أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    29-Dec-2017

الريال اليمني يفقد 50 في المئة من قيمته خلال 2017 وتكهنات بمزيد من الانهيار العام المقبل

 القدس العربي-أحمد الأغبري: يطوي العام 2017 صفحاته في اليمن على أوضاع اقتصادية أكثر قسوة، فقيمة الريال تراجعت بشكل دراماتيكي من 215 إلى 455 ريالاً مقابل الدولار الأمريكي، وهو ما صاحبه ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية تجاوز 100 في المئة ما ترتب عليه تضييق على معيشة معظم الأسر في عموم البلاد مع استمرار تدني مستوى الخدمات في مناطق الحكومة الشرعية وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين مع تسريح عدد كبير من موظفي القطاع الخاص وتراجع الاستثمار والتصدير واستشراء الفساد وبقاء الدولة بلا موازنة للعام الرابع على التوالي.

مقارنة بما كان عليه الوضع في بداية 2017 فإن معطيات العام 2017 تؤكد أنه كان الأسوأ اقتصادياً منذ بدء الحرب في اليمن في آذار/ مارس 2015، فقيمة الريال مقابل الدولار كانت في بداية العام 275 ريالا للدولار، ليفقد الريال مع نهاية العام 2017 أكثر من 50 في المئة من قيمته ما تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية بما يتجاوز مئة في المئة، فسعر الكيلوغرام من الأرز كان مع بداية العام 350 ريالا يمنيا ليصل حاليا إلى 800 ريال. وقالت منظمة أوكسفام في تقرير الوضع الإنساني في اليمن لعام 2017 الصادر مؤخراً أن 17مليون يمني من أصل 27.4 مليون نسمة بحاجة للمساعدة الغذائية و20.7 مليون شخص بحاجة للمساعدة الإنسانية و9.8 مليون شخص بحاجة ماسة و14.8 مليون شخص بحاجة للرعاية الصحية و15.7 مليون شخص بحاجة للمياه والصرف الصحي والنظافة و11.3 مليون شخص يحتاجون للحماية و2.9 مليون نازحون وعائدون.
 
نفق مظلم
 
المحلل الاقتصادي اليمني رئيس تحرير مجلة «يمن انفست» عبد السلام الدعيس قال لـ« القدس العربي»: إن انهيار الاقتصاد اليمني كان السمة الأبرز للعام 2017، والذي يتجاوز في تأثيره وتبعاته الحرب الدائرة منذ ثلاثة أعوام، وسط تجاهل أطراف الصراع لحجم الكارثة جراء إقحام لقمة عيش وحياة المواطنين في حربهم السياسية. وأضاف أن اليمن للعام الرابع على التوالي دون موازنة عامة، وأسعار العملة الوطنية تنهار بتسارع مخيف، فسعر صرف الدولار وصل إلى أكثر من 450 ريالا يمنيا، ارتفاعاً من 215 ريالا للدولار الواحد قبل الحرب، والبنك المركزي اليمني تخلى عن مسؤوليته تماماً في وضع حد لهذا الانهيار الذي لا يبدو له نهاية، منذ نقله إلى عدن من قبل الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي.
وتابع: وأسوأ من ذلك لجوء الحكومة إلى تغطية جزء من مرتبات بعض موظفي اليمن في مناطق سيطرتها عن طريق طباعة العملة بشكل متكرر، وتغض النظر أو غير قادرة على ضبط الإيرادات، التي تتحكم بها عناصر خارج الأطر المالية الرسمية، وهذا يقودنا نحو (أم الكوارث)، وهو مزيد من انهيار العملة المحلية.
وأوضح «أن أسعار السلع الجنونية والقيود المفروضة على الواردات وانكماش الانتاج الزراعي وتقلص النشاط الصناعي والتجاري وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كلها عوامل تؤكد أن الاقتصاد اليمني دخل في «نفق مظلم» لا يبدو أنه سيتعافى على المدى القريب حتى وان توقفت الحرب».
وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر لـ« القدس العربي»: « نحن توقعنا في بداية العام تحسنا نسبيا لاسيما مع استقرار بعض المحافظات (حضرموت ومأرب)، ولكن – للأسف الشديد – انهيار سعر الريال قضى على كل الآمال، إذ رفع التضخم بنسبة كبيرة. بالتأكيد زاد الوضع الاقتصادي سوءاً لاسيما في مناطق سيطرة الحوثيين جراء التوقف عن دفع المرتبات، وأيضاً حدثت اختناقات كبيرة في الخدمات في بعض محافظات تحت سيطرة الحكومة الشرعية».
 
كارثة 2018
 
وبناء على معطيات عديدة أفرزها العام 2017 قال المحلل الاقتصادي إيهاب الشوافي لـ «القدس العربي» إن استمرار تفاقم الآثار الاقتصادية على الأسر المُعدمة خلال العام 2017 سيجعل من العام 2018 كارثياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وأضاف أن الصورة تبدو أكثر قتامة عما كانت عليه في عام 2017، فالأسر المعدمة تنتمي في معظمها لموظفي الدولة ومعظم موظفي الدولة في اليمن بدون مرتبات منذ أكثر من عام، وهذا يفاقم من الوضع الاقتصادي لمعظم الناس في ظل انخفاض قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي، وتوقف معظم أشكال التصدير والاستثمار ما يضاعف من معاناة الاقتصاد العام، وهو ما ينعكس على حياة الناس.
وتابع: لا أخفي مخاوفي مما سيكون عليه الحال في عام 2018 ما لم تعمل المنظمات الإنسانية على مضاعفة تدخلاتها بالإضافة إلى الدول المانحة التي يجب أن تدرك دورها تجاه إنقاذ اليمن، وقبل ذلك فإن الحكومة والبنك المركزي اليمني مطالبان بشكل سريع بإعادة النظر في آليات تصحيح الأداء العام وتفعيل المهام الحقيقية للبنك المركزي على صعيد إدارة السياسة النقدية بفاعلية ومسؤولية وطنية.
ورأى الشوافي أن أزمة السيولة المحلية ساهمت في الحد من انهيار العملة اليمنية لكنها ليست حلاً، لأن الواقع الراهن يقول إن العام المقبل سيضيف مزيداً من الضغوط وسيتواصل معه انهيار العملة وستتضاعف الأعباء على كاهل الأسر الفقيرة التي تمثل غالبية الشعب في ظل استمرار تجاهل الحكومة لالتزاماتها الاقتصادية.
وحذر من أن العام 2018 سيمثل تهديداً واضحاً للأمن الغذائي في اليمن، لأن كل المعطيات التي شهدها عام 2017 تؤكد أن الحكومة لم تقدم شيئاً في مواجهة الفساد وتعزيز إجراءات الحماية الاقتصادية، إذ أن على الحكومة أن تتعامل مع الاقتصاد بمزيد من المسؤولية، لأن النتائج ستكون وخيمة جراء هذا التجاهل غير المسؤول تجاه إيجاد معالجات شاملة تعيد للاقتصاد بعض مفاعليه المهدرة وتعيد للعملة الوطنية بعض من مكانتها.
إلى ذلك يرى آخرون أن الحرب تفاقم من مشكلة تدهور قيمة العملة الوطنية لكن هذا لا يعني أن المشكلة ستحل بانتهاء الحرب وتوقفها، فاستقرار أي عملة يرتبط بعوامل عدة، اقتصادية، سياسية، تنظيمية، وأهم عامل هو الاقتصاد وشموليته لمجالات الانتاج والتصدير والاستيراد وبما يضمن تحقيق قدر ممكن من التوازن المعقول والمقبول، بالإضافة إلى أن مشكلة الاقتصاد اليمني هي مشكلة الفساد المزمنة مما غيب وجود الإدارة المالية والاقتصادية الكفء القادرة على وضع رؤى وطنية متكاملة.