أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Nov-2020

أهمية الثقافة المالية في مناهجنا*موفق ملكاوي

 الغد

في سعيها لإعداد أجيال قادرة على الوعي بالتحديات التي تحيط بها، تلجأ الأنظمة التعليمية المتقدمة إلى إخضاع الطلبة لمهارات تفكيرية متنوعة، من أجل رفع مداركهم، وفتح المجال واسعا أمام القضايا التي يمكن لهم التفكير فيها بانطلاق، وخارج الصندوق المحكم الذي تعيش فيه مجتمعات أخرى منغلقة.
في الحالة الأردنية، يغيب كثير من هذه المهارات عن المنهاج، لكن واحدا من ملامح التخطيط الواعي في مجال إعداد الأجيال، كان إقرار تدريس منهاج خاص بالثقافة المالية الذي بدأ في الأردن منذ العام الدراسي 2015 / 2016، ضمن الاستراتيجية الوطنية للاشتمال المالي التي أطلقها البنك المركزي لنشر الثقافة المالية في المجتمع.
وإذا كان الشمول المالي أو الاشتمال المالي مفهوما واسعا يسعى إلى الإدماج وفتح المجال للفئات المهمشة بالانخراط في النظام المصرفي من خلال الرقمنة، ويحتاج إلى سنوات طويلة لقياس الأثر الفعلي الذي من الممكن أن يحدثه في المجتمع، إلا أن ما يختص بالثقافة المالية للطلبة يظل أمرا أكثر سهولة، وقابلا للتحقق في مديات أقصر، خصوصا إذا تم تدريب وتأهيل معلمين مبدعين في هذا السياق، وقادرين على نقل المحتوى إلى الطالب، لا أن تظل العملية محكومة بآليات حفظ المادة، وإخضاع الطالب فيها لامتحان ينقل من خلاله المعلومة المحفوظة في ذاكرته إلى ورقة الإجابة.
يستطيع منهاج كهذا أن يؤهل الطلبة لتعلم قيمة المال وطرق كسبه وإنفاقه وتوفيره، أي إدارة الأموال، وهي العملية التي من الممكن أن تسهم في إنجاح الفرد؛ ماليا واجتماعيا، والتخطيط للمستقبل ضمن ضوابط علمية مقبولة.
تدخل الثقافة المالية للفرد في تكوين بنية فكرية اقتصادية سليمة، وذلك عن طريق معرفة الآليات العلمية للتخطيط المالي، وأسس الاستهلاك وكيفية اتخاذ قرار الإنفاق، والاستثمار، والإدارة السليمة.
إنه، ببساطة شديدة، مدخل إلى علم الاقتصاد، بما يشمله من إنتاج واستهلاك وائتمان وتوزيع، ونحن نستطيع إدماجه في مناهجنا بنجاح، وأن نعد طلبة واعين بهذه الجوانب المهمة. فمن الممكن أن يكون طلبة الصفوف المتوسطة قادرين، مثلا، على إعداد دراسات خاصة بقريتهم أو حيهم أو مدينتهم، تتحدث عن الاقتصاد المحلي، وتحديد أنماط الإنتاج فيها، وصولا إلى اقتراح آليات تطوير مستقبلية تتماشى مع ما هو موجود، ربما سيمكنهم هذا الأمر، في النهاية، من التمييز بين المجتمعات المنتجة والأخرى المستهلكة.
من الممكن، أيضا، إخضاع طلبة الصفوف الأولى لتجربة وخبرة تصميم ميزانيات خاصة بهم، لأسبوع أو شهر، والتعرف الى مفهوم العجز والوفر من خلال مراقبة يومية لمصروفاتهم، وما يطرأ عليها من تغيرات، للوصول إلى النتيجة النهائية من خلال العناصر الأساسية، وأعني بها الإيرادات والنفقات والعجز.
تقوم نظرية المدرسة السلوكية في علم النفس على افتراض أن أنشطتنا الإنسانية من حركة وتفكير وشعور، هي عبارة عن سلوكات، وأن الإنسان قابل للتغير عبر الزمن، وأن تغير السلوك يتحدد نتيجة لتغير البيئة، وأنه من الممكن فرض القابلية للمعرفة.
من هذه الأساسات يمكن لنا أن ننطلق في تعريض الطلبة للمفاهيم الاقتصادية الأساسية التي ستتكون معارف وخبرات في شخصياتهم، ما يمنح الأمل بتغيير اقتصادي على مستوى الفرد والمجتمع في المستقبل، فالثقافة المالية، بمفهومها الواسع، تحدد أبواب كسب العيش وأنماط الإنتاج التي من الممكن أن تتغير بشكل جذري كلما اتجهنا إلى العلم.
قلنا إن هذا من الأمور الجيدة التي تمت إضافتها إلى المنهاج الأردني، ما يفتح الباب لتطور المهارات المالية، وما يتعلق بها من أمور الاقتصاد الكامل، أو على نطاق أضيق في ما يختص بحياة الفرد الشخصية. لكن ثمة نواقص مهمة في مناهجنا لا ينتبه إليها المخطط، والتي من الممكن أن تمنح الطلبة تكوينا ثقافيا وفكريا متقدما، وأعني بها مهارات التفكير الإبداعي والنقدي والريادي. وللحديث بقية.