أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Apr-2020

الدولة والاقتصاد والجغرافيا السياسية في عصر ما بعد كورونا*سامح المحاريق

 الراي

اضطر الرئيس الأميركي لإعلان موقف يتحيز لحياة الأفراد وسلامتهم، ويضع الاقتصاد في المرتبة الثانية، وحتى لو لم تكن كلمات الرئيس تعبر عن قناعاته فإنها تبقى مؤشراً مهماً يجب التوقف عنده، ويجب الاستعداد إلى العديد من المستجدات في عصر ما بعد كورونا، وتبنى ترمب مقولة بدأت تشيع بأن الاقتصاد يمكن إنقاذه أما حياة الناس فلا يمكن استعادتها.
 
بالمناسبة لم تكن الرأسمالية في علاقتها مع المجتمع بشكلها الراهن طوال الوقت، فأتى التحول إلى يوم عمل من ثماني ساعات ويومي عطلة في الأسبوع كان نتيجة لحظات صدام بين المجتمعات وأصحاب رأس المال، وكانت المسؤولية الاجتماعية للشركات تسوية أمام تنازلات قدمتها الدولة من أدوارها لمصلحة القطاع الخاص، وبما يعني أن هذه المسؤولية ليست ناتجة فقط عن شعور الشركات الإيجابي تجاه المجتمع، فالشركات في الحقيقة لا تشعر بشيء.
 
ذهبت التقديرات قبل أزمة كورونا إلى مزيد من الدور للشركات في مواجهة الدولة، وكان البعض يبشر بانتهاء عصر الدولة حتى أن بعضاً من فصوله أخذت تتشكل مع دخول شركة هاواوي الصينية للاتصالات في نزاع مع الحكومة الأميركية، ولكن الأخيرة من مدينة نيويورك والحاجة الملحة لتدخل الحكومة بكل ما لديها من إمكانيات في إنقاذ المدينة المنكوبة بالوباء، أعاد الدولة إلى موقعها، وإلى المطالبة بمزيد من التدخل.
 
مجلة الإيكونمست البريطانية اعترفت بدور الدولة الذي لا يمكن تعويضه في مثل هذه الظروف، ولكنها تخوفت من صعوبة أن تتخلى الدولة عن أي أرض تكسبها أمام القطاع الخاص، ويبدو أن المجلة المرموقة لم تلتفت إلى أن عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفاً على مستوى توزيع الأدوار، وأن الرأسمالية تلقت ضربة جديدة وأنها ستدخل في مرحلة جديدة من المراجعة.
 
من الصعب التكهن بطبيعة البنى الاقتصادية التي ستفرض نفسها بعد أزمة كورونا، وقد يكون الحديث عن أولوية التحول الرقمي متعجلاً بعض الشيء، فالعديد من المجتمعات بدأت تتطلع إلى إعادة بناء صناعات يمكن أن تسعفها في أوقات الأزمات، مثل الصناعات الطبية والدوائية والغذائية.
 
لو استمرت هواية التاريخ في تكرار بعض من فصوله، فمن المتوقع أن كورونا ليس النهاية، وأنه سيمهد لمجموعة من الصراعات الكبيرة نتيجة الزلزال الجيوسياسي الذي يضرب في الاتحاد الأوروبي وفي أميركا وشرق آسيا، وأصبح الحديث عن مجموعة من الحروب الصغيرة مطروحاً اليوم، ولذلك فدروس كورونا ربما تصبح على قدر كبير من الأهمية لعقود قادمة حتى يتشكل عالم جديد من المبكر جداً الوقوف على ملامحه.