أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Nov-2018

مناقشات معدل قانون ضريبة الدخل*جمال المصري

 الراي-أيام قليلة تفصلنا عن استحقاق نقاش مجلس النواب لمعدل قانون ضريبة الدخل، ولكن يبدو أن الحكومة لم تعد في عجلة من أمرها أو أنها ترغب بتأجيل موعد هذا النقاش بقدر الإمكان. وقد يكون مردُ ذلك عدم رغبة الحكومة البدء في هذه المناقشات في ظل عدد من الملفات التي تواجه أزمة فيها حاليا، قد تكلفها تقديم تنازلات كبيرة من خلال القبول بعدد من التعديلات على مواد القانون التي طالما تمسكت برفضها لها واصرارها على عدم المساس بها. وقد يشمل هذا الرفض ما كشف عنه مقرر لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية التي تتولى إدارة سلسلة من النقاشات مع الفعاليات وممثلي القطاعات الاقتصادية المختلفة عن وجود مقترحات عدة لتعديل مواد مشروع القانون، خصوصا ما يتعلق بالشرائح والنسب الضريبية، والتي وصفها بأنها تصب في مصلحة المواطن.

 
من المفترض أن تكون الحكومة قد استفادت من تجربتها في جولات المناقشات في المحافظات، التي أسمتها بجولات الحوار، في أن أي حوار يجب أن ينتهي بتفاهمات يتفق عليها أطراف الحوار، وهو ما لا يمكن أن تصل اليها حلقات النقاش الترويجية عدا عن أثارها السلبية غالبا. إن المتتبع لمناقشات لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية مع مختلف الفعاليات الاقتصادية بما فيها النقابات بحضور دائم لفريق الحكومة المالي، لم يلحظ تغييرا على خطاب وطرح الحكومة عن طرحها الذي سبق إرسال القانون إلى مجلس الأمة، بينما يستطيع أن يلحظ طروحات قوية ومدروسة من معظم القطاعات، لاقت في أغلبها تأييدا من اللجنة النيابية، دون أن تلقى حججا قوية مقابلة من الحكومة.
 
فقد قدمت البنوك مقترحات قوية استنادا الى دراسة أعدتها جمعية البنوك تبرر عدم رفع الضريبة على القطاعات الإنتاجية وعدم معاقبة القطاعات الناجحة بما فيها البنوك واقترحت الاكتفاء بتعديل المواد التي تضمن معالجة التهرب الضريبي. وبالرغم من أني لا أؤيد رفع نسبة الضريبة على البنوك وعلى بعض القطاعات الأخرى، إلا أني أرى بأن البنوك قد تسرعت في تحذيرها بأنها ستقوم بعكس أي رفع لنسبة الضريبة عليها وضريبة التكافل المقترحة على أسعار فائدة الإقراض؛ وهو ما لا ينبغي كونها ضريبة تفرض على الأرباح ولا تزيد من تكلفة الأموال المعدة للإقراض، والغريب في هذا الشأن أن تتبنى الحكومة هذا الطرح وتكرره في أكثر من مناسبة. كما بدت محاولة البنوك أقل حماسا في رفض مضاعفة الضريبة المقطوعة على أرباح الودائع البنكية التي تعتبر مصدرا مهما لدخل كثير من الناس خاصة من كبار السن والمتقاعدين، بعيدا عن تأثيراتها على فرصها في استقطاب الودائع ومدخرات المواطنين.
 
وما كان لافتا أيضا مناقشات اللجنة مع هيئة الأوراق المالية والمستثمرين فيما يخص فرض ضريبة على توزيعات الأرباح النقدية والارباح الرأسمالية والمتاجرة بالأوراق المالية وصناديق الاستثمار المشترك وشركات الوساطة المالية، التي ستسهم في تعميق جراح السوق المالي الذي يشهد حاليا أسوأ أداء له منذ تأسيسه، وما قد يسببه ذلك في إحجام المستثمرين عن الاستثمار في السوق المالي وعزوف المستثمرين عن الاكتتاب في أسهم الشركات واللازم لتمويل المشاريع الاستثمارية للشركات.
 
إن الحديث عن هاذين القطاعين لا يقلل من أهمية مبررات وطروحات القطاعات الأخرى خلال تلك المناقشات التي لا تخلو من وجاهة، كالصناعة والتجارة خصوصا مع اقتراب الانتهاء من العمل بإعفاء الصادرات من ضريبة الدخل مع نهاية هذا العام. كما أن التوجهات بخصوص حدود الإعفاء والشرائح فيما يخص الضريبة على الأفراد والاستعداد لإجراء تعديلات بالتوافق مع اللجنة النيابية وصولا الى صيغة ترضي مجلس النواب غير واضحة، خصوصا في ضوء كثير من الملاحظات التي تتعلق بالعبء الضريبي الذي يتحمله المواطن وفرض الضريبة على إجمالي الدخل وليس صافيه بعد استبعاد اقتطاعات محقة كالمساهمات في الضمان الاجتماعي واقتطاعات التأمين الصحي والادخار وأي اقتطاعات أخرى محقة، وحقيقة أن 63% من رواتب الموظفين المحولة للبنوك تستخدم لتسديد القروض الحاصلين عليها، بالرغم من أن هذه الحقيقة قد قدمت كحجة لعدم رفع الضريبة على البنوك وليس على المواطن.
 
إن التطرق إلى تفاصيل بعض تلك المناقشات ما هو إلا للتدليل على معضلة تنتظر الحكومة في سعيها لتمرير القانون في وقت تتداخل فيه عدة ملفات حكومية ابتداء بأزمة وتداعيات حادثة البحر الميت، والاستعداد لإقرار موازنة عام 2019، بالإضافة إلى ملف تقرير ديوان المحاسبة والمخالفات التي تتعلق بعدد من قضايا التهرب الضريبي والتساهل الضريبي، الذي قد لا يشمله مفهوم التهرب في القانون، ما قد يزيد من الشكوك في جدوى مشروع القانون في محاربة التهرب الضريبي الذي تعتبره الحكومة أول الأسباب الموجبة لتعديل قانون الضريبة الحالي. ولأجل ذلك، ينبغي على الحكومة أن تذهب الى مجلس النواب متسلحة بالاستعداد للوصول الى تفاهمات مرضية مع المجلس واللجنة النيابية في ضوء تزاحم عدد من الملفات وحلول موعد كثير من الاستحقاقات التي لا يمكن تجاهلها وتأجيلها، وعدم التشبث مجددا بطرح ما عاد قابلا للإقناع أو القبول وهو الرغبة في إقرار القانون كما ورد من الحكومة بحجة أن ذلك يرضي الصندوق ويلبي مطلبه، وهذا ما لمح له مسؤولان اقتصاديان بالتعبير عن تمنيهما بأن يمر القانون كما جاء من مجلس الوزراء.
 
لعله من غير الواقعية بمكان في ظل الأجواء وتشابك الملفات وتعقيدها، تخيل وافتراض بأن القانون يمكن أن يمر بدون تعديلات أساسية ودون القبول بصيغة توافقية مع اللجنة النيابية أولا ومع مجلس النواب ثانيا. كما ينبغي على الحكومة عدم الشعور بالحرج فمسؤوليتها انتهت لحظة أن أرسلت القانون الى مجلس النواب. وإن كان من جهة يجب أن تشعر بالحرج فهو صندوق النقد وبعثته إلى الأردن الذي يجب ان يحترم ما ستتفق عليه مؤسساتنا التشريعية الديموقراطية والذي سيوشح بالإرادة الملكية السامية، وإلا فإن الصندوق سيكون محاطا بالشكوك والاتهام في مهنيته وصدقيته وفي تشدده الذي سيكون غير مبرر بالمطلق إذا ما استمر. إن احترام القرارات الديمقراطية واجب على الجميع افرادا وحكومة ومؤسسات. وعلى الحكومة توقع كل شيء وأن تأتي بسيناريوهات هاجسها المشترك احترام قرار مجلس الأمة باعتباره أقوى موقف تفاوضي مع الصندوق وأي مؤسسة أخرى.