أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Jun-2020

الفساد: انطباعي أم حقيقي؟*أحمد حمد الحسبان

 الراي

الحديث عن الفساد حالة جدلية قديمة، يبدو أنها دخلت مرحلة الحسم مؤخرا. فالرد الرسمي والبرلماني على فرضيات يرددها الشارع باستشراء الفساد ينطوي ـ تاريخيا ـ على بعدين اثنين:
 
الأول، أن ما يجري الحديث عنه فيما يخص الفساد إنما هو حالة انطباعية لا تستند إلى معطيات حقيقية.
 
أما الثاني، فينطلق من دعوة «كل من لديه معلومات مؤكدة وموثقة حول الفساد أن يتقدم بها إلى المرجعيات المختصة وعلى رأسها السلطة القضائية التي تتميز بالنزاهة وتحظى بثقة الجميع.
 
وفي كلا البعدين ليس المقصود عمليات التشهير التي تستهدف بعض الشخصيات، ويتبناها دخلاء على مهنة الصحافة، وهواة شهرة، دون أي دليل. فهؤلاء يجب أن يحاربوا، وأن تغلظ العقوبات عليهم.
 
في التفاصيل، تقاطعات كثيرة، ساحتها ممتدة ما بين وسائل التواصل الاجتماعي، والمجالس الخاصة، ووسائل الإعلام أحيانا، وصولا إلى القبة البرلمانية. حيث لوح بعض النواب بالكشف عن ملفات فساد، وأشار بعضهم إلى أسماء بعينها، وإلى عناوين لحالات أبطالها من» المتنفذين».
 
تلك التفاصيل تتوقف معظمها عند تأكيدات رسمية بأن الفساد موجود، لكنه ليس بالصورة التي يجري الحديث عنها. وأن هناك تهويلا بعضه متعمد، يترك أثرا سلبيا على الصورة الزاهية للوطن الأردني، وعلى» جاذبيته الاستثمارية».
 
وكانت نقطة الفصل في هذا المجال، تحدي المتحدثين عن انتشار الفساد في بعض الأوساط، بأن من لديه معلومة فليتفضل بالكشف عنها أمام الحكومة، أو السلطة القضائية. وهو التحدي الأكثر صعوبة، والذي يراه البعض تفريغا للحالة الجدلية من مضمونها.
 
مؤخرا، هناك إحساس بقدر من التحول في هذا المجال، حيث أقدمت الحكومة مشكورة على إحالة العديد من القضايا إلى هيئة مكافحة الفساد، للتحقيق فيها، واتخذ القضاء إجراءات تحفظية على أموال بعض المحالين من شركات وأشخاص، ما يعني الكشف عن شبهات فساد حقيقية، وعن مؤشرات يجري تتبعها حول تورط أشخاص كانوا في موقع المسؤولية.
 
على مستوى الشارع، هناك حالة من الارتياح لتلك الخطوات الجادة، وهناك امتنان للحكومة وللسلطة القضائية، وهيئة مكافحة الفساد.
 
وهناك إحساس بأن ما كان العامة يتحدثون عنه إنما هو فساد قد يكون حقيقيا وليس انطباعيا كما كان بعض المسؤولين يصفونه. ويعتقدون أن الفرصة باتت مواتية لفتح الكثير من الملفات التي يعتقد أبطالها بأنها طويت وإلى الأبد. وهم بذلك لا يتهمون أحدا، لكنهم يؤشرون على احتمالية أن تكون انطوت على حالات فساد. وأن صاحب القول الفصل في بيان الحقيقة هو القضاء العادل، وبعض الأذرع المختصة ومنها هيئة مكافحة الفساد. تماما كما هو الحال بالنسبة للقضايا التي أحيلت وأصبحت منظورة أمام تلك المرجعيات، واتخذت بعض الإجراءات التحفظية بخصوصها.
 
وفي ذلك كله، إحساس بالارتياح، وشعور بأن المال العام مقدس، وأن الاعتداء عليه، سواء أكان عبثا بالمال العام، أو نتيجة تهرب ضريبي، انما هو جريمة لا يمكن أن تذهب بالتقادم.
 
وهناك تمنيات بأن يمتد الأمر إلى الفساد الإداري، الذي لم تكن نتيجته بعيدة عن الفساد المالي. وقناعات بأن ما يطلق عليه «الفساد الانطباعي»، يمكن أن يكون فسادا حقيقيا، تقتضي المصلحة الوطنية العليا متابعته.