّة على الأردنيين وتغير أنماط الاستهلاك للأردنيين خلال الأعوام الأخيرة وفِي ظل الانفتاح الاقتصاديّ وتنوع السلع أمام المواطنين، وفِي ظل غياب مؤسسات حماية المستهلك والتوعية والإرشاد احدث انحرافا في استهلاك الأسرة الاردنيّة بعضه اختياريّ والآخر كان إجباريّا، شكّلَ بمجموعه ضغوطاً عالية المستوى على الأردنيين خاصة من طبقة الموظفين الذين يُشكّلون غالبية القوى العاملة في الدولة، وكُلّ التخوفات اليوم من أن تصيب هذه العدوى العاملين في القطاع الخاص أيضا فهم يعيشون ظروفا صعبة نتيجة تراجع الأوضاع الاقتصاديّة بشكل عام، مما أثر سلباً على حركة ونُمُوّ القطاع الخاص الذي يُعاني اليوم من أسوأ أوضاع اقتصاديّة يمرّ بها مُنذ سنين.