أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-May-2020

الهند تتحفز لاقتناص الشركات المغادرة للصين

 الشرق الاوسط-براكريتي غوبتا

 
مع استعداد الكثير من الدول لإنهاء نشاط شركاتها في الصين منذ انتشار فيروس «كورونا»، وما تبعه من اتهامات للصين حول الوباء وتلويحات العقوبات، تمهد الهند الأرض للشركات الأجنبية التي تسعى نحو نقل إنتاجها من الصين إلى بلد آخر. وسوف تقدم الهند حزمة من الحوافز الخاصة، وستوفر إجراءات جمركية سريعة للمؤسسات التجارية التي ترغب في تغيير مركز نشاطها؛ وربما تشمل تلك المزايا حوافز مرتبطة بالإنتاج مثل مزايا النفقات الرأسمالية.
وتشارك نحو ألف شركة أجنبية في نقاشات على مستويات عدة مع السلطات الهندية، وتسعى 300 من تلك الشركات على الأقل نحو تنفيذ خطط إنتاج في قطاعات مثل الهواتف المحمولة، والإلكترونيات، والأجهزة الطبية، والنسيج، والأقمشة الصناعية، بحسب مصادر حكومية رفيعة المستوى. وقد عقد ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، اجتماعا في 30 أبريل (نيسان) لمناقشة خطوات تنفيذ استراتيجيات سريعة الخطى لجذب المستثمرين. «وقد أكد على تيسير القيام بالأعمال في إطار الإصلاحات التي تتم على مستوى البلاد والولايات» بحسب ما كشفته المصادر.
ومن الخطوات الكبرى في هذا الإطار عمل الهند على إنشاء مجمع حضري تتجاوز مساحته ضعف حجم لوكسمبورغ لجذب الأعمال والشركات التي ستنقل نشاطها من الصين. وتم تخصيص مساحة إجمالية قدرها 461.589 هكتارا في جميع أنحاء البلاد لهذا الغرض؛ ويشمل ذلك 115.131 هكتارا من الأراضي الصناعية الموجودة بالفعل في ولايات مثل غوجارات، ماهاراشترا، وتاميل نادو، وأندرا براديش بحسب تقرير صادر عن وكالة أنباء «بلومبرغ»، في حين تمتد لوكسمبورغ على مساحة 243 ألف هكتار بحسب البنك الدولي.
كذلك أنشأت الحكومة الهندية مجموعات متخصصة للتفاعل مباشرة مع تلك الشركات بحثًا عن تنويع منشآتها الصناعية. وقد ذكرت الهند بالفعل أنها قد تواصلت مع مائة شركة متعددة الجنسيات بهذا الشأن. وقد تلقت هيئة «استثمر في الهند» الحكومية الاستثمارية استفسارات من عدة دول خاصة من اليابان، والولايات المتحدة الأميركية، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وسنغافورة، وغيرها ممن أبدت اهتمامها بنقل نشاط شركاتها إلى الهند التي تعد أكبر ثالث اقتصاد في آسيا.
يقول غوروبراساد موهاباترا، سكرتير في إدارة ترويج الصناعة والتجارة الداخلية: «لقد أعلنت اليابان عن تقديم مساعدات مالية قدرها 2 مليار دولار إلى شركاتها من أجل نقل إنتاجها خارج الصين. ومن المحتمل أن يتزايد عدد الدول التي تحذو حذو اليابان التي من المتوقع أن تنتقل إلى الهند. يعيد العالم اليوم التفكير في استراتيجية وضع كل البيض في سلة واحدة؛ وتبدي الشركات اهتماما كبيرا بالهند».
أجرى يوغي أديتياناث، رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، التي تعد أكبر ولايات الهند، مكالمة مصورة جماعية مع عدد من الشركات الأميركية، من بينها «لوكهيد مارتن» و«أدوبي» و«هانيويل» و«بوسطن ساينتيفيك» و«سيسكو سيستمز»، إلى جانب شركات عالمية في مجال خدمات التوصيل مثل «يو بي إس» و«فيديكس». وقد صرح سيدهارث ناث سينغ، المسؤول عن وزارة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في ولاية أوتار براديش، أن ممثلي تلك الشركات قد أبدوا اهتماما بمجالات الزراعة، والإلكترونيات، والطب، والأجهزة الطبية، والدعم اللوجيستي، والدفاع، والملاحة، ومعالجة الأغذية وغيرها. كذلك أضاف أن الشركات قد سألت عن الحوافز التي تقدمها الولاية في حال نقل تلك الشركات لنشاطها من الصين إلى الهند. وقال: «لقد أخبرناهم بالحوافز العديدة التي نقدمها مثل دعم رأس المال، ودعم الأراضي وما إلى ذلك، وكذلك أخطرناهم بوجود شبكة كبيرة من وحدات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التي يمكن استخدامها لأغراض متعددة في الولاية».
كذلك شكّل إيدابادي بالانيسوامي، رئيس وزراء ولاية تاميل نادو، فريق عمل للترويج للاستثمار بهدف جذب استثمارات الشركات متعددة الجنسيات التي ستنقل نشاطها من الصين.
كذلك ينظر القنصل الكوري في تاميل نادو في طلبات كثيرة مقدمة من شركات كورية تفكر في نقل نشاطها، من بينها شركتي «بوسكو» و«هيونداي». وتم عقد اجتماع خلال الأسبوع الماضي بين مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية وممثلي شركات أميركية كبرى تعمل في الهند من خلال غرفة التجارة الأميركية في الهند؛ وتم خلال الاجتماع الحديث عن الهند كوجهة محتملة للشركات التي ستنقل نشاطها من الصين. وقد أخبر توماس فاجدا، مساعد وزير الخارجية لشؤون جنوب آسيا، ممثلي الشركات الذين حضروا الاجتماع الافتراضي: «يمكن أن تتحول الهند سريعا إلى وجهة مفضلة للكثير من الأنشطة الصناعية التي تتم في الصين حاليا». كذلك تلقى ممثلو العديد من الشركات، التي توجد مقراتها في الولايات المتحدة الأميركية، نصيحة بالاقتراح على الحكومة الهندية تقديم حوافز تيسر عمل شركات أميركية في الهند مما يوفر بيئة مناسبة تشجع عددا أكبر من الشركات على العمل في البلاد.
على الجانب الآخر تتواصل ولاية أندرا براديش، التي تقع في جنوب الهند، مع العديد من الشركات اليابانية والأميركية وأيضا مع شركات من كوريا الجنوبية. يقول راجات بارغافا، مدير إدارة العائدات بالولاية: «لدينا مميزات تتمثل في وجود ساحل، ومناطق صناعية جاهزة، وتسهيلات جمركية مطبقة بالفعل». ولطالما مثلت الأرض واحدة من أكبر العقبات بالنسبة للشركات، التي تسعى للاستثمار في الهند، حيث تعرقلت وتأجلت خطط كل من شركة «أرامكو» السعودية، و«بوسكو» بسبب تأخر حيازة الأراضي. وتتعاون حكومة مودي مع حكومات الولايات من أجل تغيير هذا الوضع. وفي الوقت الحالي يحتاج المستثمرون، الذين يرغبون في إنشاء مصنع في الهند، إلى امتلاك أرض خاصة بهم.
ويقول دي كيه جوشي، الخبير الاقتصادي في شركة «كريسيل لمتيد»، إن سهولة الحصول على الأراضي، ووجود مرونة في العمل ودعم لوجيستي ذي جودة عالمية، من العناصر الضرورية لتشجيع الإنتاج والتصدير على المديين المتوسط والطويل. وأضاف قائلا: «إنها فرصة لا تتكرر، فالقوى المحركة لصالحنا بسبب الشركات التي تسعى لنقل نشاطها من الصين والتي سوف تبحث عن التنوع. لقد حان وقت زيادة قوة جذبنا للحصول على قطعة كبيرة من الكعكة. علينا جعل البيئة في البلاد جاذبة للمستثمر الأجنبي من خلال توفير بنية تحتية أفضل، وتبني سياسات أفضل، للتفوق على الدول الأخرى».
- الجوانب الإيجابية في الهند
تجعل القوى العاملة اليافعة، والسوق المحلية الكبيرة في الهند، البلاد في وضع جيد متميز. هناك حاجة حاليا إلى استراتيجية واضحة لقطاعات/ممرات محددة، والاستثمار في تحقيق التنافسية، وترويج السوق الذكية/ والالتزام بالتنفيذ الدقيق، لاقتناص هذه الفرصة بالكامل. ويرى آر. إن باسكار، وهو صحافي بارز، أن الهند تفتتح مناطق تصدير متخصصة، وتدعو كافة الدول لإنشاء مصانعها بها من أجل التصدير، أو البيع في السوق المحلية، وفي هذه الحالة يتم دفع التعريفات الجمركية للاستيراد. ينبغي أن يتم تحرير تلك المناطق من الإجراءات الروتينية البطيئة.
في مقابل الصورة الذهنية السلبية للصين، التي نشأت بسبب النظام السري المتكتم الذي يفتقر إلى الشفافية، يوجد في الهند نظام حكم ديمقراطي حر يمتلك الآليات المناسبة لحماية حقوق الملكية الفكرية، وأيضا منظومة قضاء حر تتمتع بالكفاءة في حسم أي نزاع، وهو ما يتيح كسب ثقة المستثمرين بحسب باسكار.
ويؤكد إبرام الصفقة الكبيرة بين شركة «ريلاينس جيو» وشركة «فيسبوك»، والتي تضمنت بيع حصة نسبتها 9.9 في المائة مقابل 5.7 مليار دولار، ما تتمتع به الهند من مزايا وتقدمه من امتيازات. يمكن للاندماج بين تطبيق «واتساب» المملوك لشركة «فيسبوك» وخاصية اتصال «جيو» بمتجر بقالة موجود في حي ما أن يوفر منصة دفع تمثل منافسا قويا لـ«باي تي إم»، و«غوغل باي»، و«فون بي» وغيرها.
وأخيرا يقول الأستاذ بيسواجيت دهار في جامعة جواهرلال نهرو، والرئيس السابق لمركز دراسات منظمة التجارة العالمية التابع للمعهد الهندي للتجارة الخارجية: «بطبيعة الحال سوف نخوض منافسة مع دول أخرى مثل فيتنام، لذا ما نقدمه لجذب الأعمال والشركات سوف يكون له اعتبار وقيمة عند اتخاذ القرار النهائي».